الإصلاح والتغيير… بالمقلوب

يروى أن أحد الحجاج ضاع بين الناس وإبتعد عن حملته المؤلفة من حوالي 400 حاج، وبعد وقت من عناء البحث والتفتيش وجدوه، فجاؤوا به إلى مساكن قومه، فوقف على مرتفع بسيط يخاطبهم معاتبا ومستنكرا ويقول لهم أين كنتم ضائعين جميعا؟!
تكاد هذه الحادثة تنطبق على وزير الطاقة سيزار أبي خليل، فبدل أن يرضخ للكثير من المشككين من أصحاب الرأي والوزراء والمسؤولين ومعظمهم من حلفه السياسي وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب (الذي وصف الصفقة بصفقة الجيوب العائمة) وغيره، فبدل أن يتحدى الجميع من خلال تفعيل مجالس الرقابة وتقديم المناقصة على لجنة المناقصات وإعتماد الشفافية التي طالبه بها نائب رئيس الحكومة ووزراء القوات اللبنانية وخلفهم جمع غفير من المواطنين.
بدل كل هذا وذاك، إعتمد هذا الوزير الفطحل ومعه تياره ووزير عدله لإقامة دعوة قضائية على كل هؤلاء!

اقرأ أيضاً: وزير الطاقة يقاضي 400 مواطن.. والناشطون يعلقون: وقاحة!

أملنا للحظة أن يتحرك القضاء ووزيره على الفساد والمفسدين الذين أوصلوا البلاد إلى مرتبة 123 من أصل 168 بحسب مؤشر منظمة الفساد العالمية، نراه يتحرك ويستنفر لمقاضاة المواطنين والمشككين.
لو سلمنا جدلا بأن وزير الطاقة وفريقه مظلومين ومفترى عليهم، وأن صفقة البواخر وإستئجارها لا تشوبها شائبة وليس فيها أي عمولة أو رشوة كما يقال، يبقى أن التحدي الحقيقي وإظهار البراءة يكون فقط بإعتماد الطرق القانونية عبر الرجوع إلى مجلس الوزراء وديوان المحاسبة ولجنة المناقصات الذين وحدهم لهم كلمة الفصل بالموضوع وليس عبر إستغلال القضاء وبأسلوب التشبيح والهوبرة والضجيج الفارغ، لأن هذا الأسلوب المعتمد لا يبعد شبهة اللصوصية عن التيار بقدر ما يضيف عليها شبهة جديدة وهي التشبيح مع اللصوصية.
الإصلاح والتغيير يكون على اللصوص المفسدين وليس على المواطنين المسروقين والمنهوبين إلا إذا كان التيار العوني فهمان الموضوع بالمقلوب.

السابق
خصوصية الصراع الانتخابي في صيدا: ثقل سني سياسي وديمغرافي في الجنوب
التالي
كلودين عون تحضر ورندة برّي تغيب!