قضية المفتي قباني تعود الى الواجهة.. فهل سيحال الى القضاء؟

هل يمكن لحكومة تمثّل السنّة في لبنان ان تحاكم مفتيها المثل الشرعي للطائفة على مخالفات قام بها اثناء ادائه لمهامه الشرعية والرسمية؟ لا أظن انها حصلت قبلا مع أي طائفة اسلامية، فهل تحصل اليوم؟

في بيان مكتوب وصل الى موقع “جنوبية” قبل ايام قليلة يتناول قضية قديمة، وليست بجديدة تُعيد فتح ملف الفساد الذي أكل الأوساط الدينية الإسلامية من أعلى الهرم، ولم يبق بعيدا عنها. فكما ضرب الفساد الاوساط الشيعية في أهم مؤسساتها، ضرب أيضا، ومنذ زمن المؤسسات الشرعية السنيّة.
ويقول البيان حرفيا: “لِمَ لم يتم إلى الآن إنهاء ملف السرقات من وقف العلماء، ودار الفتوى، وصندوق الزكاة، والاوقاف الاسلامية، بطريقة النصب والاحتيال على القانون والشرع المتعلق بالمدعو محمد رشيد قباني وزوجته منى قرانوح وأولاده راغب وطه وآمنة وزهرة، ونائب رئيس المجلس الشرعي الذي كان يرأسه، وبعض مفتِيّ المناطق، الذين صدر بحقهم قرار من مجلس شورى الدولة بتهمة انتحال صفة، فتم عزلهم والا الحبس وأحد أهم مستشاريه الذي سرق صندوق مقام الإمام الأوزاعي ثلاث مرات، بحسب المديرية العامة للأوقاف في حينه” .
ويضيف البيان: “إن القضاء الشرعي النزيه اكتشف سرقات جديدة من “الشيكات” التي نشرتها جريدة “الديار” والتي عرضتها محطة “الجديد”. فـ”أين الوعد بحبس راغب وإخراج محمد رشيد راغب رضا قباني من منزل الإفتاء حيث يحيك منه المؤامرات ضد مؤسسات دار الفتوى والأوقاف الإسلامية، ويسعى جاهدا لإسقاط المؤسسة التي استباحها مع عائلته ونائبه في مجلسه وكبير مستشاريه سارق صندوق وقف الأوزاعي، كما ذكرت صحيفة بيروتية عريقة معروفة؟. حتى أن رشيد قباني طلب من بعض الدول مدّه بالمال، لأنه يريد مساعدة العلماء والمسلمين العلماء الذين قتلهم أحياء بقطع الراتب والدواء عنهم، والمسلمون الذين سرق أموالهم .وقد خالف قباني الشريعة المحمدية، كما تقول الاوساط الاسلامية، عندما قتل الفلسطنيين احياء”.
و”عندما أصدر قرارا، قبل خروجه من الإفتاء، بمصادرة أملاك الفلسطينيين، تحت حجة أن منزل الفلسطيني الذي يموت يصبح للأوقاف الإسلامية. وقد اتخذ قباني هذا القرار الظالم، لأنه لم يستطيع بيع أرض مخيم الداعوق في منطقة صبرا-بيروت والاستيلاء عليها، فاصدر هذا القرار اللئيم .وما زال خمسون عائلة فلسطينية تحاكم في قصر العدل بيروت على خلفية قرار قباني بحقهم عدا عن دفعهم محاضر ضبط ظلما وعدوا . كما وتتمنى الأوساط الاسلامية على المفتي الحالي …الإسراع بمحاكمة ومعاقبة المجرم ابن القباني وأسرته ونائبه في مجلسه وكبير مستشاريه سارق صندوق المقام .وإبطال هذا القرار- قرار الاستيلاء على منازل الفلسطينيين وتشريد شيوخهم و نسائهم و أطفالهم وأولادهم- من ضمن ما أبطله مجلس شورى الدولة من  قرارات اصدرها ابن القباني محمد رشيد”.

المفتي قباني
هذا البيان ينشره “جنوبية” كما هو دون أيّ تدخل من ادارة الموقع حرصا على أمرين: الاول ان نكون صوت المظلومين، وثانيا انتظار تحرّك القضاء في ملف الفساد هذا. اضافة الى حرصنا على الامانة.
ولا بد من التذكير ان الفساد طال جميع مفاصل المؤسسات في لبنان، ولم يترك بابا الا وطرقه، خاصة المؤسسات الدينية في لبنان، ولم تتم محاسبة أي مسؤول في أية مؤسسة دينية خوفا من اثارة الفتنة. الله الا اذا كان العزل والاقصاء يُعتبر محاسبة؟
ولكن، وبعد خلاف المفتي قباني مع تيار المستقبل، عمد رئيس التيار سعد الحريري الى اجراء اتفاق سريّ، بحسب ما سرّب الاعلام حينها، بأن يتقدم المفتي قباني باستقالته مقابل طمس الملفات التي فتحت والمتعلقة بابنه، والتي تبيّن ان الجميع يعرف بمسألة فساده.
مع الاشارة الى ان المفتي قباني من مواليد بيروت عام 1942، وهو مفتي الجمهورية اللبنانية منذ عام 1996. نال «الدكتوراه» في الفقه المُقارن عام 1976 من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في القاهرة. إتخذ المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في العام 1989 قرارًا بقيامه مقام مفتي الجمهورية إلى حين انتخاب مفتي جديد على أثر اغتيال المفتي الشيخ حسن خالد، وتولى المسؤولية إلى أن انتخب مفتيًا في العام 1996. وبقيّ في منصبه حتى انتخاب مفتي جديد للجمهورية اللبنانية عام 2014

بدأت المناوشات بينه وبين جماهير تيار المستقبل، وقد حوصر في مسجد الخاشقجي كونه رفض تقديم استقالته. فأخرج على متن ملالة للجيش اللبناني بعد تدّخل بعض السياسيين حتى لا تتطور الامور أكثر.

وقد لعب تيار المستقبل دوره في فتح ملفات الشيخ قباني للضغط عليه، لكنه ظل معاندا وثابتا. وقد تقرّب حينها المفتي قباني من حزب الله، محاولة منه فاشلة للاحتماء به وان يستنقذ منصبه الذي اضطر اثر تسوية ان يتركه لصالح المفتي الحالي الشيخ عبد اللطيف دريان 

مصطفى ملص

وفي اتصال مع المحامي الشيخ مصطفى ملص، حول امكانية محاسبة رجل الدين امام القضاء المدني بشكل عام، قال لـ”جنوبية”: “أكيد ، يمكن محاكمة رجل الدين اذا ارتكب جرما ولا تؤخذ الاعتبارات الدينية بالموضوع، لكن الواقع السياسي في لبنان يمنع المحاكمة خوفا من الفتنة الطائفية، ولكن من حيث القانون لاشيء يمنع محاكمته خاصة اذا ارتكب جرما”.

إقرأ أيضاً: بعيداً عن الكيدية السياسية: هل حلال على مفتي الجمهورية أن يسرقنا؟

ويؤكد المحامي ملص، بالقول: “يُطلب اولا الإذن من دار الفتوى، اذا كان الجرم جزائيا، اما اذا كانت المخالفة ضمن عمله في المؤسسات التابعة لدارالفتوى فانه يحوّل الى المجلس التأديبي، وهذا يحتاج الى قرار من المجلس الشرعي الاعلى عبر لجنة مختصة فيُحقق معه”.
ويتابع سماحته قائلا: “ويحوّل الى القضاء المدني اذا كان الجرم لا علاقة له بوظيفته، ويطلب عندها الاذن بملاحقته”.
وأكد ملص بالقول: “مع الاشارة الى انه خلال جلسات محاكمة كنت اتابعها في المحكمة العسكرية كمحامي ورد اسم الشيخ سالم الرافعي عدة مرات امام القاضي العسكري كمحرّض على الاعمال الأمنية التي قام بها المتهمون، لكن القاضي العسكري لم يلجأ الى استدعاء الشيخ الرافعي أبدا، وهذا ما يُفسر الوضع في لبنان”.

إقرأ أيضاً: رجال الدين يحتلون الحياة الامامية

وبخصوص ملف المفتي قباني، قال الشيخ ملص: “لا اعتقد ان الدعاوى المرفوعة على الشيخ قباني لها صلة بالواقع، بل هي قضايا كيدية، وقد يخرج منها براءة اذا تحوّلت الى المحاكم، فالدعاوى ليست موجودة اصلا. ومن يحرّكها اليوم فمن اجل الضغط على المفتي لاسكاته، وقد وُجّهت اليه التهم كونه اختلف مع القيميين على الطائفة السنيّة بالسياسة، وانا على اطلاع على كامل القضية”.
وختم سماحته بالقول: “لن يحرّكها المفتي قباني للبت فيها، لان الامر ليس بيده، وهم يريدون إبقائها سيفا مُسلطا للضغط فقط، في حال حاول اصدار أي موقف لا يتناسب مع سياستهم”.

السابق
سمير قصير في ذكرى اغتياله: أين اصبح التحقيق؟!
التالي
«الكوريدور» الإيراني يربط بلاد فارس بالمتوسط