السيد الامين: الوباء الطائفي أخطر ما يصيب المقاومة

حزيران شهر النكسات والاجتياحات الاسرائيلية للبنان والدول العربية الجاورة، فما هي الدروس التي نستخلصها من اجتياح عام 1982، وكيف بدأت المقاومة وكيف انتهت؟

يقول سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين “أن ما أودّ أن أقوله في مناسبة ذكرى الاجتياح الإسرائيلي في 5 حزيران عام 1982، هو أنها تعيدنا إلى ذكرى الاحتلال الأراضي العربية في الحرب التي شنها العدو عام ،1967 لنشدد في هاتين المناسبتين على أن الدور الذي يضطلع به الكيان الصهيوني في المنطقة لا يقتصر على احتلال فلسطين التي أصبحت محتلة بكاملها عام 1967، وإنما الحق أن أهداف الكيان الصهيوني هو هذه المساحة الجغرافية المعلنة من قبله لتكون وطناً لليهود، ما بين الفرات والنيل”.

اقرأ أيضاً: السيد الأمين عن نكبة فلسطين: هزيمتنا حضارية وليست عسكرية

وأذكر هذا، يتابع السيد الأمين، “حتى لا ينسب كلامي إلى نوع من تمجيد دور العرب مقاومة وشعوباً، تمجيداً مجانياً، فالحق أن حربي 1948 و1967، كان كلتاهما نكبة حقيقية، إلا أننا لو قارنا نتائجها بالهدف المرسوم من قبل الكيان الصهيوني لاستطعنا أن نقول وبشيء من الواقعية، أنه ليس صحيحاً أن العرب كانوا مجرد هدف مجاني جاهز لتحقيق احلام إسرائيل فمنذ 70 سنة تقريباً، لم تستطع إسرائيل أن تحقق ما كنت تطمح إلى تحقيقه في زمن أقل من ذلك بكثير.وهنا أتوقف عند الدور الفعال للشعوب العربية وخاصة الشعبين الفلسطيني واللبناني اللذين ما انفكا يجاهدان ويناضلان ويقاومان، ولا شك أن الحلقة الرئيسية لاتخاذ نهج المقاومة وسيلة للتحرير كان فعلاً فلسطينياً، ولو أردنا أن نعود لزمن عشرينات القرن الماضي لرأينا المقاومة بدأت من تلك المرحلة ومنذ ثورة عز الدين القسام وبعد المفتي الحسيني وعدد كبير من الرموز الفلسطينية التي قادت مقاومة، وكانت المهمة شبه مستحيلة بسبب الاحتضان البريطاني بصورة خاصة للكيان الصهيوني المزمع إنشاؤه”.

ويحمّل السيّد الأمين الاسترخاء والجبن العربي مسؤولية كبرى عن ماجرى من هزائم، ويقول “من هنا أريد أن أشير أن المفصل الثاني في المشروع الإسرائيلي، وهو احتلال 1967 الذي كان المفصل الذي أدى إلى نشوء المقاومة بوصفها الوسيلة الأساسية، أن لم تكن الوحيدة لمواجهة أطماع العدو لتحرير فلسطين فيما بعد، والدليل على ذلك أن ردة الفعل الشعبية والعربية بعد اجتياح عام 1982، أظهر أي مدى تغيرت المعادلة، فهذا الاجتياح لم يكن نصراً مجانياًر للكيان الصهيوني، بل لم يكن نصراً على الإطلاق إذ أنه رغم وصوله إلى العاصمة بيروت، أي احتلال أول عاصمة عربية، إلاّ أن جيش العدو لم يسترح للحظة واحدة أمام المواجهات المشتركة من قبل الفصائل الفلسطينية واللبنانية التي بدأت مقاومتها مباشرة عند الاحتلال، والذي يعود إلى تلك المرحلة سيجد إن المقاومة بشقيها العسكري والشعبي حققت إنجازات بطولية وأرهقت هذا الكيان الذي كان ما زال يتعامل مع الحرب سنة 1982 كما تعامل معها عام 1967، أي بشعور بالثقة الكاملة واستسلام العرب مرة جديدة لهذا الاحتلال”.

وعن أهمية اجتياح عام 1982 للبنان من قبل جيش العدو الاسرائيلي، فيعتبره السيد الأمين “مفصلا نوعيا وعضويا في تاريخ مقاومة العرب للكيان الصهيوني، فقد أجبر العدو على الانسحاب إلى منطقة ما يسمى بالشريط الحدودي ليبقى في عزلة عن الاحتكاك بالجمهور اللبناني الذي أزهر كل البسالة والشجاعة في المقاومة من ثم، فإن بقاءه في الشريط الحدودي لم يكن منجاة له من تطور المقاومة تطوراً حاسماً وعضوياً فهو أدى إلى هزيمة حقيقية لم يتعوّدها العدو”.

ويشير السيد الأمين الى “عنصر جديد دخل على المقاومة وهو عنصر الروح الإسلامية التي استيقظت مع الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني في إيران، ومن هنا دخل المفهوم الإسلامي التعبوي الهام إلى صفوف المقاومة التي صارت مزيجاً من مقاومة وطنية ومقاومة إسلامية، وكان هذا الانتصار أروع دليل على أن قوى المقاومة مهما اختلفت عقائدها، فإنها إذا أتحدت تتمكن أن تنجز الكثير الكثير، وأن تنهي وجود الكيان الصهيوني”.

ولكن لماذا انحسرت المقاومة من كونها مقاومة قوى وأحزاب وطنية وإسلامية، وهل كان هذا لمصلحة قضيتنا الكبرى؟ يجيب السيد الأمين “إنني أتصور لو أن المقاومة استمرت موحدة ولم تقتصر على فريق واحد أو حزب واحد، مع كل تقديرنا للإدارة الإسلامية والوطنية الجادة لهذا الحزب، إلا أنه بدون القوى والأطراف الأخرى بالكاد يستطيع أن يحمي شيئاً من الحدود، وأن يدفع شيئاً من الضرر، وأن يلجم العدو لحدود معينة، وإذا أردت أن أشرح السبب لذلك، أي لتفرد حزب الله بالمقاومة فإنني على يقين أن حزب لله لم يكن ليختار ذلك، هنا تدخل الصراعات الإقليمية والدولية التي جعلت المقاومة تنحسر وجعل اللبنانيين يختلفون عليها”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الايديولوجيا هي الأسطورة الحديثة لا الأديان

وينبّه السيد الأمين أن “أخطر ما يمكن أن يكون قد أصاب المقاومة في مثل هذا الانقسام هو أن الإجماع الوطني والعربي على المقاومة كوسيلة كبرى وأساسية للتحرير قد تراجع تراجعاً كبيراً، وبدأت تظهر أعراض مرض خطير في الجسم العربي كله وفي لبنان، كما في سوريا وغيرها هي أعراض الوباء الطائفي والمذهبي.”

ويختم السيد الامين انه “في هذه الذكرى الخامسة والثلاثين للاجتياح الصهيوني للبنان، بقدر ما تستطيع الأمّة أن تضع وراءها الانقسامات الطائفية والمذهبية وأن تحقق أهدافها بالتنمية والتحرير، تستطيع عندها المقاومة أن تخطو خطوة نوعية أكثر بكثير من الخطوة التي أنجزناها الآن.”

السابق
بالفيديو: حيتان في عرض بحر بيروت!
التالي
حزب الكتائب: قانون الانتخاب المطروح أفضل من «الستين» ومن الفراغ