هل لنا أشقاء في قطر؟

امير قطر

أبو عصام وأبو العز، في مسلسل «باب الحارة» الشهير، كانا محط الإعجاب في كل ما يقدمانه من مشاهد الكرامة والذود عن تراب الوطن، حتى اندلاع الثورة السورية، عندها اتضح للجميع أنهما «يحكون شكلين»، ففقد المسلسل ومعه أبطاله الممثلون صدقيتهم، فالصامت عن جرائم بشار شريك له، كيف إذاً بأولئك الذين أيدوه، أو برروا استبداده؟! لا يمكنك، وأنت تشاهد قتل وتشريد ملايين السوريين، أن تعتبر شبيحة الأسد أشقاء، فقط لأنهم سوريون! أيضاً لن يكون من المنطقي أن تصنف أمير قطر السابق ووزيره شقيقين لنا، وهما المتآمران على السعودية، الساعيان إلى إسقاط الحكم فيها، وتمزيقها، بحسب التسريبات الصوتية، فالأخوّة لا تُبنى على الصدف الجغرافية، أو اللغوية، وإنما حين تكون «مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

اقرأ أيضاً: قطر تشرب من كأسها

مما لا شك فيه أن السعوديين والقطريين تجمعهم أواصر متعددة، لكن ذلك ينبغي ألا يصرفنا عن النظر إلى حقيقة المواقف المتوخاة في هذا الظرف العصيب من أزمة البلدين الجارين. «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» في الإسلام تعنـــي أن على القطريين أن يثبتوا حسن نيتهم، ورغبتهم الصــــادقة في أخوّتنا، بالاحتجاج الصريح والواضح على ممارسات حكومتهم، عليهم رفع أصواتهم بالصدع بالحق الــذي لا تستطيع غرابيل البهتان أن تغطيه، وإلا أصبحت جاهلية تستقطب النعرات، فلا تحدثني ساعتها عن الشعب «الشقيق»، بل عن مشارك في الجور، معين على التمادي في الطغيان.
«وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا» يقول الله تعالى: «فأصلحوا بينهما» وفي حال «بغت إحداهما على الأخرى» فإن التوجيه الإلهي لم يكن بالسكوت وغض الطرف عنها، وإنما قتالها: «فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله»، والسعودية ومعها الدول التي قطعت علاقاتها بقطر، لم تقاتلها، وإنما أغلقت الباب الذي تنفذ منه رياح الغدر والخديعة، درءاً لشرورها، بعد أن طال زمن الصبر على ممارساتها التطاولية، الرامية إلى تمزيق اللحمة وشق الصـــف. عشرون عاماً أو تزيد، كانت قطر خلالها تعبث فـــي موازين المروءة، تحرض وتنفق وتبذل ما لا طاقة لها به، في سبيل استقطاب كل ما من شأنه بث بذور الفتنة داخل الدول التي تضررت من شقاواتها، حتى قال المنصفون إن الأوان تأخر عن محاسبتها وعن الوقوف في وجه ذلك المستوى من الانحدار السياسي، الذي لا تفسير له سوى أن الابن العاق أباه، الذي طمع في كرسيه فانقلب عليه، تمادى، وظن بنهمه أن بإمكانه الاستيلاء علـــى كراسي المنطقة برمتها، لذلك راهن على منهج النفاق الإخواني، الذي يُظهر وجه التدين، ويبطن غاياته السياسية البحتة! قطر تعد الدولة الوحيدة في العالم التـــي ترفع شعار الإسلام، في الوقت ذاته الذي تمارس كل صنــوف القطيعة معه، بالكذب ودعم المنظمات الإرهابية، التي تنشر القتل والدمار فتشوه صورة المسلمين. وكما تدعم الحريات في الدول العربية ثم تحكم على شاعر بالسجن المؤبد بسبب قصيدة، فإن قطر تدعم النضال الفلسطيني ممثلاً بحركة «حماس» الإخوانية، وتقيم علاقات علنية مع الإسرائيليين بلا هدف غير تقديم قرابين الموالاة لمن يعتقدون أنه سيحمي استمرارية عبثهم. يقول حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق، مبرراً للقذافي علاقتهم بإسرائيل: «كلما زاد ضغط السعوديين على الأميركان بسببنا، يخفف الإسرائيليون الضغط عنا»، والسؤال: لماذا يفعلون ذلك ما دمتم تدعمون عدوتهم «المزعومة» حماس؟!
ختاماً، هــــل يريد أشقاؤنا «الافتراضيون» أن نصبر إلى أن يأتــــي ذلك اليوم الذي يقيمون لنا فيه مخيمات اللجوء، ويتصدقون علينا بالبطانيات والطعام، وبقايا ثيابهــــم؟ هـــم شركاء بسكوتهم على تجاوز حكوماتهم، التي تعاقبت، على محاولة الإضرار بالسعودية، حتى يثبتـــوا العكـــس، فإن الوقوف إلى جانب الظالم إعلان حرب علــى المظلوم، والساكت عن الحق شيطان أخرس.

السابق
مدير عام قناة الجديد: قطع البث تشبيح ولولاه لكنا في المرتبة الأولى رمضانياً
التالي
بالصورة: قاسم سليماني يصلي على الحدود السورية – العراقية