مأساة محمد دندش الذي ثأر من الجيش بعد قتل ابنه

يبدو ان قصور الدولة عن لعب الدور المنوط بها بحماية المواطنين من جهة وحسن اداء المؤسسات العامة من جهة اخرى يؤدي في حالات عدة الى تمزق في النسيج الاجتماعي ويدفع الثمن مواطنون عاديون.

يقضي محمد دندش (ابو قاسم) معظم وقته شاردا يفكر بحجم الخسارة التي اصابته مطلع هذا العام، خسر ابنه علي (19 عاما) عند حاجز للجيش، واختفى ابنه الثاني يوسف (21 عاما) بعد الاشتباه بقتله للمجند محمد راضي الذي اطلق النار على أخيه. محمد دندش ترك منزله ويعيش وعائلته في غرفة في جرود الهرمل.

إقرأ ايضا: «بيدر» العشائر «لا يطابق» حساب حقل.. ألغام «حزب الله»

ألم ابو قاسم لا يقتصر على ذلك، بل يتجاوز الى موقف عشيرته آل دندش من حادثة مقتل ابنه علي الذي قضى في الرابع عشر من كانون الثاني 2017 اثناء مروره وشقيقه يوسف ومحمد ناصر الدين امام حاجز للجيش اللبناني في منطقة الهرمل.

يروي ابو قاسم ما حصل: “كانوا مجموعة في سيارة رانج روفر مظلّلة وتحمل اوراقا قانونية وكان بحوزة ابني رشاش حربي مرخص قانونيا خففت السيارة من سرعتها حتى يسمح لها الحاجز بمتابعة السير وبعد ان تجاوزوا الحاجز بـ15 مترا، سمع ابني يوسف صوت الجندي يطلب من السيارة التوقف واطلق رصاصتين استقرت احداها برأس علي، سارع صديق ابنائي من آل ناصر الدين الى تسليم نفسه خوفا من اطلاق النار عليه مجددا فيما فرّ يوسف”.

ويضيف: “حضرت الى مكان الحادث ولو كنا ننوي الثأر لقمنا به مباشرة، لكننا انتظرنا الدولة لتحصل حق ابني وتكون عادلة. بعد الدفن حضرت وفودا عدة للتعزية، ومن عاداتنا اننا لا نقفل ابوابنا بوجه من ياتي للتعزية، للاسف لم يأت احد من آل راضي للتعزية، حضر وفد من الجيش اللبناني برئاسة العميد ملك شمص وآخر برئاسة مفتي بعلبك ولم يتم التحدث عن اية مصالحة او تقديم اية دية”.

ويزيد: “كل ما طالبت به ان تقوم الدولة بالاقتصاص من قاتل ابني واتخاذ الاجراءات القانونية بحقه، لكن ذلك لم يحصل. لا عداوة بيننا وبين الجيش، ابناؤه هم ابناؤنا، انتظرنا الاجراءات، لكن القاتل عاد يمارس حياته العادية”.

يصمت لحظات قبل ان يستطرد: “تألمت اكثر بعد صدور بيان العشيرة الذي تضمن موقفا بان عشيرتنا آل دندش التي اجتمعت ودرست الوضع، واعلنت ان اية مصالحة لم تحصل، وان الوفود اتت للتعزية فقط وان المبادرات التي قام بها الجيش ادت الى اعلان والد المرحوم علي موقف المسامح اتجاه الجيش وقيادته. وان ما اقدم عليه احد ابناء العائلة (ابني يوسف دندش)، بقتل المجند محمد راضي يناقض موقفنا من الجيش وقيادته ويتعارض مع القيم والاعراف التي يتمسك بها آل دندش. لذلك قررت العشيرة العمل على تسليم القاتل للعدالة ورفض وجوده في اماكنها وملاحقته ومعاونة السلطات على توقيفه وتقديمه للعدالة”.

إقرأ ايضا: جمعية تجمع ابناء بعلبك: حذار من الانجرار وراء الفتنة المذهبية

حادثة ابي قاسم دندش تطرح نقط للنقاش منها الحماية التي تقدمها الدولة لابناء المؤسسات الامنية خلال قيامهم بواجباتهم ومراقبة سلوكهم تجاه المواطنين وعدم انتهاك حقوقهم الانسانية. ونقطة اخرى تتعلق بالعلاقات العشائرية وامكانية حصول خروقات في البنية الاجتماعية لها الا اذا تأكيد لما تداول به البعض بان موقف عشيرة آل دندش الاخير هو من أجل حصول احد وجهاء ابنائها على مقعد نيابي ينوي ان يترشّح اليه في الانتخابات القادمة.

السابق
الصحافة الاسرائيلية: «حزب الله» يبيع ممتلكاته..
التالي
ملف النزوح السوري يثير عاصفة تهدّد بانقسام سياسي