الطبول أمام الجنائز..

عادة جديدة حضرت الى النجف حول الموت.. يكتب عنها العلامة المرجع السيد محسن الامين قدس الله سره الشريف.

بينما نحن، ذات يوم، نشتغل بالمطالعة والنسخ في مكتبة الحسينية*، وإذا بشابين في هيئة رثة دخلا الحسينية، واستخرجا طبلين من مكان منها، وحمل كل واحد طبلا منهما وأخذ بيده مقرعة استعدادا لضرب الطبول، وعجبنا من ذلك، ونحن في شهر رمضان، شهر العبادة، لا شهر الطبول والزمور.

فلما سألنا قيل لنا: تصل اليوم جنازة رجل عالم من علماء اصفهان… فعجبنا وأسفنا كثيراً لوقوع تلك المنكرات في ذلك البلد المقدس…

إقرأ ايضا: السيد جعفر الأمين: ثالث الثالوث الفكاهي العاملي

وهذه الطبول والأعمال لم تكن معهودة في العصر الذي كنا فيه في النجف، إنما كان الترك والايرانيون يضربون الطبل في عاشوراء، أما شيوع استعماله عند الجميع واستقبال الجنائز وتشييعها به، فأمر حدث بعدنا.

في حين اننا كنا نرجو لهم الرقيّ لا الرجوع الى الوراء. وهكذا تم الامر، فخرج لتشييع هذه الجنازة كل معمم في النجف، ودخلوا بها الصحن الشريف والطبول تدق أمامها واللطم يصل صوته وصوت الطبول الى عنان السماء.

أما أنا فكنت في راحة من تشييع هذه الجنازة الكريمة، ومن رؤية وسماع هذه الفاجعة الاليمة، فلم اخرج ولم أخش من عتاب أهل الجنازة، ولا كنت اتوّقع شيئاً من ثوابهم، فبقيت اطالع وانسخ الى ان دفنت الجنازة، واكسبها هؤلاء المطبلون المزمرون دخول الجنة.

*بتصرف عن كتاب رحلات السيد محسن الأمين 
السابق
ربح منقوص للمحافظين في البرلمان البريطاني
التالي
القوات والتيار الوطني: الامور انتهت