بين المرشد الروحي للإخوان والمرشد الروحي لحزب الله..

يتصدّى في العالم الاسلامي للشأن الديني شخصيات تصبح أيقونة، كالشيخ يوسف القرضاوي لدى الإخوان المسلمين، والمرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله بالنسبة لحزب الله.

يوسف القرضاويّ، رجل الدين المصري الشهير، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. التحق بالأزهر، وكان مجتهدا فجاء ترتيبه الثاني على مصر، ثم انتسب الى جامعة الأزهر، ونال بعدها الدكتوراه عام 1953. تعرّض القرضاوي للسجن عدة مرات لانتمائه إلى الإخوان المسلمين في العهد الملكيّ. ومن ثم في عهد كل من الرئيسين جمال عبدالناصر وحسني مبارك.

إقرأ ايضا: لماذا تكرّم جامعة المصطفى من حارب محمد حسين فضل الله؟

ففي ستينيات القرن الماضي سافر القرضاوي إلى قطر، وعمل فيها ونال الجنسية القطرية وتولى عمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، وظل عميداً لها الى 1990، كما أصبح مديراً لمركز بحوث السنّة والسيرة النبوية بجامعة قطر، ولايزال إلى اليوم.

ولكن المفاجأة انه مؤخرا، تم إنهاء عضويته في”رابطة العالم الاسلامي” في مجمع الفقه الإسلامي إثر تصنيفه على لوائح الإرهاب الصادرة من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بعد مقاطعة هذه الدول لإمارة قطر بسبب “ما سُميّ بـ”نشاطات إرهابية”.

إنتمى رسميّا الى جماعة الإخوان المسلمين، وأصبح من قياداتها المعروفين. حيث يُعتبر منظّرّ الجماعة الأول، بل المرشد الروحي لها، كما يقال، وقد عُرض عليه توليّ منصب المرشد عدة مرات، لكن كان يرفض باستمرار، لكن كان يحضر لقاءات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الى أن أعفيّ من العمل التنظيمي.

ألّف كتاب “الإخوان المسلمون- سبعون عاما في الدعوة والتربية والجهاد”، تحدث فيه عن تاريخ الجماعة منذ نشأتها حتى نهايات القرن العشرين، ودورها في مصر وسائر بلدان العالم التي للإخوان فيها وجود.

أبدى القرضاوي ترحيبه بتوليّ الإخوان حكم مصر، واعتبر مشروع حسن البنا “المشروع السنيّ الذي يحتاج إلي تفعيل”، ووصف الإخوان بأنهم “أفضل مجموعات الشعب المصري”.

اختير في المرتبة الـ38 ضمن 50 شخصية مسلمة مؤثرة في عام 2009 في كتاب أصدره المركز الملكي للدراسات الإستراتيجية الإسلامية.

إقرأ ايضا: السلفية الجهادية في لبنان: بيئة حاضنة والاتباع يزدادون!

هذا عند السنّة، اما عند الشيعة، فقد لعب السيد محمد حسين فضل الله (1935-2010) دورا بارزا منذ بداية الستينيات في الاوساط الشيعية. فـ”السيد” كما يُعرف عنه دوما، هو مرجع دين شيعي لبناني من بلدة عيناثا الجنوبية، ومن أعلام حركة إصلاح التراث الإسلامي.

ولد فضل الله في النجف،وتوفي في لبنان. بدأ بالدراسة في الحوزة العلمية في سن مبكرة جداً، وعندما وصل إلى سن السادسة عشر بدأ بحضور دروس الخارج، يعتبر من أكثر علماء الشيعة انفتاحاً على التيارات الأخرى.

نشأ السيد فضل الله في أحضان الحوزة العلمية في النجف، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكرة جداً. شرع في تدريس بحث الخارج منذ ما يقارب العشرين عاماً، وحضر درسه العديد من الطلاب من شتى أنحاء العالم الإسلامي عموماً والعربي على وجه الخصوص.

بدأ بالدراسة الدينية الحوزوية، وبالنشاط الثقافي في النجف، فانتُخب عضواً في المجمع الثقافي لمنتدى النشر. وأصدر مع زملاء له، مجلة “الأدب”. كان صديق كل من السيد محمد باقرالصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين حيث جمع مقالاته في كتاب “قضايانا على ضوء الإسلام”.

انتقل فضل الله من العراق إلى لبنان عام 1966 بعد طلبات من المتدينين الشيعة، فاستقر في حي النبعة الشعبيّ. وأسس المعهد الشرعي الإسلامي. وأنشأ عدة جمعيات خيرية ومقرات للأيتام والمستشفيات الخيرية مما زاد من شعبيته. واتخذ من مسجد الامام الرضا في بئر العبد مركزا ومنبرا. اشتهر بحثّ الشباب على مقاومة الاحتلال مما شكّل بيئة حاضنة لولادة حزب الله فيما بعد، بحيث اطلق عليه الاعلام الغربي لقب “المرشد الروحي لحزب الله”.

تميّز بالانفتاح والدعوة الى الوحدة وعدم الانغلاق، لكن علاقته بالحزب وايران من ورائه تدهورت بعد اعلانه المرجعية الدينية. وقد تعرّض بسبب مواقفه السياسية لعدد من محاولات الاغتيال ابرزها في 1985 على يد المخابرات الاميركية والاسرائيلية. كان قبلة المسلمين في العالم العربي والاسلامي من جميع المذاهب. وتميز بقربه من الناس وتناول المرجعية الشيعية للمرة الاولى هموم الناس ومعايشتها حيث كان يستقبل جميع الفئات والاشخاص والمقامات. وكان جاذبا قويا للاعلام. ألف عشرات الكتب وألقى مئات المحاضرات وعلى يديه ترّبت قيادات حزب الله بأجمعها.

إقرأ ايضا: القرضاوي يحرّم العمليات الإنتحارية على الفلسطينيين

لعب كل من القرضاوي وفضل الله دوريهما الروحيين، بشكل مميز، ولكن لكل منهما شخصيته المختلفة عن الاخر. فالاول كان متعصّبا للاخوان. والثاني منفتحا على الآخر مع تشدده حيال الصهاينة. الاول انتمى الى دولة محددة، اما الثاني فظلّ حرّا، فدفع ثمن استقلاليته. الاول كرّمته جماعته باختياره لتزّعم حركة الاخوان العالمية، اما الثاني فحاربته جماعته بعد تصدّيه للمرجعية الفقهية الدينية بعد تصدّيه للشؤون السياسية.

السابق
بالصور: المخدرات التي ضبطت في شقة ابن شقيق الوزير حسين الحاج حسن
التالي
إصابة 3 أشخاص بإنفجار سيارة مفخخة في تركيا