هل بدأ «حزب الله» يستعد لخلافة بري بالتوافق مع عون؟

هل اتفق حزب الله مع الرئيس ميشال عون على أن تكون رئاسة المجلس لأحد شخصياته؟

في مؤتمره الصحافي المفاجئ امس سأل رئيس مجلس النواب نبيه بري:”لماذا لم يتم توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية الان؟” وأجاب :”العلم عند الله”.بضعة كلمات طرحت السؤال الكبير: هل السجال الحالي حول مرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب مرتبط فقط بموضوع إجراء الانتخابات على أساس القانون الساري المفعول,أي قانون الستين، أو على أساس قانون جديد ؟أم أنه يخفي موضوع التغيير في رئاسة مجلس النواب التي يتبوأها الرئيس نبيه بري منذ إنتخابات عام 1992 أي قبل ربع قرن؟ وإذا كان إحتمال التغيير في رئاسة مجلس النواب هو بيت القصيد، هل بإمكان رئيس الجمهورية ميشال عون الذي هو الطرف الثاني في السجال مع الرئيس بري أن يذهب في هذا الاتجاه من دون توافق مع “حزب الله” الطرف الاقوى في الثنائي الشيعي؟

ما يدفع الى هذا التساؤل هو تراجع الرئيس بري المستمر أمام الرئيس عون منذ أشهر، وتحديدا عندما بدأت مرحلة التحضير لإجراء الانتخابات النيابية قبل إنتهاء ولاية البرلمان الحالي في حزيران 2017. ووفق الاصول التي كانت تقتضي توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات أي في أيار الحالي قبل بدء شهر رمضان الذي بدأ قبل أيام، إمتنع الرئيس عون عن توقيع مرسوم هذه الدعوة الذي وقعه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعدما رفعه اليه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. واليوم يحصل الامر نفسه في شأن مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب الذي تنتهي أعمال دورته العادية الاربعاء في 31 أيار. فبعدما وقّع الرئيس الحريري مرسوم الدورة لا يزال توقيع الرئيس عون غائبا عنه حتى إعداد هذا المقال ما يفتح الباب أمام أسئلة قد ترتبط بمصير رئاسة مجلس النواب نفسها.

كتب الكثير حول العلاقة المضطربة بين الرئيسين عون وبري حتى قبل أن يصل الاول الى بعبدا .لكن كل هذه الكتابات لا تتطرّق الى موقف “حزب الله” الفعلي من هذه المواجهة بين حليفيّن له.حتى أن الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله وخلال أطلالاته المتكررة في الشهور الاخيرة بدا ميّالا الى إلتزام جانب الحياد بين عون وبرّي.فهل يعني هذا الموقف ان الحزب حريص على إبقاء شعرة معاوية بين حليفيّه فلا تنقطع؟أم أنه بات يستعد لمرحلة جيدة تكون فيه رئاسة مجلس النواب معقودة له؟

 

في الايام الماضية سرى همس بين عدد من الوزراء ان “حزب الله” لا يرى مانعا من أن تكون رئاسة البرلمان لإحدى شخصياته بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. وتفيد المصادر صاحبة هذه المعلومات ان الموانع التي كانت تحول دون هذا التطور قد زالت حاليا على المستويين الداخلي والخارجي. فعلى المستوى الداخلي، هناك تطور في تكوين السلطة حصل في الشهور الماضية أدى الى وصول العماد عون الى قصر بعبدا بعد إصرار من “حزب الله” لمدة ثلاثة أعوام تلت نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان عام 2014 .بعد ذلك، تشكّلت حكومة برئاسة الرئيس الحريري الذي أخرجه الحزب وحلفاؤه من السلطة عام 2011 ما طرح معادلة الاقوياء في طوائفهم هم من يحكمون.ولم يعد ينقص هذه المعادلة سوى إنضمام الحزب اليها.

أما على المستوى الخارجي، وفي خضم المواجهة القاسية التي تخوضها إيران مع الولايات المتحدة الاميركية صار لزاما على طهران إستخدام كل أوراق القوة التي بحوزتها وأبرزها ورقة “حزب الله” في لبنان .ووفق متابعون على هذا المستوى فإن خوض إيران المواجهة الولايات المتحدة لا تقتصر فقط على الجانب الامني كفتح المواجهة مع إسرائيل بل تتعداها الى تثبيت مواقع حلفاء طهران سياسيا لاسيما في الموقع الشيعي الاول.

إقرأ أيضاً: ثلاثة أطراف تسببوا بجرح عون.. فمَنْ جرحه؟

رب قائل، أن “حزب الله” في موقع أفضل عندما تكون الثنائية الشيعية تتوزع الادوار فتكون شؤون السلطة بيد حركة “أمل” فيما تنحصر شؤون الاستراتيجيا بالحزب. غير ان هذا القول يواجه الان ظروفا جديدة لم تكن مطروحة من قبل. فالعقوبات الاميركية المرتقبة التي تردد انها ستشمل حلفاء الحزب وتحديدا عون وبري تعني ان الدور التاريخي الذي كان يتمتع به زعيم حركة “أمل” ويؤهله لكيّ يكون في موقع الوسيط بين الحزب والغرب قد إنتهى. ولم يعد من المفيد أن يتكل “حزب الله” على طرف آخر لكي يتعامل مع الغرب عموما وواشنطن خصوصا. والسلوك الجديد في طهران بعد الانتخابات الرئاسية هو أن على الولايات المتحدة الاميركية أن تتعامل مع الشرعية الايرانية أحبت ذلك أم كرهت. ولذلك ما المانع أن يسري الامر على لبنان فيفرض “حزب الله” واقع أمر ما يجعل الخارج يتعامل معه مهما كانت التوصيفات التي تطلق عليه؟

ليس قليلا أن ينبري الرئيس عون للوقوف في وجه قرارات قمم الرياض الاخيرة التي دانت إيران وتدخلاتها عبر أذرعها وتحديدا عبر “حزب الله”. وهذا ما إستحق إشادة من نصرالله بموقف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من إعلان الرياض. علما أن عون هو بين المستهدفين بالعقوبات الاميركية الجديدة. وعلى ما يبدو ان مصيبة العقوبات ستكون عامل قوة في تحالف عون-نصرالله في وقت يبدو أن بري خارج أي قدرة للتأثير في الاحداث بما يخدم مصالح “حزب الله”.

إقرأ أيضاً: صراع الاجتهادات القانونية بين عون وبرّي… كيف سينتهي؟

خلال مؤتمره الصحافي الاول بعد إعادة إنتخابه لفترة رئاسية ثانية، قال الرئيس الايراني حسن روحاني ردا على سؤال لمراسل قناة “المنار” التابعة ل”حزب الله” ان الاخير “هو مجموعة لبنانية تم إنتخابها من الشعب اللبناني لتكون في مجلس النيابي وحكومته ,ويلقى تأييدا واسعا في لبنان بين المسلمين والمسيحيين في هذا البلد”.

هل تغيّرت إستراتجية إيران في لبنان؟ما يجري من تطورات في مجلس النواب يحمل جوابا ستظهر معالمه خلال أسابيع.

السابق
«حزب الله».. يُقدّم التنازلات على «جبهة» المفاوضات
التالي
ابراهيم كريم عبد الحي: ثمانيني غادر منزله ولم يعد!