طارق شمس يسرد «تاريخ التّصوّف في وسط آسيا»…

"تاريخ التصوف في وسط آسيا"، هو موضوع يتناله الكاتب اللبناني، الباحث المختص في التاريخ الوسيط، الدكتور طارق أحمد شمس، في دراسة يضمّها كتابه المُسمّى بالعنوان عينه، والصادر عن "دار الفارابي في بيروت"، في طبعة أولى 2016.

يقول الكاتب في مقدِّمة الكتاب: قليلة هي الدراسات العربية التي أتت على تاريخ وسط آسيا، وقد يعود ذلك إلى قلة الاهتمام بتاريخ هذه البلاد العريق، أو عدم إتقان لغتها، أو لكون بعضها كان جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق.
وإذا عدنا إلى تاريخ تلك البلاد التي يطلق عليها إسم “تركستان”، لوجدنا أنها كانت تملك حضارة عريقة ومتنوعة الينابيع، فهي متأثرة بالحضارة الصينية من جهة وبحضارة خراسان من جهة، أخرى، كما أنها تحمل الكثير من الخصائص الديموغرافية السكانية المتنوعة.

اقرأ أيضاً: «الواقع اللاَّمرئيّ»… في رواية بدرية الكيومي

هذا عدا عن أنها كانت ممراً للقوافل التجارية، فربطت بين الصين، وأسواق المشرق العربي وأوروبا، وهو ما عرف حينذاك بطريق الحرير. هذه المنطقة المميزة جغرافياً، والتي تضمُّ بعض أبرز المدن العريقة: “سمرقند – بخاري…” شهدت ظهور حركة التصوف بعد دخول الإسلام إليها عام 18 هـ/ 639 م، وذلك للخصائص السمحة التي تحملها الطرق الصوفية من إيمان وأخلاق، ودعوتها إلى الرضى والسكينة والأمان.

كتاب
ومع تزاحم الناس أمام أبواب المتصوفة، سارع الحكام والأمراء في بلاد ما وراء النهر إلى تبني هذه الطرق، وتقريب رجال المتصوفة، والتتلمذ على أيديهم، ما رفع من شان رجال الصوفية، فبلغوا المراكز العليا داخل الدولة. هذا يدفع إلى طرح الإشكالية الآتية:
ما هي الظروف التي ساعدت على انتشار التصوف في وسط آسيا؟ من هم أبرز المتصوفة الذين عرفوا في تلك البلاد؟
ولا بد في طبيعة الحال من أن نأتي على تعريف بلاد ما وراء النهر، مع أبرز مدنها، والإمارات التي حكمتها. إن هذه الدراسة لم تكن سوى لتسد حاجة القارئ إلى المعرفة بطرق الصوفية المتأثرة بمدارس وسط آسيا، والتي يصعب الحصول على المعلومات الكافية حولها، وهو ما عانيته من خلال جمعي للمادة المطلوبة، لندرة الدراسات العربية حول هذا الموضوع من ناحية، ولأن معظم ما كتب عن هذه البلاد كان من قبل الرّحالة الغربيين ومعظمه لم يترجم وهي كتب يصعب العثور عليها.

اقرأ أيضاً: «جسد محرّم» قصص حبّ وخيانة لحنان ضيا

وتتوزع هذه الدراسة على ثلاثة فصول:
1 – الفصل الأول: جغرافية مدنها.
2 – الفصل الثاني: دخول الحاكمة.
3 – الفصل الثالث: الطُّرق النهر.
واختتمت خاتمة الكتاب بالآتي: ومن أبرز الشخصيات الصوفية التي كان لها الأثر الأبرز في بلاد وسط آسيا، العلامة يوسف الهمذاني، الذي يعتبر مؤسسة المدرسة الصوفية في وسط آسيا، وفي هذه المدرسة تخرّج عدد من كبار رجال المتصوفة، منهم عبد الخالق غيجدوفاني (وهو خط فارسي)، وأحمد يسوي (وهو خط تركي)، ليستمر التصوف عبرهما لتظهر فرق صوفية فرعية حلّت مكان مدرستيهما، وتستمر إلى وقتنا الحاضر، متجسدة من خلال النقشبندية والكتاشية والمولوية وغيرها من الفرق الصوفية التي وعلى الرغم مما يشهده إعلامنا اليوم من تطور علمي وتكنولوجي، ورغم التطرف الديني، إلا أن هذه الطرق الصوفية لا تزال تجد أرضاً خصبة في عالمنا العربي والإسلامي، كما في تركيا ووسط آسيا، حيث لا تزال الطرق الصوفية تمتلك القدرات البشرية والمادية، وإن كانت أضعف من قبل.

السابق
الإرهاب والحجّة السخيفة المؤذية
التالي
الشيوعي أنور ياسين: كانوا يقولون هناك تكليف شرعي والناس غير أحرار