عمل إرهابي وخرق أمني من داخل النسيج الإيراني

من وراء تفجيرات طهران مرقد الإمام الخميني مؤسس النظام الاسلامي ومصدر شرعيته وتفجير البرلمان بما يمثله من مشروعية سياسية للنظام، هكذا نمط من العمليات على رغم دمويته وتصنيفه الإرهابي إلاّ أنّه يتجاوز نمط عمل تنظيم داعش الذي تردد أنّه المسؤول عن الإرهاب في طهران صباح اليوم، من وراء العملية هناك فرضيتان بعد..

عمليتان إرهابيتان استهدفتا طهران، العمليتان لهما دلالات عدة سواء الأمنية والاستخبارية، أو السياسية، فاختيار المخطط والمنفذ لمكان تنفيذ تفجيرين انتحاريين هو اختيار مدروس لرمزيته المتصلة بالنظام ببعديه الشرعي والسياسي، فالأوّل استهدف رمز شرعية النظام الدينية، أي مرقد الامام الخميني، والثاني رمز الشرعية السياسية أي البرلمان، هي رسالة سياسية بالدرجة الأولى، فمن نجح في أن يخترق الحواجز الامنية والإجراءات المشددة ليصل إلى داخل البرلمان، وإلى مرقد الإمام الخميني، كان يتقصد هذين الرمزين، على رغم الصعوبات المحيطة بالوصول إلى داخلهما من أفراد مسلحين. أمّا لو كان الهدف هو القتل للقتل كما عودنا تنظيم داعش في عملياته الإرهابية، فكان من اليسير عليه أن ينفذ عملياته في الأسواق العامة او مراكز تجمع مدنيين، وهذا من الناحية اللوجستية أمر متاح بسهولة لمن نجح في اختراق النقاط الأمنية الحامية لمرقد الخميني ولمجلس الشورى.

 

 

وإلى جانب الدلالة الأمنية السياسية المكثفة في اختيار هدفي العملين الإرهابيين، فإنّ إيران بخلاف الدول الأوروبية أو الغربية التي استهدفها تنظيم داعش، فتلك الدول تدفع أحياناً كثيرة ثمن حرية التحرك والانفتاح للأفراد من المواطنين وغيرهم، ففي عمليات الطعن الأخيرة في لندن نفذها من كانت الأجهزة الأمنية تعتبرهم مصدر خطر لكن لم يكن لديها ما تستطيع أن تبرر من خلال احتجازه أو التحقيق معه، هذا في إيران لا يحصل بمعنى أنّ هناك نوع من الأطباق للقبضة الأمنية على كل المكونات، وليس من يمنع الأجهزة الإيرانية أن تعتقل من تشاء ومن دون أن تخشى أيّ محاسبة قضائية. فضلاً عن أنّ السمة  الأمنية والاستخبارية التي يتميز بها النظام، هو ما يجعل من الخرق الأمني الذي جرى في أبرز رمزيتين للنظام الاسلامي يطرح تساؤلات حول هوية الجهة المنفذة. فهذا خرق أمني استثنائي وغير مسبوق في دولة تميز نظامها بسمة امنية عالية واستخبارية عريقة جذورها ممتدة إلى جهاز السافاك في زمن نظام الشاه.

إقرأ أيضاً: إرهاب داعش يخدم إيران… والتطرف الشيعي يقوّيه

أوساط متابعة للشأن الإيراني تستبعد فرضية وقوف تنظيم داعش وراء ماجرى، على رغم ما تمّ تداوله عن إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن العملية، كما تستبعد الفرضية التي تقول أنّها من ترتيب جناح في الأمن الايراني، بغاية إظهار إيران في موقع الضحية كما ترّوج بعض المحطات العربية، وتذهب هذه الأوساط إلى ترجيح فرضية ثالثة أنّ المنفذين من النسيج الإيراني، بحيث أنّ دخولهم إلى أماكن بهذه الأهمية لا يثير ريبة، وإلى كونها قد تكون صادرة عن جهات إيرانية في الداخل، وأنّه عمل ارهابي يأتي في  إطار نقل التوتر تدريجياً إلى الداخل الإيراني، وتحديداً من تداعيات ما يجري خوزستان والأهم في إقليم سيستان – بلوشستان والمنطقة الكردية، فرضية الأقليات الاثنية والمذهبية التي ترجحها بعض الأوساط المتابعة للشأن الإيراني تأتي نتيجة اعتراض يأخذ اشكالاً مختلفة في مناطق حدودية مع باكستان أو في الأهواز . وقد بلغ القلق الرسمي من تحوّل الاعتراض إلى معارضة في الأقاليم التي تعيش فيها الأقليّة السنّية أنّ الرئيس حسن روحاني قبل أشهر «حذر بنفسه من مواجهة مذهبية».

إقرأ أيضاً: لأوّل مرّة… إيران في مرمى «إرهاب داعش»

الفرضيات الثلاث لا تنفي بطبيعة الحال أن تكون إيران في ظلّ المواجهة المفتوحة والتي تخوضها في البلدان العربية في مواجهة الإرهاب ومع السعودية ومع اسرائيل وواشنطن وفي ظلّ استمرارها في الحرب السورية، بدأت تتحول إلى هدف جدي وفي الداخل فكما نجحت إيران في دعم المعارضات في السعودية والبحرين بالتسليح، ربما هناك من بدأ بتنفيذ خطة شبيهة داخل إيران. قبل أيام تناقلت الأخبار أنّ المشرف على عملية اغتيال عماد مغنية هو من كلفته المخابرات الاميركية تولي ملف إيران.

السابق
إليكم التسعيرة الجديدة للإنترنت في لبنان
التالي
الحرس الثوري الإيراني يتهم السعودية بتنفيذ الهجومين