جنبلاط: الخلاف مع الحريري سيُحل

يرتاح النائب وليد جنبلاط لإبرام التوافق الانتخابي. يكاد يتنفس الصعداء، لم يكن من داع لكل هذه العرقلات والاختلافات. التسويات هي التي تحكم لبنان دوماً، وكان على الجميع التقاط اللحظات المناسبة للتسوية عوضاً عن التصعيد. صحيح أن اهتمام جنبلاط انصب على مسألة قانون الانتخاب وإبرامه، في الفترة الماضية، لكنه كعادته، لا يغيب عن الاهتمام بمسألتين أساسيتين: الإستقرار المالي والأوضاع الإقليمية والدولية التي تمرّ فيها المنطقة، في ظل الهجمة التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

يقول لـ”المدن”: “كان بإمكاننا اختصار سمّات البدن، والتوترات السياسة، واختصار الوقت والذهاب نحو هذا الإتفاق من قبل، لكن للأسف عناد بعض الأشخاص وتصعيدهم، غالباً ما يؤدي إلى هكذا مآزق في لبنان. المهم أن الإتفاق حصل، ويبقى هناك بعض التفاصيل التي سيتم تسويتها”. ويعتبر أن الإتفاق على الخمس عشرة دائرة هو إتفاق متوازن، يحفظ حقوق الجميع وتمثيلهم، ولا يمكن لأي طائفة أن تفرض إرادتها على الطائفة الأخرى، أو مصادرة إرادة الطرف الآخر إستناداً إلى العدد، كما أن رفض مسألة نقل النواب والمقاعد من مناطق إلى أخرى، هو أمر مهم جداً، وممتاز للحفاظ على التنوع، والعيش المشترك بين المواطنين، فمثلاً: “حتى لو كان هناك ألف ناخب مسيحي في طرابلس، فحين يتم نقل نائب من هناك، يعني وكأن هناك من يقول لهم إنهم غير ممثلين، أو غير مرحب بكم في تلك المنطقة”.

إنطلاقاً من مبدأ التوازن، وعدم إلغاء أي طرف، يعتبر جنبلاط أن ما تحقق جيّد. لا يحب استباق الأمور والنتائج، لكنه يعتبر أنه حقق مسألة مهمّة، وهي الحفاظ على مصالحة الجبل، وتكريس التنوع السياسي كإنعكاس للتنوع الشعبي هناك، خصوصاً أن القانون لا يلغي أي قوة في الجبل. وهذا المكسب الأساسي بالنسبية إليه. في ظل عدم توقع حدوث متغيرات كثيرة في الأحجام بناء على هذا القانون، ثمة حديث عن أن تيار المستقبل قد يكون أكبر الخاسرين من النسبية، ولدى سؤال جنبلاط عن إمكانية تضرر المستقبل من هذا الإتفاق يقول إنه “في إمكان الحريري أن يفوز إذا أراد أن يفوز، وبإمكانه أن يخسر إذا أراد ذلك أيضاً. المسألة ترتبط بحسن التعاطي والأداء. وهذا يرتكز بشكل أساسي على الأشخاص الذين يجب اختيارهم”.

الجميع الآن، يركز على التحالفات الانتخابية وكيف ستكون. يعتبر جنبلاط أن هناك توازنات جديدة، وتحالفات جديدة. وهذه ستكون مغايرة لما كانت عليه التحالفات في السابق، خصوصاً في ظل التحالف القواتي العوني. وهو ما يجب أخذه بعين الإعتبار، ولا يمكن تخطيه.

علاقة جنبلاط بالحريري تعود إلى سنوات طويلة، وفيها كثير من المحطات والصولات والجولات، وبالتأكيد فهذه لن تمحى بسبب خلاف أو سوء تفاهم على مسألة معينة، سواء بالسياسة أو غير السياسة. لا ينسى الحريري موقف جنبلاط بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولا ينسى جنبلاط حضور الحريري إلى المختارة في التاسع عشر من آذار.

ولكن حين تسأل جنبلاط عن الخلاف، الذي ظهر إلى العلن مؤخراً، يسارع ليجيب بأن المسألة خرجت عن سياقها، ووضعت في مكان ليس هو المقصود، ويقول: “كانت تغريدتي قاسية نوعاً ما، لكن الرئيس الحريري أخذها بالشخصي، وأنا لم أكن أقصده بشخصه”. لا بد لهذه الأزمة أن تقف عند حدودها وإيجاد حلّ لها”. ولكن كيف؟ يجيب بأنها “ستحلّ بموقف آخر، لسحب الصفة الشخصية عما حصل. فهو اعتبر أنني قصدت شركته التي أصيبت بالإفلاس، وأنا لم أكن أقصده”.

إقرأ أيضاً: جنبلاط يوّصف الحريري بالـ«مفلسين الجدد» ونديم قطيش يرد!

أراح الإتفاق إذاً الأجواء في لبنان نسبياً، لكن البلد يحتاج إلى مزيد من الجهد لتحصينه، وأساس ذلك، هو الإقتصاد والقطاع المالي، الذي يجب أن يبدأ بتخفيض نسبة العجز، ويقول جنبلاط: “يجب معالجة موضوع العجز. فعجز هذا العام بلغ خمسة مليارات دولار. مليار ونصف منها في قطاع الكهرباء. ولذلك اعترضنا على الخطة، ونحن نعتبر أنه يجب إنشاء معمل لتوليد الكهرباء تملكه الدولة اللبنانية عوضاً عن استئجار البواخر، التي لن تحلّ الأزمة، وستفاقم العجز، وربما قد تفسح المجال لاستفادة بعض الأطراف منها. ويبدي جنبلاط استغرابه للإصرار على استئجار البواخر، بدلاً من تملّكها. ويعتبر أن ذلك قد يهدف إلى حفظ حصص بعض الأشخاص.

مسألة أخرى يضيء عليها جنبلاط، وهي في قطاع الاتصالات. يقول: “ثمة أمر مشبوه يجري في هذا القطاع، قد يكون له علاقة بتخصيص أوجيرو، أو استحداث فتوى، وتأسيس شركة ثالثة، لأجل تفريغ أوجيرو من مضمونها، واستلام تلك الشركة إدارة هذا القطاع على قاعدة التخصيص. ولكن ليس لدي تفاصيل أكثر، إنما ما يحصل يجلعنا نترحم على الأيام الماضية. ونقول: يا محلى أيام عبد المنعم يوسف”. ويرى جنبلاط أنه “جب التصدي لكل هذه الأمور المشبوهة، لأن هناك إيرادات يجب أن تدخل ميزانية الدولة، سيتم حرمان اللبنانيين منها، لمصلحة بعض المصالح الخاصة. وهذا لا مكن أن يستمر أو نرضى به”.

إقرأ أيضاً: الحريري وجنبلاط…من تحالف معمّد بالدم الى عداء وخصومة!

في قراءاته الإقليمية، يرى جنبلاط أن ترامب أجرى غزوة إلى المنطقة، وحصل على صفقة بنحو 400 مليار دولار، مقابل تزويد الدول العربية بالأسلحة، لكنه قال إنه لن يحارب عن أحد بل على هذه الدول أن تحارب عن نفسها. بالتالي، فإن حرب الإستنزاف مستمرة، سواء أكان في اليمن أم في سوريا. يضيف جنبلاط: “ثمة لغز يحصل في سوريا، وخصوصاً على المناطق الحدودية، أي على الحدود الأردنية السورية، والعراقية السورية، وفي شمال سوريا، حيث يجري سباق عسكري للسيطرة. وعنوان المعركة الآن هو من يستطيع بسط سيطرته قبل الآخر”.

السابق
المجتمع المدني يرحب بقانون الانتخابات ويرفض القيد الطائفي
التالي
صدام حسين قضى أيامه الأخيرة يستمع إلى الأغاني