قجج الجمعيات.. من الناس لتعطي باسمها للناس (2|2)

انواع لا تعد ولا تحصى من القجج، ورغم كل هذا الكم لازال الفقراء يتزايدون..

في جولة على الاحياء والشوارع في ضاحية بيروت الجنوبية نلحظ الانتشار الكثيف لمسألة القجج وصناديق التبرعات. فهي كما أسلفنا في الجزء الاول من التحقيق بالعشرات.

وربما يكون الالتزام الديني لأهالي الضاحية، قد ساهم نوعا ما في تشجيع الجمعيات على الاكثار من توزيع القجج. فهذه دكان “ام محمد” في حيّ شعبي كحيّ السلم تخصص رفا خاصا للقجج، اضافة الى صندوق كبير له قاعدة حديدية عند مدخل محلها في حيّ فقير نسبيّا.

إقرأ ايضا: 20 سبباً لتعيش في الضاحية الجنوبية!

الصناديق المتنوعة والكثيرة، قد تصل لدى جمعية واحدة الى الالف قجة. هذا العدد الهائل هو محل نظر. فهي تتنوع ما بين قجة السيارة الورقية التي تعلق امام السائق، وقجة الروزنامة، وقجة الطالب، وقجة المنزل، وقجة الايتام، وقجة المحال التجارية، وقجة الشارع الضخمة الحديدية والمثبتة بالارض خوفا من سرقتها، وقجة النذور، وقجة إحياء المجالس، وتعليم القرآن الكريم، وقجة المعوزين،..

وفي لقاء مع مسؤول في احدى الجمعيات الخيرية البارزة، رأى ان “العمل الخيري انواع كثيرة، ونحن نتكل على تقديمات الناس لانه لا دولة تقف وراء جمعيتنا كما الاخرين. ولاننا نعتمد على الصدقات من اجل مساعدة  المحتاجين”.

جميل هو هذا العمل التكافليّ في ظل انتشار الفقر وانعدام المساعدات الاجتماعية، رغم الاعلان وزارة الشؤون الاجتماعية منذ فترة غير بعيدة ومن خلال الوزارة السابقة انشائها لملف صندوق “العائلات الاكثر فقرا في لبنان”.

لبنان البلد الفاحش بأسعاره وغلاء المعيشة فيه، يساهم بسياسة حكوماته في زيادة أعداد الفقراء وزيادة الاعباء على المجتمع الاهلي الذي بات محاصرا من جوانب عدة أهمها اللجوء السوري الى لبنان.

فقد ذكر أحد المسؤولين في مكتب الخدمات الاجتماعية التابع لمؤسسات السيد محمد حسين فضل الله انهم يوزعون 30 ألف قجة على شكل مجسم للكعبة الشريفة، وتسمى (قجة الخير)، و100ألف قجة روزنامة، وقجة صندوق الصدقات الكبير. حيث استفاد منها 26 ألف حالة خلال سنة فقط.

والقجج، موزعة في جميع المناطق في لبنان. وهذا كله بسبب تنوع المساعدات من صحية الى تربوية الى اجتماعية.

علما ان قجج مكتب الخدمات هذا منفصل عن قجج مكتب التكافل. ويعتمد مكتب الخدمات على قجج اضافية كقجة الفطرة خلال عيد الفطر، وقجة اسبوع الصدقة، وقجة اليتيم، وقجة الامساكية،…

إقرأ ايضا: «القجة» والجمعيات الخيرية: من يراقبها؟ (1/2)

وفي المعلومات، فقد وزعت اول قجة في الضاحية الجنوبية عبر جمعية الامداد الخيرية ومن بعدها توالى اهتمام المؤسسات الخيرية بهذا النموذج من المساعدات.

اما قجة مكتب الخدمات فقد تأسس في ثمانينات القرن الماضي، وظهرت اول قجة عنه في العام 1996.

واللافت انه رغم توافر العدد الكبير من القجج، الا ان ثمة عوائل معدمة تشكو من قلة المساعدات والخدمات. فهل ثمة سرّ يتعلق بارتفاع نسبة الفقراء؟ ام ان الجمعيات تقطّر على فقرائها؟ ام ان المحتاج انسان استسهل وفرة المال هنا وهناك؟

المجتمع يقف يدا تساند يد، لكن يبقى الاستثمار السياسي هدفا لمن يقف خلف هذه الجمعيات والمؤسسات.

إقرأ ايضا: يوميات «مقهور» في الضاحية الجنوبية‏

والسؤال هل يتم تجيير قوة الفقراء هذه وتحويلها الى قاعدة شعبية؟ كما فعلت جمعية الامداد الخيرية ومؤسسة الشهيد ووغيرهم من المؤسسات التابعة لأحزاب دينية؟

ويسأل الباحثون الاجتماعيون عن سرّ انجذاب الجماهير وتحوّلها من اليسار العلماني الى التطرّف المذهبي!!

السابق
القوات والتيار الوطني: الامور انتهت
التالي
إحتفال في ذكرى تأسيس قوى الأمن الداخلي