فقراء لبنان.. «شوفوهم بقلبكم وعينيكم كمان»

فقراء
منذ انطلاق شهر رمضان لهذا العام، انطلقت الولائم من كل حدب وصوب. وفي جولة سريعة على المطاعم في بيروت والمناطق نرى مشهدا جميلا يزاوج بين الازدحام والفرح على الوجوه الضاحكة والمرحة على العكس مما هو الواقع المخبوء في البيوت.

ففي دورة على المحطات التلفزيونية في برامجها الصباحية نصطدم بلقاءات مع مواطنين في الشارع عبر ما يعرف بـvoice peop  لا نسمع الا الشكوى من الغلاء والبطالة.

إقرأ ايضا: الفقر والبطالة في لبنان.. سببهما «فساد سياسي»!

لكن من نسمع شكواهم عبر الشاشات، ليسوا بالاكثر فقرا الذين افتتحت لهم وزارة الشؤون الاجتماعية بابا للتظلم والشكوى ومنحهم بطاقة قد لا تغنيهم من الجوع والمرض، خاصة ان هذا البرنامج مدعوم من السفارة البريطانية ومن برامج أوروبية أخرى.

لم ينته الفقر في لبنان، ولن ينتهي، بل سيزداد. خاصة ان ثمة اوجاع مكتومة تئن بصمت في بيوت مظلمة، رب العائلة فيها مريض او معاق او احد اطفالها الذي يعاني من مرض يحتاج الى ملايين الليرات للعلاج.

فالفقر يترافق مع المرض، والعوز يمشي مع العاهة. ولكن لا أحد يطرق هذه الابواب المخبئة في عتمة الكرامة، لان بعض المحطات لن تجد سبيلا الى بهجة مصطنعة حتى تضيئ عليها.

إقرأ ايضا: يتراجع عالمياً ويتقدم محلياً: ثلث لبنان تحت خط الفقر

خرجت المؤسسة اللبنانية للارسال، ربما، كأول محطة لبنانية لتعلن عما يسمى (تيليتون) لتمد يد العون الى طفل مريض أو ام أو اب يحتاج علاجه الى مبالغ طائلة، مستخدمة اسماء اعلامية وفنية معروفة للتواصل مع المحسنين.

ولحقتها فيما بعد المحطات الأخرى من الـ”أم تي في” الى “الجديد”. ولكن وبعد ارتفاع نسبة الفقر المرتبطة بالمرض والاعاقة خرجت الجديد، ومنذ فترة عبر برامجها ونشرتها الرئيسة لتكون منبرا للمرضى المعدمين.

فالفقراء المعدمون هؤلاء لا يريدون حسنة، بل يطلبون علاجا ينهي فقرهم ليستعيدوا حياتهم الطبيعية وليعملوا وليخرجوا من دائرة الاستعطاف.

فعلى مدى شهر رمضان كله، اكتشفت “الجديد” ان الحالات الاجتماعية هي اكثر من يمكنه ان يعبر عن نفسه وحاجته،  فهذا الشاب المُعوق ابن 35 سنة والذي يرقد في فراشه منذ ست سنوات ترفض زوجته الحسنات، وتطلب المساعدة في علاجه ليعود رب اسرة لولدين صغيرين يبكيان طوال الوقت. وذاك الطفل الذي يحتاج الى اكثر من 100 ألف دولار ليعيد شكل لسانه الى طبيعته، وهذه الام التي تبكي لابنها الذي يحبو، ولا يتمكن من المشي كبقية رفاقه، وتلك التي تحتضن ثلاثة شباب وابنة تجمع النفايات ليعيشوا، وهذه الام الذي تبكي لان ابناء الحي يرفضون اللعب مع ابنها لانه معوّق!! كلهم يعيشون في بيوت لا يمكن وصفها بالبيوت ولا بالمنازل.

إقرأ ايضا: ما يتقاضاه النواب من جيوب الفقراء

انهم فقراء معدمون مرضى، عندما تشاهدهم على الشاشة تظن نفسك تتابع فيلما هنديا لهول المأساة. هذا التناقض الحاد يؤرق ويقلق ويؤكد اننا مجتمع مزدوج المعايير. ففي اعلان لجمعية خيرية أرثوذكسية يخرج الممثل ليقول كلمتين”حتى لا نصرف مساعدتك على الاعلان..اعلاننا فقير”. فهل ان الخيرين باتوا يريدون اعلانا ما ليتبرعوا؟ فالوجاهات هي الاساس في العمل الخيري في لبنان.

فمن يساند هذه العوائل المعدمة؟ من هو أب اللبنانيين الفقراء؟

في اتصال لـ”جنوبية” مع المحامي حسن عادل بزي، الناشط في مجالات اجتماعية عديدة، الذي استخدم صفحته على الفايسبوك من اجل جمع التبرعات للعوائل الفقيرة والمعدمة التي تطل عبر “الجديد”، وهذا يؤكد دور الاعلام ودور وسائل التواصل الاجتماعي الايجابيان أيضا.

إقرأ ايضا: فقراء العالم العربي.. ينتظرون شهر رمضان

وبرأي بزي ان “المسؤول عن هذه الحالات هو وزارة الشؤون الاجتماعية لجهة اعداد الدراسات عن حالات العوائل المعدمة، اما الشق الصحي فمن مسؤولية وزارة الصحة. وما يحصل ان وزارة الشؤون لا تؤدي واجبها لان الفريق العامل أقل عددا من المطلوب، ولان الموازنة المرصودة لها من أقل الموازنات بالعالم، وهي بالكاد تكفي لرواتب الموظفين. اضافة الى غياب التواصل مع وزارة الصحة في ظل عدم وجود البطاقة الصحيّة وعجز الضمان الاجتماعي”.

ويخلص بزي الى القول إن “كلّ يغنيّ على ليلاه في لبنان، فنحن بحاجة لبرامج اجتماعية ولكن الموجود هو بالروح بالدم نفديك يا زعيم”. ويلفت بزي الى ان “برنامج الجديد الرمضاني الاجتماعي “شوفو بقلبكم” يعود الى مساعدة الاعلامي جهاد زهري لعائلة حيدر من حولا، وبسبب نجاح المساندة صارت الناس تتصل بـ”الجديد” وهكذا صار”.

السابق
اللقاء التشاوري ينجح بإعداد خطة نهوض… بانتظار التنفيذ
التالي
روسيا تدك مواقع داعش في سوريا