سلسلة الرتب أقرت والغموض يلف مصادر تمويلها

تم امس في مجلس النواب اللبناني اقرار سلسلة الرتب والرواتب بعد سنوات من الانتظار، وذلك دون الكشف عن مصادر تمويلها، وبالتالي عن الثمن الذي سيَدفعه المواطن بعد هذه الخطوة؟

كتبت صحيفة الديار “بعد «مخاض» عسير استمر اربع سنوات، خرج «الدخان الابيض» من المجلس النيابي، اقرت سلسلة «الرتب والرواتب»، رفع الرئيس نبيه الجلسة الى الحادية عشرة من صباح اليوم بعدما اقرت جميع البنود الاصلاحية وتمت اعادة صياغة بعض موادها، فيما يستكمل النقاش اليوم بالبند الثاني المتعلق بتمويل السلسلة والتي ستبلغ تكلفتها بعد ثلاث سنوات 1772مليار ليرة…وهذا ما يفتح باب التساؤلات والمخاوف على مصراعيه، حول كيفية تأمين الايرادات لتغطية التكلفة؟ عدد كبير من النواب «عضوا على الجرح» ولم يتجرأوا على عرقلة «السلسلة» على «ابواب» الانتخابات النيابية، رغم ادراكهم ان «درب جلجلة» تأمين الاموال قد بدأ للتو، في ظل مخاوف جدية من الغرق اكثر في «مستنقع» الاستدانة والعجز”.

اقرأ أيضاً: دائرة بعبدا: الشيعة بيضة القبّان وجنبلاط حليف حزب الله المحتمل !

وصرح الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ”النهار” “بأن فصل السلسلة وخطّة الكهرباء الإنقاذية عن الموازنة يخفي العجز الحقيقي للموازنة، خصوصاً أن الواردات الآتية من الموازنة لا تُطبّق إلا على خمسة أشهر من السنة، وتالياً فإن العجز الحقيقي سيتجاوز سبعة مليارات دولار في 2017 وذلك خلافاً لما ورد في مشروع الموازنة الذي لحظ عجزًا بقيمة 4.8 مليارات دولار. وقال إن للضرائب تداعيات سلبية على النشاط الاقتصادي: التضخم، وتقليص القدرة الشرائية ورفع الفوائد، مما سيضرب النمو الإقتصادي. كما أن ضخ ما بين 1200 و1700 مليار ليرة في الاقتصاد سيرفع حتماً الأسعار نتيجة عامل التضخم، مما سيقلص القدرة الشرائية للمواطن التي قد تصل إلى 50% في بعض الحالات، مثل أقساط المدارس التي أعلنت أنها سترتفع بنسبة 27% في حال إقرار السلسلة من دون مفعول رجعي و50% اذا أُقرّت مع مفعول رجعي. وسيشكل التضخمّ ضغظاً على الليرة اللبنانية التي ستدفع مصرف لبنان إلى الدفاع عنها وتالياً ستكون هناك كلفة تفوق الـ150 مليون دولار شهرياً، وهذا الأمر غير صحّي لليرة ولا للإستثمارات التي ستتأثر حكماً بارتفاع الكتلة النقدية”.

وبرأي صحيفة اللواء انه “بقدر ما فتح إقرار السلسلة الباب على تسريع إقرار الموازنة العامة، نظراً للتلازم بين الموازنة والسلسلة لا سيما وأن جزءاً من التمويل يدفع من المادة 20 من الموازنة. بدأت الحسابات المالية انطلاقاً من المبالغ التي ستتراكم في السنوات المقبلة، في ضوء تزايد اعداد المتقاعدين، حيث سيبلغ في السنوات الخمس المقبلة عدد المتقاعدين المستفيدين الـ100 ألف موظف مدني وعسكري، بحيث تشكّل الرواتب للموظفين والمتقاعدين ثلثي الموازنة العامة، يتوزع الباقي بين تغطية عجز الكهرباء وخدمة الدين العام، مما جعل وزير المال يعلن صراحة الاتجاه إلى وضع نظام جديد للتقاعد.
ومهما يكن من أمر التقديرات للاجراءات الضريبية بدءاً من رفع 1٪ على القيمة المضافة إلى رفع الضرائب على فوائد وعائدات الحسابات المصرفية لغاية 7٪ وتحديد رسم على عقود البيع العقارية الممسوحة بنسبة 2٪ يحتسب على أساس ثمن البيع، إضافة إلى رسوم ضريبة أخرى واردة في مشروع تمويل سلسلة الرتب والرواتب، فإن صدمة إقرار السلسلة ستخيّم على جلسة التمويل اليوم في ظل امتعاض الهيئات الاقتصادية ومخاوف الحركات النقابية من رسوم تكون بأخذ باليد اليمنى من اعطي من زيادات باليد اليسرى.
وهكذا راحت «سكرة» إقرار السلسلة مثلما كان مرسوماً لها، عبر التفاهم السياسي الذي عمل على اخراجها بسقف لم يتجاوز الـ1336 مليار ليرة، أي بزيادة 100 مليار فقط، بما فيها الزيادات التي ستعطى للمتقاعدين بعد تجزئتها على ثلاث سنوات، ويفترض ان تجيء اليوم فكرة البحث في الإيرادات، أي البحث في مصادر التمويل، وهي النقطة الأكثر إثارة للتوتر في الشارع، الذي شهد مساء مجموعة تحركات احتجاجية للمنظمات الشبابية والطلابية ومجموعات الحراك المدني رفضاً للضرائب التي يشملها مشروع السلسلة، وتقع في 19 بنداً وابرزها: رفع الضريبة على القيمة المضافة بمعدل 1 في المائة لتصبح 11 في المائة. وفرض رسوم على المغادرين براً وجواً، ومعالجة الاشغال غير القانوني للاملاك العامة البحرية (البند 13)، بالإضافة إلى تعديلات على قانون ضريبة الدخل لاخضاع أرباح شركات الأموال لضريبة نسبية قدرها 17 في المائة، و7 في المائة على فوائد وعائدات وايرادات الحسابات الدائنة المفتوحة لدى المصارف وفوائد وعائدات الودائع وسائر إلتزامات المصارف بأي عملة كانت، وحسابات الائتمان وإدارة الأموال وشهادات الايداع وسندات الخزينة.

السلسلة
ويفترض ان يناقش هذا الجزء من مشروع السلسلة بعد حذف البنود التي كانت أقرّت في جلسة 16 آذار من العام الماضي، والتي رفعت قبل إقرار المشروع كاملاً، بفعل تسريب بيان عن ضرائب ورسوم تبين انها لم تكن موجودة في حينه.
وهكذا تكون الحكومة، ومعها قطاعات واسعة من الموظفين والاساتذة والمتقاعدين قد ارتاحت من ضغوط المطالب الشعبية، بعد خمس سنوات من الأخذ والرد والتجاذبات والتحركات في الشارع، الا ان الوضع المالي سيبقى تحت دائرة الرصد قبل معرفة تداعيات السلسلة على الوضع المعيشي، وما إذا كان سيحدث غلاء في الأسعار ونمط العيش، ولا سيما على صعيد أقساط المدارس الخاصة، وأسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية.
وبلغت قيمة السلسلة الاجمالية 1300 مليار ليرة أي بزيادة عن السقف الموضوع في الموازنة مائة مليار للسنتين القادمتين، على ان تصبح في العام 2019 مع احتساب الزيادة للمتقاعدين ما يزيد عن الـ1700 مليار.

اقرأ أيضاً: متى تنتهي حفريَات الشويفات أم أن حفرة المواطنين أسرع ؟

ولم تخل المناقشات من السجالات التي كان اعنفها ما حصل بين الوزير خليل والنائب إبراهيم كنعان حيث استخدمت بعض العبارات النابية التي طلب الرئيس برّي شطبها من المحضر بعد ان تدخل بشكل قوي على خط فض هذا الاشتباك على خلفية كلام نسبه الوزير خليل للنائب كنعان يتعلق بالوفر في الموازنة فاق المئة مليار ليرة، وهو ما وصفه وزير المال «بالمزحة» والذي لم يرق لكنعان، وقد دخل على خط التوفيق بين الجانبين نواب في «حزب الله» والنائب جورج عدوان الذين نجحوا باتمام المصالحة قبل الجلسة المسائية بمباركة من رئيس المجلس.
وكان للرئيس فؤاد السنيورة مداخلات في كل شاردة وواردة وفي كل تفصيل وهو أكّد ان جوهر الاستقرار النقدي يكون في تأمين التوازن بين المصاريف والايرادات، مشدداً على انه ليس في الابتسامات تحل المشكلات.
ونفى الرئيس برّي صفة الشعبوية على إصرار البعض على إقرار السلسلة «الموجودة منذ خمس سنوات ولم يكن آنذاك يوجد انتخابات».

السابق
بالفيديو: يوم «الغضب الفلسطيني» في القدس
التالي
الجلسة التشريعية انتهت…وهذا ما تقرّر