«أكشاك» مصر للفتاوى… لإبعاد الاسلام السياسي

ماذا يقول علماء لبنان السنّة عن "أكشاك" مصر للفتوى؟

على أرصفة مترو «الشهداء» في ميدان رمسيس الحيوي، وسط القاهرة، العاصمة المصرية، حيث ينتظرالآلاف يوميّا، ظهرت «أكشاك» خاصة بتقديم الفتاوى الدينية الشرعية وبالمجان في 64 محطة مختلفة.

إقرأ ايضا: شيخ الأزهر: السلفية السعودية ليست من أهل السنّة

فمن خلال «بروتوكول» تعاون بين “مجمع البحوث الإسلامية” التابع للأزهر، و”هيئة مترو الأنفاق” بمصر، في خطوط سيره الثلاثة بالقاهرة الكبرى، والتي تضم مدن كالقاهرة، والجيزة، وشبرا الخيمة، وذلك في شهر رمضان الفائت.

ودفع نجاح الفكرة، الى تطويرها الى اتفاق يتضمن وجود مكان ثابت لأعضاء المجمع داخل المحطات، ليقدموا الفتاوى للمواطنين، في تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي والاسلامي.

هذه الخدمة تأتي ضمن جهود المجمع لمواجهة الفتاوى التي تنشرها تيارات متطرفة عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تقديم فتاوى طوال النهار. والإقبال بدا كبيرا جدا اذ يستقبلون في الفترة الواحدة أكثرمن40 طلب فتوى.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هو تعويض عن فراغ تركته الحركات المتطرفة؟. اعتبر الشيخ إياد عبدالله ان “هذه مراكز فتوى، ربما هي بنظر بعض المسؤولين بالازهر باب من أبواب اعادة دور الازهر القائم على الفتوى، انطلاقا من المذاهب المعروفة بعيدا عن الفتاوى الحديثة التي خرجت على اصول المذاهب تحت شعار العودة الى الكتاب والسنة فأثرّت على الشارع الاسلامي من خلال فوضى الفتاوى. ونحن نعرف اكثر انه منذ أكثر من 100 عام تم العمل على تحجيم دور الأزهر من قبل جماعات اصطلح على تسميتها بالاسلام السياسي والتي ساهمت بالخلط بين الموقف الديني والفتوى من جهة، والموقف السياسي من جهة ثانية، وما يقوم به الازهر هو اعادة ضبط موضوع الفتوى بما يتوافق مع النصوص السنيّة من المذاهب الاربعة”.

و”مطلوب في هذه المرحلة، خاصة بعد ان تم استغلال الاسلام السياسي في الربيع العربي لضرب المجتمع العربي، وقد رأينا ان مدنا عريقة اسلامية تم تدميرها بشعارات اسلامية ضخمة لا قدرة لها على استيعاب المرحلة”.

“علما ان موضوع مراكز الفتوى موجود ليس فقط في مصر، بل رأيناه في السعودية، وهي اشبه غرف صغيرة مجهزة بادارة شيخ او اكثر تتولى الاجابة على اسئلة المؤمنين، لكن الناس سموها اكشاكا لاعتبارات معينة، اذن قضية المراكز هذه هي وجهة نظر تبناها الازهر ليكون لها دور ايجابي على المسلمين المتدينيين، ووجهة نظرهم قد تكون مصيبة وقد تكون خاطئة. لا مشكلة، المهم اليوم هو اعادة الدور للازهر الذي سعى الاستعمار جديا لضرب وسطيته لمصلحة الاسلام السياسي والذي يتم استغلاله لخدمة المصالح الغربية باسم الاسلام”.

ويرى الشيخ عبدالله، ردا على سؤال، حول ماذا لو طلبت الكنيسة وجود كرسي لكاهن بجوار كل شيخ لتقديم الفتوى للمسيحيين” ان “هذا كلام سياسي. فدولة مصر هي دولة مدنيّة، ولا فرق بين المجتمع الاسلامي والمجتمع المسيحي الذي يعاني من التطرف ايضا. فاذا استطعنا ان نوجد مراكز جديدة تعلم المسلمين اخلاق الاسلام وتوصل لهم سماحته فان ذلك لن يضر الدولة المدنيّة ولن تضر المسلمين ولا المسيحيين، بل بالعكس يخدم المسيحيين والمسلمين الذين يدفعون ثمن الارهاب”.

لكن أين اهتمامات الانظمة العربية بقضايا الناس الاقتصادية بدل توجيه النظر صوب هذه القضايا؟ يرى الشيخ اياد عبدالله انه “بالنسبة للوضع الاقتصادي هذه المراكز تؤمن فرص عمل لمجموعة من رجال الدين حتى لا تأخذهم الجماعات المتطرفة، طبعا الاقتصاد المصري غير قائم عليهم، وان كان للازهر دور، لكن هذه المراكز ستؤّمن مئات فرص العمل، للعلماء، وهذا يجعلهم مستقلين عن الحركات الاسلامية المتطرفة التي تستغل باموالها علماء الامة”.

إقرأ ايضا: مجاهدو الفتاوى وكسرُ ’بيضة الإسلام’

الشيخ ماهر حمود

من جهة أخرى، اعتبر العلامة الشيخ ماهر حمود “انها المرة الاولى التي اطلّع فيها على الموضوع. ومن حيث المبدأ اظن ان المسألة ليست في الشكل، بل في المضمون. خاصة انه في شهر رمضان المبارك قد يكون العمل متسرّعا، اما اذا استمر هذا العمل، بغضّ النظر عن اخطاء الحركات الاسلامية، هو أمر ايجابي. والشعب العربي عنده تمسّك بالدين. وهذه خدمة جميلة من حيث المبدأ، ولا اعتراض على الشكل، بل يجب ان يكون سليما. والمهم الا يقارب علماء الازهر السياسة”.

و”بالموضوع السياسي، للاسف لا ينضبط موضوع الفتوى، والسلطة محكومة للتوازنات اذا لم تطلّ الفتوى الدينية. حتى لو كانت هذه الاكشاك ذات طابع تجاري. هذه الاكشاك مفيدة لان ليس كل الناس تحمل هواتف لتسأل من هم أهل لذلك”.

ويضيف سماحته يمكن ان “من يجنّد الارهابيين موجود في المجتمع، ومن جنّد الارهابيين موجود بين الناس في المترو، وفي القطار، وهذه الاكشاك تمنع تواصل الناس مع المتطرفين الارهابيين على الاقل”.

إقرأ ايضا: الازهر يطرح مبادرة للتقريب بين السنة والشيعة

ويعتبر سماحته في رد على السؤال حول دافع السلطة جراء ذلك، هل لالهاء الناس بهذه القضايا بعيدا عن أزمة مصر الاقتصادية، يقول سماحته، ان “ايّ عمل هو غير جيد اذا اساء الانسان الظن به. والاحتمال موجود، لكن لنتكلم عن الخلفيّات التي لا نملك الوصول اليها، ولا اتصوّر ان الموضوع بهذا الشكل. لنُحسن الظن، ولا ادري ان كان القرار هو من الأزهر ام من المؤسسة السياسية؟”.

السابق
أوصي الشباب بـ«الحب»
التالي
عنتريات في «الجرود» وخروج مهين من جنوب سوريا