ليسُوا ولسْنا إلا مُتَعَصِّبِيْن..

الشعارات في واد والحقيقة في واد آخر..

نحنُ المسلمينَ والمسيحيينَ عبّادُ شعاراتٍ ليسَ لها نصيبٌ من أرضِ الواقع المعيش شيئاً، فالسُّنَة المنتسِبينَ لمنهجية السُّنَّة النبوية ويُدقِّقون في تفاصيلِ حركاتِها وسكناتِها ويقيمُ البعضُ الحروبَ والأحكامَ على مَن خالفَها لا يَعْدُوْ ذلك أبعدَ من شعارات تتناقض والسلوك وبما يجافي الحقيقةَ الملموس.

إقرأ أيضا: وا أسفاهُ على طرابلسَ…

والشيعة الذين جعلوا من أهل البيت عليهم السلام إمامةً ومذهباً فقهياً وعقائدياً وفكرياً وسياسياً وكياناً مستقلاّ لا يعدو الأمرُ شعارات تفتقر للتطبيق والممارسة قولاً وعملاً.

والمسيحيونَ الرافعونَ لراية المحبة كذلك أزمتُهم السلوكية فيما بينهم ومع الاخَرِ تتشابه وزملاءَهم في الطائفتين السنية والشيعية.

فالمسلمونَ يرفعونَ آيةَ الرحمة عنواناً فيما هم أشدَّاء على أنفسهم وبَأْسُهم بينهم شديدٌ سواء مَن تَعَلْمَنَ ومن تَدَيَّن،

والمسيحيون الذين تصدَحُ خُطَبُ الكنائسِ بأيقونةِ المحبةِ لم تُتَرجم فيما بينهم ومع الآخَر المختَلِف إلاّ حسب التسوية السياسية، وتاريخ الصراعات بينهم حافل بالتقاتل الديني والسياسي.

لنصلَ الى نتيجةٍ أنَّ المسلمينَ والمسيحيينَ متعصِّبُونَ وليسوا بمؤمنين ومتديّنين وربّانيين وروحانيين وأتقياء، بل يَعْبُدُونَ النصَّ ويَقْتُلون النفسَ.

والمسلمونَ كلَّما تهجَّمَ أحدٌ ما في الغرب والشرق على القرآن والرموز الدينية ردّوا عليهم بطريقةِ أبي لهبٍ وأبي جهلٍ أكثرَ تطرُّفاً، إضافةً أنَّ بعضِ الحركات الإسلامية لم تُضِف قيمةً على جمالية الإسلام كرسالة وحضارة وثقافة مجتمعية بل أظهرتْه على صورة لوحة تمثّلُ العنف والفكر والفهم العقيم المبرِّر للجريمة الواقعة باسم الله ورسوله وصحابتِه.

فلو أنَّ السنةَ على مبادئ ِالسيرةِ النبويةِ والشيعةَ على نهجِ أهلِ البيتِ عليهم السلام، والمسيحيونَ على تعاليم المسيح عليه السلام لعاشتِ الإنسانيةُ في عيشٍ رغيدٍ لا عنفَ ولا ترهيبَ فيه بل سلام وأمان في رعاية الله.

فبعضُ المسلمينَ والمسيحيين بكافةِ طوائفِهم ومذاهبِهم ومشاربِهم المتعددة منها والمتناقضة يقولون ما لايفعلون وَيَفعلون ما لا يُؤْمَرُون، آمِرِينَ بمنكر الجهل والحقد الممنهج وَيَنْهَوْنَ عن الوَحْدة والعيشِ الأخوي.

وكلُّ واحدِ منهم همُّه الدعوةُ لمعتقده، والآَخَرُ يسعى للتبشير، فيما كان الرسول ُمحمدٌ عليه السلام قرآناً ناطقاً يمشي على الأرض، وما عيسى ابن مريم عليه السلام إلا مثالاً للتواضع والزهد وأيقونة للحب والسلام. فيما أدعياؤُهم من أتباعهم يجهدون في التجييش والعصبية والتعطُّش لحروب الإلغاء وطمس معالِم الآخر المختلِف تحت حِجَجٍ أوهنُ من بيت العنكبوت.

فيا أيها المسلمونَ والمسيحيونَ أُدْخُلُوا جميعاً في السِّلْمِ كافةً ولا تتَّبِعُوا خطواتِ دعاةِ التفرقةِ الدينيةِ والمذهبيةِ فإنَّهم رجسٌ من عمل الشيطان. وداعش اليومَ ليست إلاَّ ظاهرة عاشتْها كلُّ الأمم والمجتمعات.

إقرأ ايضا: السيد الامين: الوباء الطائفي أخطر ما يصيب المقاومة

فلو كان سلوكنا كشعاراتنا الجاذبة لَمَا قامتْ حروبٌ بذرائعَ دينيةٍ وسياسيةٍ بين الإخوة البشرية، حيث الإسلام والمسيحية دعوة وهداية للناس أجمعين، دَعَيَا إلى قداسة حقوقِ الإنسانِ والحيوانِ والطبيعةِ والعمل الصالح

لذا، فليسَ المسلمونَ بمؤمنين ولا المسيحيونَ على صورةِ المسيح عليه السلام، وما نحن إلا أجهلَ الجاهلينَ بقيمةِ الإنسانِ في دينِ ربِّ العالمين.

السابق
إتّفاق الساعات الأخيرة أنقذ لبنان من الفراغ
التالي
وتمديد جديد.. حتى آذار العام 2018؟