دفعة سعودية للحريري

توحي اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة سعد الحريري في المملكة العربية السعودية، بأن هناك أموراً تتغير إيجاباً بالنسبة إليه. حضوره صلاة العيد إلى جانب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، واستقباله في قصر الصفا، بحضور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، له دلالات سياسية ومعنوية. لا شك في أن اليمن يعتبر أبرز الأولويات والاهتمامات السعودية في هذه المرحلة، واستقبال الحريري مع هادي رسالة بأن السعودية تولي لبنان اهتماماً خاصاً، وبأنها لن تتخلى عن حلفائها فيه كما هي الحال مع هادي. في العيدين السابقين، الفطر والأضحى، لم يحضر الحريري الصلاة التي حضرها الملك السعودي، هذا العيد جاء مختلفاً، خصوصاً بعد الكلام عن دفع مستحقات موظفي سعودي أوجيه خلال فترة سريعة.

اللقاء الأهم، هو الذي عقده الحريري مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إذ تشير مصادر متابعة لـ”المدن” إلى أن اللقاء كان أكثر من من إيجابي، وتخلله بحث في آخر التطورات، وتعزيز أطر التنسيق والتعاون بين السعودية ولبنان، وتعزيز الوضع السياسي والمالي لرئيس الحكومة. وتؤكد المصادر أن بن سلمان، أكد للحريري الحرص على عمق العلاقة معه وتعزيزها. وتنقل المصادر أن الموضوع الأهم، كان الملف المالي، الذي جرى تأكيد إيجاد الحل المناسب له في مهلة أقصاها آخر شهر تموز 2017، الموعد الذي حدد لإنهاء شركة سعودي أوجيه.

وتتحدث المصادر عن أن الحريري يريد سداد مستحقات الموظفين في الشركة، والتي تبلغ نحو مليار دولار، ستكون مسددة من الآن حتى الآخر من تموز. ولا تتحدث المصادر عن وضوح في المدفوعات الأخرى المتوجبة على الحريري، لاسيما الديون التي اقترضت من المصارف، لافتة إلى أنها قد تحلّ أيضاً في القريب العاجل، لأن ما تريده السعودية هو إراحة الحريري من الأعباء المالية، لأجل إطلاق يده في العمل السياسي واسترجاع قوته في لبنان. وهذا ما بدأه الحريري شعبيّاً من خلال جولاته في المناطق في رمضان، وبدأه سياسياً خلال لقائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قبل أيام، على أن يلتقي الحلفاء القدامى الآخرين في الأيام المقبلة.

إقرأ أيضاً: جرائم القتل تفجّر فتنة في «البيت الأزرق»: هل تجاوز المشنوق الحريرية؟

تفسر المصادر هذه التطورات، بأنها نتاج حيوية جديدة لدى القيادة السعودية الجديدة، لافتة إلى أن إزاحة الأمير محمد بن نايف عن الحكم، تعني إزاحة عوائق أساسية من طريق الحريري. وهذا ما سيظهر في الأيام المقبلة. وإذا ما حصل ذلك، يعني أن هناك دينامية جديدة ستطلق على الصعيد اللبناني. وهذا ما أكده ولي العهد السعودي الجديد للحريري، حين قال له إن العلاقة معه أعمق من أي اهتزازات، وأنه الشخصية اللبنانية التي لا يمكن تخطيها، والشخصية الأولى على الساحة السنية، مع احترام الأفرقاء الآخرين وضرورة التشاور والتنسيق معهم. وبحسب المصادر فإن العاهل السعودي، يتعاطى مع الحريري على قاعدة الأبوة. وتلفت المصادر إلى أن هذه العلاقة الجيدة، تعود إلى علاقة الملك سلمان بالرئيس رفيق الحريري، حين كان الملك أميراً للرياض. وفي تلك الفترة، أسدى الحريري خدمة كبيرة للملك سلمان من دون الإفصاح عن ذلك. واليوم يعتبر الملك السعودي أنه يريد أن يكافئ الحريري على ما فعله والده.

إقرأ أيضاً: محمد بن سلمان: ماذا تعرف عنه؟ 

هذه الإيجابيات التي ينتظرها الحريري، ستنعكس على وضعه في لبنان، وعلى تحضيراته للانتخابات النيابية. وهو ما بدأ العمل عليه فعلياً، وسيكون له تأثير على نظرة الحريري للتحالفات المقبلة، إذ إنه سابقاً كان يستعد لعقد تحالفات مع بعض الوجوه السنية في بعض المدن والمناطق لضمان الفوز. أما اليوم فإن هذه الوجهة ستتغير، لتقتصر على بيروت. وهذا يبقى مجرد احتمال وليس أكيداً ونهائياً أن يبرم الحريري تفاهماً إنتخابياً مع المهندس فؤاد مخزومي، لأجل عدم التعرض لأي إختراق، وتلفت المصادر إلى أن حتى هذا التفاهم قد لا يحصل. أما في شان البقاع الغربي، فتجزم المصادر أن الحريري لن يتحالف مع الوزير السابق عبدالرحيم مراد، وهو تلقى رسالة منه بهذا الصدد لكنّه رد عليها سلبياً. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس، والوجوه السنية الأخرى. وهو يعتبر أنه في النظام النسبي، ليس من مصلحته التحالف مع أحد سنياً، بل خوض الانتخابات على قاعدة تستقطب الجمهور، سياسياً وإنمائياً. وهذا ما سيفعّله في الفترة المقبلة.

السابق
أصالة: ممنوع كون حرّه؟ ممنوع طالب بالعدل؟
التالي
في طرابلس حتى البوركيني ممنوعاً: البحر ليس للمحجبات!