فضيحة «الإحصاء المركزي» والهدر الموصوف في لبنان

محاربة الفساد
لا يزال الفساد في ديارنا متفشيا.. من جميع الجهات، فساد اداري وصناعي وتربوي واعلامي وسياسي.. اضافة الى الفساد الاخلاقي.

خلال مناقشة موازنات الوزارات كان لافتاً التوقّف عند كلفة عقود الايجارات المبرمة من قبل الوزارات او الادارات الرسمية. ويوم امس بالذات، شهدت لجنة المال والموازنة تطورا بارزا، اذ عمدت هذه اللجنة الى وقف عقد ايجار ادارة رسمية تبين انها استأجرت مبنيين في الوقت نفسه بكلفة خيالية وبنود جزائية قاسية، في حين انها تشغل مبنى واحدا في الوقت الحالي، وتنتظر منذ عام ونصف الانتقال الى المبنى الآخر.

إقرأ أيضا: الفساد في لبنان أصبح طريقة حياة وليس آفة

والفضيحة تتناول عقدا ايجار لمبنيين لدائرة الاحصاء المركزي التابعة لرئاسة الحكومة تبلغ قيمتهما (مليارا و926 مليون ليرة) وطالبت باحالتهما على التفتيش والنيابة العامة المالية، بعدما تبيّن لها أن قيمة العقد الاول، في منطقة القنطاري، والبالغة مليارا و١٠٠مليون ليرة، مرتفعة جدا ولا تتناسب مع مضمونه، ويتضمن بندا جزائيا عن كل يوم تأخير يصل الى 3500 دولار.

اما العقد الثاني وهو في منطقة الحدث، فهو قائم على بناء غير منجز والدولة لم تستلمه حتى الساعة بعد سنة ونصف من دفع الايجارات. وفي عملية حسابية بسيطة، نجد ان الحكومة دفعت لغاية اليوم اي منذ 1-1-2016 لغاية 1-6-2017 حوالي مليون و800 ألف دولار غرامات تأخير فقط!

ولبنان هذا البلد الصغير ديموغرافيا وجغرافيا يتخطى الحدود بفساده سواء في القطاع العام او الخاص. والفساد فيه له وجوه عديدة:

اولها: مجلس النواب الحالي مدد لنفسه 3 مرات، وهو بذلك لا يحق له التشريع ويجب الطعن في قراراته أمام المجلس الدستوري.

ثانيها: قانون الانتخاب الذي تم تأخير البت به لفترات طويلة الى ان تم اقرار قانون مسخ غير عادل، وبحسب مصالح الزعماء السياسيين.

ثالثها: محاربة الهدرالمستشري في مؤسسات الدولة وإنهاء السرقات المشهودة يبقى كلاماً. ففاتورة تهّرب التجار من الضريبة في بور بيروت تتجاوز المليار و900 مليون دولار في السنة٬ اضافة الى مئات ملايين من الدولارات في المطار عبر المنطقة الحرة او عمليات التهريب أو التلزيمات التي لا تجرى لها  أية مناقصات.

رابعها: الكهرباء فقد بلغ العجز فيها ملياري دولار في السنة٬ علما أن ثلث الدين العام الذي تجاوز 75 مليار دولار٬ مرتبط بخسائر الكهرباء. فقد دفع لبنان مليار و200 مليون دولار قبل أربعة أعوام لمعالجة مشكلة الكهرباء دون أية نتيجة.

خامسها: التهريب الى سوريا الذي أهلك جميع القطاعات، مما يهدد المعامل والمصانع اللبنانية.

سادسها: حشو إدارات الدولة بموظفين على سبيل التنفيعات. وقد كشفت امس “قناة الجديد” عن حجم الرواتب المدفوعة لموظفين لا يعملون.

إقرأ ايضا: بعض مواقع الفساد في لبنان

سابعها: اقفال 388 مصنعاً بين عامي 2012 و٬2015 مما جعل تمويل سلسلة الرتب والرواتب للموظفين والاساتذة في خبر كان وهي التي لا تحتاج الا لمليار دولار.

فالى اين تسير دولة الفساد في لبنان؟ ومن سينقذ المركب من الغرق المحتم؟ ولمحاربة هذه الآفة تنشط في البلد عدة جمعيات، لكن جهدها يظل قاصرا، نظرا لان المسألة اصبحت ثقافة يومية في حياة اللبنانيين.

السابق
بالصور: مجلة سيدتي تزيل الصليب عن رقبة نجوى كرم!
التالي
في عرسال… رائحة البارود تهب من يبرود