لبنان «الغابة».. كما تراه الـ«لوموند»

الصحف الأجنبية تتحدث عن لبنان «الغابة». لم يعد هذا «اللبنان» واحة الحرية والديوقراطية وحقوق الإنسان.. انها مرحلة قادمة، مخيفة، يجب دراستها وتمحيصها.

تسعون جريمة في شهر واحد. رقم غريب في لبنان مساحته لا تتعدى العشرة آلاف وأربعماية وإثنين وخمسين كيلومتر مربع. هذا الرقم الخيالي استدعى من صحيفة فرنسية هي “لوموند” لان تكتب عن لبنان. فلم تجد الصحيفة ما يلفتها في هذا البلد الصغير سوى هذه الاخبار المسيئة.

إقرأ أيضا: لماذا جرائم القتل الأخيرة في لبنان؟

فقد ذكرت الصحيفة في تقريرها الجرائم التي وقعت في لبنان، معتبرة ان هذا ليس بلدا، بل “غابة”. وسردت ما حصل من موجة استنكار. استدعت الخروج الى الشارع منددين بما يجري.

وتطرّقت الى ملف إعادة تفعيل حُكم الإعدام، الذي ابدى وزير الداخلية نهاد المشنوق تأييده لعودته الى حيز التنفيذ بعد تجميده لمدة 13 عاما. فآخر عملية اعدام جرت في العام 2004، رغم صدور أحكام إعدام في قضايا إرهابية. وكان مقتل المهندس روي حاموش هو القشة التي قسمت ظهر البعير الذي قتل بسبب خلاف على أفضلية المرور.

واذا كان مطلوب ان يكون القصاص على شاكلة فعلة المجرم، حيث ان الجميع وخاصة وزير الداخلية نهاد المشنوق طالبوا بالاعدام ردا على القتل، نقول إذن ان عقوبة السارق السرقة، والمغتصِب الاغتصاب. وهنا تنتشر الغريزة، لتصير ثأرا، وتغدو معه الدولة سايبة بلا أرجل.

جورج الريف

معظم شعوب العالم عاشت سجالا بين مؤيّدين لحكم الاعدام ومعارضين له. لكن نقول ان الموت هو عودة للحرب الأهلية التي عاشها لبنان على مدى خمسة عشر عاما.

فمطلقي الرصاص العشوائيّ وأصحاب السلاح المتفلّت ليسوا الا عيّنات صغيرة جدا لواقع غائب.

إقرأ أيضا: ارتفاع نسبة الجرائم في لبنان وارتباطها بالأزمة السورية

من هنا أكد الباحث الاجتماعي عبدو قاعي، لـ”جنوبية” “ان هذه الجرائم تستدعي الرهبة، في العالم كله، وليس في لبنان، وهناك تراجعا وتقوقعا انسانيان مما يستدعي الرهبة. وقد سميّتها القلق الاجتماعي الشامل”.

من هنا علينا القيام بمراجعة شاملة، واعادة قراءة واقعنا، وتاريخنا، فنحن نعيش مع الجماعة الأصلية دون أية مراجعة.

واللافت ان هذه الجرائم باتت تحصل ضمن العائلة الصغيرة، ولم تعد فقط داخل المجتمع الكبير او الحزب او بين طوائف متنوعة.

كل يوم، نرى صور الضحايا، وقد ارتفعت الأصوات المستهجنة لارتفاع نسبة الجرائم من داخل المجتمع اللبناني، والذي رغم مرور حرب الـ 15 عاما لم يجر عليه ما جرى مؤخرا.

إقرأ ايضا: اللبنانيات ثنائيات القطب أكثر من غيرهنّ؟

فحصول جريمة، كجريمة قب الياس، لسبب تافه، وعملية قتل جورج الريف، وجريمة البابلية، وجريمة رميّ أم لطفلتها بمعاونة والدتها وشقيقتها النفايات، وجريمة قتل شابة في كفرشيما، اضافة الى جريمة بطلها رتيب في الأمن العام قتل فيها أربعة من جيرانه بسبب كلب. وجريمة جناتا على يد أبّ ذهب ضحيتها زوجته وابنته، وجريمة صور الذي ارتكبها زوج بحق زوجته، ومحاولة الخادمة الاثيوبية قتل مخدومتها المرأة الحامل بشهرها التاسع، وجريمة قتل رجل مسنّ في جبال البطم على يد مخدومته، وجريمة قتل محمد علي حسين صالح في منزله بالشويفات على يد نيروز.ش، اضافة الى عمليات الانتحار المتكاثرة جدا. وجريمة الشاب في بحمدون الذي قطع لعدة قطع بعد اختفاء دام ستة اسابيع..

فما هو السرّ في هذه الموجة؟ ومتى يحين موعد توقفها؟ وما هو مطلوب من المعنيين؟ ومن المسؤول؟

السابق
يديعوت أحرونوت: نتنياهو يبحث إغلاق قناة الجزيرة تماهياً مع المقاطعة الخليجية
التالي
اجتماع بيت الوسط خرج بلا توافق وقانون الستين قد يفرضه برّي