صراع الاجتهادات القانونية بين عون وبرّي… كيف سينتهي؟

عكّرت الأزمة الدستورية المستجدة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري صفو الأجواء الإيجابية التي طفت على سطح قانون الانتخاب. فبأي إطار توضع خطوة اجتهاد بري الدستورية؟ وهل ستنعكس هذه الأزمة على القانون الانتخابي؟

بعدما لفّ المناخ الإيجابي الأجواء اللبنانية، مع التوافق على إعتماد القانون النسبي عاد المشهد الداخلي الى مربعه الأول إذ شهدت العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري انتكاسة بسبب تصادمِ الصلاحيات والتفسيرات الدستورية المتناقضة حول فتحِ الدورة الاستثنائية ومن هو صاحب الصلاحية في ذلك.

أمّا القانون النسبي بدوائره الـ 15 المتفق عليه مؤخرا، فيراوح مكانه بإنتظار حلّ الخلاف الذي طفا على سطح الماء أمس على إقتراح وزير الخارجية جبران باسيل نقلِ المقاعد المسيحية من منطقة إلى أخرى.

اقرأ أيضاً: بري يواجه عون ويثبّت دستورية قراره بعقد جلسة 5 حزيران

وانطلقت الشرارة أمس بين بعبدا وعين التينة، مع إعتماد بري إجتهادا دستوريا ردا على تأخير فتح دورة استثنائية للمجلس من قبل عون. مما أثار أزمة دستورية في تفسير نصّ المادة “59” بين الجهتين مع إعلان بري في مؤتمر صحافي امس اجتهادا دستوريا استقاه من روحية الدستور الفرنسي، بما يتيح تمديد العقد العادي الحالي ذاتياً لمدة شهر إضافي ينتهي نهاية حزيران من دون الحاجة إلى انتظار استخدام رئيس الجمهورية صلاحيته بفتح الدورة الاستثنائية، مستندا بذلك إلى مصطلح “تأجيل” انعقاد المجلس، الواردة في نصّ المادة 59 والتي لا تعني، بحسب بري سوى تأخير مدة الانعقاد إلى موعد آخر وليس الغاء الانعقاد.

وقد رفع برّي من سقف خطابِه بوجه ما سمّاه الهجوم المستغرب الذي تعرّضَ له من «التيار الوطني الحر» على خلفية تحديدِه موعد الجلسة التشريعية في 5 حزيران المقبل، مستهجنا تصويرَ خطوتِه هذه وكأنّها اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية. حيث سارعت بعبدا بالرد عليه عبر قناة “otv” متسلّحين بـ”المادة 32 من الدستور التي تؤكد بنصٍ واضحٍ لا لبسَ فيه أن العقد النيابي تتوالى جلساتُه حتى نهاية شهر أيار.. ونقطة على السطر. إذ تحيل الجميع إلى المواد 31 و32 و33 من الدستور والتي هي شديدة الوضوح حول كيفية فتحِ الدورة، ومن هو صاحب الصلاحية بذلك وبالتالي لا اجتهاد امام النص “.

وفي هذا الإطار أكّد الخبير الدستوري المحامي انطوان سعد لـ “جنوبية” أن “هذا الحق نشأ مع أوّل ظهور للتظام البرلماني في بريطانيا اذ يمكن من خلاله أن يمارس الملك ضغطا على البرلمان وبما أن لبنان دستوره مشتق من القانون الفرنسي من حق الرئيس الضغط عليه ويمكنه تأجيل الدورة الإستثنائية على أن ينتهي العقد النيابي حتى نهاية شهر أيار بحسب المادة 32”. وأضاف “ولا ينعقد المجلس إلا بدورة استثنائية وبمرسوم صادر من قبل رئيس الجمهورية بإتفاق مع رئيس الحكومة، أو ينعقد بطلب من الـ 128 نائبا مجتمعين الا أنه بوجود مقعدين شاغرين مما يجعل الأمر غير قابل للتنفيذ”.

وأكّد سعد أنه “لا يجوز الإلتفاف على حق رئيس الجمهورية بمقولة غير دستورية، ولا يمكن القول أن المجلس النيابي سيد نفسه “. مشيرا إلى أن ما قاله “بري هرطقة لا ترتقي إلى مرتبة الدستور”.

من جهة ثانية، كان لـ “جنوبية” حديث مع الصحافي والمحلل السياسي نبيل هيثم الذي أكد أن ” بري عندما طرح موعد الدورة الاستثنائية، كان هناك توافق سياسي حقيقي عليه بين الرؤساء الثلاث عون وبري والحريري وكانت الأجواء بمنتهى الإيجابية على اساس أن يصدر عون المرسوم يوم الجمعة لكن هذا الأمر لم يتمّ”. وتابع “هذا ما يطرح تساؤلات حتى لدى الحريري بعدما كان مهتما باصدار المرسوم وينتظره”. مضيفا “السؤال هو ما الذي حصل لدى عون بعدما كان متفقا مع الرئيسين؟”.

وأشار هيثم إلى أن “عدم إصدار المرسوم لا يؤشر إلى حلّ بل إلى تصعيد.

مجلس النواب

وتابع، لهذا الأمر لجأ برّي إلى حقه الدستوري بالإعتماد على المادة 33 و 39 التي ترعى كيفية فتح دورة استثنائية”. وتابع ” بري لم يصعّد بوجه عون إنما الأخير هو الذي صعد بعدم إصدار المرسوم “.

ولفت إلى أن “عون هو من اختلق الأزمة حول أحقية من يفتح الدورة، على الرغم من انه جرى الاتفاق على هذا الأمر”.

وردا على اتهامات البعض لبري بأنه خرق الدستور وتعدى على صلاحيات رئيس الجمهورية، قال إن بري “لم يخرق الدستور مشيرا إلى أن هناك تفسيرا دستوريا عقلانيا وتفسيرا سياسيا فالمجتهدون بالدستور كثر”.

اقرأ أيضاً: الأنظار نحو عون: هل سيوقع على مرسوم فتح دورة استثنائية؟

وفيما يتعلّق بتأثير هذه الأزمة الدستورية على مجريات القانون الانتخابي أكّد هيثم ان “عون من يصرّ على الأزمة الدستورية، وهي دليل على خطوة تصعيدية لعرقلة الاتفاق الذي جرى مؤخرا على النسبية وهذا يظهر جليّا مع فرض الشروط ومنها نقل المقاعد النيابية من منطقة الى أخرى”.

وخلص إلى أنه “من يعطّل فعليا الملف الانتخابي العقلية التي تسود التيار الوطني، فلو انهم يريدون الحلحلة لكانو ثبتوا على النسبية الكاملة دون شروط”. مشيرا إلى التغير في موقف عون عقب انتخابه والان مذكرا بمقولته الشهيرة بعد انتخابه حين قال ” النسبية هي الخلاص فحتى لو خسرنا مقعدين او ثلاثة لكننا نكسب الوطن”!

السابق
لبنان بين سندان العقوبات الأميركية ومطرقة الانهيار المالي!
التالي
بالصورة: سقوط مقاتل لحزب الله في سوريا