القضاء وهو يتحول أداة ترهيب وتجاوز من قبل وزير العدل وحزبه

لم تكن دعوى الوزير سيزار أبي خليل وحدها الحدث، وإنّما شكلت إدارة وزير العدل سليم جريصاتي للمؤتمر تساؤلاً كبيراً، وهذا ما اشار اليه النائب سامي الجميل الذي رأى أنّ ما شاهدناه هو محاولة للترهيب ومسّ بهيبة القضاء على حد تعبيره.

أخلّت المحاولة البائنة للتأثير على السلطة القضائية، بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى، وبتبني قضية شخصية لطرف سياسي يدعي بها على أكثر من 400 لبناني، فأصبح فائض القوّة هو السائد والدافع للبت المسبق بالدعوى، عبر إدانة المواطنين وتبرئة الوزير من الاتهامات.

اللبناني اليوم مهدد بحريته، وبقلمه، وبصوته، ومتوجساً من القضاء الذي أصبح بالنسبة إليه يمثل طرفاً فيدافع ويحاكم على لسان الوزير لا في المحاكم!

هذه المشهدية التي ظهر بها وزير العدل لم تمرّ مرور الكرام، إذ رصد الصحافي عمر نشابة في مقال نشره في صحيفة الأخبار عدة ملاحظات شكلية، أهمها، انحياز الوزير الواضح في المؤتمر الذي لم يضم إلاّ طرفاً واحداً وهو الجهة المدعية/ عقد المؤتمر في مكتبه في وزارة العدل، حضور رئيس مجلس القضاء الأعلى.
فيما رأت المحامية والناشطة السياسية ريجينا قنطرة في حديث لـ”جنوبية” أنّ “وزير العدل سليم جريصاتي قد خالف بما قام به مبدأ فصل السلطات بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية الذي هو مبدأ دستوري، كما خالف أيضاً مبدأ تضارب المصالح لكونه ينتمي إلى الفريق المدعي نفسه أي سيزار أبي خليل“.
وتابعت متوقفة عند المؤتمر الصحافي الذي عقده إلى جانب أبي خليل ولغة المتكلم الجمع التي اعتمدها إذ قال (ونفى وزير العدل أي عمولة طالبها أحدنا)”.

الوزير سليم جريصاتي

وأشارت قنطرة إلى أنّ “الوزير قد أصدر حكماً، إذ اعتبر أنّ الاتهامات التي سيقت هي اتهامات زور، وأنّ الجماعة المفوض عنها هي من أشرف الناس”.

وعمّا إن كان القانون اللبناني ينص على محاسبة الوزراء الذين يخالفون النصوص الدستورية، أكّدت المحامية أنّ القانون في لبنان يحاسب الجميع حتى رئيس الجمهورية، وأنّ هناك دراسة قانونية يتم إعدادها من قبل تجمع من محامين واستشاريين قانونيين، للرد على ليس فقط على وزير العدل وإنّما أيضاً على الوزير المدعي سيزار أبي خليل، إذ ما من أحد قد تناوله بالشخصي وإنّما بالوظيفي وكان يتوجب عليه عرض الملف على ديوان المحاسبة والتفتيش المالي.

هذا ولفتت قنطرة أنّه في حال تمّ إثبات أنّ الصفقة مشبوهة فإنّه قانونياً على الوزيرين الاستقالة.

إقرأ أيضاً: وزير الطاقة يدعي على الشعب أمّا الفساد فيبقى محصناً من أيّ محاكمة
في حين أكّد المدير التنفيذي – لمنظمة لاودر لحقوق الإنسان الناشط الحقوقي هادي جعفر لـ”جنوبية” أنّه “قانونياً من حق الوزير الادعاء مثله مثل أيّ مواطن على كل من يعتبره قد اعتدى عليه بجرم القدح والذم، واللجوء إلى القضاء حق مشروع ومقدس، يقابله قدسية مبدأ المساواة أمام القانون”.

وأشار جعفر إلى أنّ المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن “كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة”.
ليتساءل “هل يمكن لأي مواطن عادي أن يجبر وزير العدل ان يجلس الى جانبه في مؤتمر صحافي ويعلن فيه الدعاوى القضائية التي رفعها بحق ناشطين وإعلاميين ونواب؟
وأي ثقة سوف يتم وضعها في إحقاق العدالة وفي نزاهة سير المحاكمات، حينما يرى المواطن هذا المشهد الذي يقف فيه الوزير الوصي على القضاء والعدل، داعما لوزير صاحب سلطة في القضية المرفوعة أمام القضاء؟”.

إقرأ أيضاً: دعوى وزير الكهرباء: ضد المواطنين الضعفاء لا المسؤولين

ولفت جعفر إلى أنّه “وفقاً للمادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي استند إليها كل من معالي وزير العدل وزميله معالي وزير الطاقة، فإنه لوزير العدل أن يطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات بشأن الجرائم التي يتصل خبرها بعلمه. وهنا لا بد لأي متابع، وحرصا على عدالة وزير العدل أن يسأل، هل سيقوم الوزير بطلب إجراء التعقبات بحق الاشتباه بفساد وصفقات في قضية البواخر؟”.

ليخلص إلى أنّه “يبقى الأمل معقوداً على القضاء اللبناني في أن يصون حرية التعبير التي يكفلها كل من الدستور اللبناني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 19 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المادة 19… هذا القضاء مطالب الآن أن يعطي لحرية الرأي في لبنان حصانة قضائية، مما يمنع تحول لبنان نهائيا لبلد قمعي، يُفقِد الرأي العام دوره بالمساءلة والمحاسبة”.

السابق
حزب الله ينعى قاسم الأسمر وناصر العلي اللذين سقطا في سوريا
التالي
عون: حرب سنوات مع الخارج ولا حرب ساعات في الداخل