في العرقوب: حزب الله يريد دمى بين يديه لا أشخاصاً مستقلين

قاسم القادري
وفي منطقة العرقوب تجربة جديرة بالاطلاع ومعرفة طرق إدارة العمليات الانتخابية النيابية في لبنان.

إنها تجربة الدكتور قاسم القادري الذي يشغل حالياً موقع رئيس بلدية كفرشوبا منذ عام 2010.
يروي القادري تجربته قائلاً: اقترب موعد الانتخابات البلدية عام 1996، وكان المحامي أحمد سويد نائباً عن المنطقة يحتل المقعد السني في العرقوب، يومها كنت في فرنسا، حضرت إلى لبنان لزيارة الأهل، اتصل بي عدد من الأصدقاء من كفرشوبا وسائر القرى القريبة وطلبوا مني الترشح، مبررات الترشيح كانت اعتقادهم أن سويد سيحقق شيئاً وهذا لم يحصل.

اقرأ أيضاً: «انتخابات الجنوب»: ارقام ووقائع «تحريف وتهويل وتزوير وطعون»

تحوّل منهجي
في تلك الأيام كنت أشهد بداية تحول في منهجية تفكيري وفي المضمون الفكري. كنت أكتشف أهمية الدين الإسلامي كمكون عقائدي، وكنت أحلم أن حزب الله يستطيع أن يحمل هذا المكون، كما حلمت أن الثورة الإسلامية ستحدث يقظة إسلامية جديدة تخرج من الموقع المذهبي وتعمل من أجل إصلاح ديني يؤدي إلى حركة إسلامية إصلاحية جديدة.
ويضيف القادري: اتصلت بحزب الله لتأليف لائحة في وجه لائحة أمل والحريري، وقد تم التداول والتوافق على عدد من الأسماء، إلى جانب مرشحي حزب الله محمد رعد ومحمد فنيش، ومنهم، حبيب صادق، الياس أبو رزق، مصطفى سعد، سعيد الأسعد، محمود فواز وأيضاً إسمي. لكن للأمانة كان حبيب صادق مشككاً بإمكانية قيام مثل هذه اللائحة وغير مقتنع بها. ولكن كنا قد اتفقنا على عقد مؤتمر صحفي في استراحة صيدا يوم الجمعة وتنظيم مهرجان انتخابي يوم السبت وتجري الانتخابات يوم الأحد. يومها أذكر أن محمد رعد أخبرنا ما يلي: إذا قالوا لكم أن أمل وحزب الله اتفقا فلا تصدقوا. لكن أتت الأخبار لتقول أن غازي كنعان استدعى الطرفين وأخبرهما أنه ممنوع أن تكون هناك لائحتان، وتم الدمج بين مرشحي حزب الله وأمل والحريري. وعلمت أن ترشحي رُفض لأني كنت مع اتجاه صلاح جديد في حزب البعث وأني مقرب من حركة فتح وبالتالي لا يقبل السوريون بي.

شؤون جنوبية
ويزيد القادري: كان الوقت متأخراً للانسحاب، وقررت الاستمرار بالمعركة، مالياً لم أكن قادراً على دفع رسوم الترشح، لكن الأصدقاء جمعوا المبلغ المطلوب. ومن خلال مهنتي كمدرس كانت لي علاقات طُلابية واسعة، هذه العلاقات لعبت دوراً في تنظيم الانتخابات لمصلحتي في عدد كبير من القرى. كنت أعلم أني لن أفوز.
لكن صار العمل لمعرفة كم يمكن أن أحصل على أصوات. وأذكر بعد دمج اللائحتين أن وفداً من العرقوب زار الرئيس نبيه بري وطالبه بدعم ترشيحي وأن أكون في اللائحة لكن القرار كان في مكان آخر.
وعن يوم الانتخاب والفرز، يجيب القادري: فعلياً لم استطع متابعة ما يحصل في كل مراكز الاقتراع، لكن علمت أن الفرز كان يحصل بالجملة، إذ كان يقال: لائحة بري، لائحة صادق، أما الأسماء المنفردة فلم تلق أي اهتمام. وعلمت أن وزير الداخلية آنذاك ميشال المر كان يتصل ويطالب بتسريع إصدار النتائج.

الانتخابات الاختيارية
وعن المعركة الانتخابية عام 2000، يروي القادري: أيضاً جرى محاولات للاتصال بحزب الله، لم تكن نعرف عمق اللغة الطائفية التي سادت. صار الوضع أقسى بكثير، إنهم لا يريدون أشخاصاً من ذوي الحضور الفعلي. إذا أرادوا أحداً فيجب أن يكون دمية بين أيديهم، إنهم يخافون من أي طرح استقلالي، أي مستقل عن القوى الطوائفية.
يضحك القادري ويكمل حديثه: أعلنت النتائج وقيل أني حصلت على 7000 صوت، في حين أن ماكينة حزب الله الانتخابية إخبرتني أن نتائج 60% من القرى أظهرت حصولي على 18500 صوتاً، أحسن وصف للانتخابات أنها مسخرة.
وعن الحوادث التي ما زالت في الذاكرة، يقول القادري: في انتخابات 2000 زار النائب قاسم هاشم كفرشوبا واجتمع مع الأهالي، بعدها بأيام زرت شبعا واجتمعت مع أهاليها. وعندما بدأ النقاش حول تشكيل اللائحة انتفض هاشم وأعوانه وقاموا بحركة استعراضية وطلبوا منا الخروج من البلدة. وبعد ذلك حضر وفد من وجهاء شبعا واعتذروا منا في كفرشوبا.

اقرأ أيضاً: نديم عسيران: لم أكن يوماً ضد الثنائية الشيعية أو ضد المقاومة ولكني ضد الفساد

ويضيف القادري: ليس في الانتخابات النيابية فحسب تعرضنا لتهديد، فمنذ أشهر وبعد الانتخابات البلدية الأخيرة اجتمع ستة رؤساء بلديات من أصل سبعة رؤساء بلديات يشكلون اتحاد بلديات العرقوب، واتفقنا على أن أترشح لرئاسة الاتحاد وأن يتم انتخابي، لكن الضغوط تزايدت عليهم خصوصاً من أحد الأجهزة الأمنية الذي طالبهم بإعادة انتخاب رئيس بلدية شبعا محمد صعب رئيساً للاتحاد وتهديدهم بوقف معاملاتهم في وزارة الداخلية وهذا ما حصل وانتخبوا صعب رئيساً للاتحاد.

(هذه المادّة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” – العدد 163 – ربيع 2017)

السابق
..في وداع المرشد الاكبر
التالي
برّي ينتظر عدوان والافراج عن قانون الانتخاب ينتظر بعبدا