«الشبريحا»: تهجير مواطنين لحساب النافذين في الوطن!

رغم ان الموضوع لا يزال عالقا منذ أكثر من عشر سنوات، الا ان خروج قصة "مجمع الشبريحا" الواقع بين صيدا وصور لم يخرج الى الضوء الا مؤخرا. نظرا لكون المتضررين من هذا الملف يواجهون شركة انشاءات ضخمة مدعومة من أكبر قوة سياسية في الجنوب.

قلة من اللبنانيين سمعت بإسم مجمع “الشبريحا”. لكن مؤخرا بات هذا الإسم يتردد على مسامع الجميع، علما ان عددا من وسائل الاعلام المحلية امتنعت عن تغطية تحركات الاهالي خوفا من بعض المتنفذين، رغم ان القضية إنسانية بحتة.

إقرأ ايضا: الأوتوستراد الجنوبي يخترق مخيم «الشبريحا» ويهجر اهله

أحد الشباب الفلسطينيين القاطنين في الشبريحا، وهو عبد المجيد عوض، شرح في لقاء سابق لـ”جنوبية”: “أن المأساة التي يعيشها اهل الشبريحا  تتلخص بأن الطريق الدوليةً المزمع شقها ستمر في قلب المنطقة التي يعيش فيها فلسطينيون ولبنانيون منذ زمن، وستقتلع معها أكثر من 50 عائلة، بسبب كونهم لا يملكون سندات ملكية، ولكون أرضهم أرضاً أميرية. لذا عليهم الرحيل والمغادرة مع تعويض زهيد لا يتعدى لعشرين مليون ليرة لبنانية!”.

وللعلم، تجمع “الشبريحا” يقع شمال مدينة صور، اذ منذ العام 1952، انتقل اللاجئون اليه، وهو أرض “أميرية” أي مشاع، تابعة لبلدية العباسية. ويعيش قاطنوه على الزراعة في ظل غياب أية ضمانات صحيّة من الاونروا، التي لا تعترف به كمخيم.

من هنا، ناشد المتضررون “جنوبية” لمساندتهم في ايصال صوتهم. فالمبلغ البسيط الذي لا يتعدى الـ40 مليون ليرة على بناء لعائلة مكوّنة من سبعة افراد لا يكفي لشراء غرفتين صغيرتين في مكان يليق بالبشر، بحسب احد المتابعين للملف.

ويذكر (ش.ي)، وهو رجل مسنّ، ان شركة “الاتحاد” المملوكة من نافذين كبار ابرزهم ناصيف سقلاوي، والراحل ابو ظافر رئيس اتحاد بلديات صورالسابق، التي تنفذ مشروع توسعة اوتوستراد الجنوب قرب صور، لن تدفع له سوى 13 مليون على منزل بمساحة 100 متر. وهو الذي يقطن مع زوجته واولاده الخمسة في منزل واحد.فالى أين سيذهب؟”. كما قال.

يُذكر أن الأوتوستراد الذي ستكمله الدولة اللبنانية في المنطقة هو من المشاريع التطويرية في الجنوب، لذا يطلب الاهالي تغيير خط سير الأوتستراد بعيدا عن منازلهم. وهو الذي كان بعيدا اصلا عنها لولا تضارب سير خط هذا الاتوستراد مع مصالح شخصيات نافذة جنوبا، فتم تغيير خط سيره دون مراعاة وضع القاطنين في التجمع الصعب.

فتجمع “الشبريحا” للاجئين يقع في منطقة صور، ويبعد عن العاصمة اللبنانية بيروت حوالي 75 كلم. ويبلغ عدد سكان التجمع حوالي 1500 لاجىء. وهو قد تأسس في العام 1952. لكن الى الان غير معترف به جغرافياً لا من قبل الاونروا، ولا من قبل الدولة اللبنانية، علما ان سكان هذا التجمع هم من اللاجئين البدو من عرب السمنيّة، والحمدون، والقديرات، التي كانت تسكن قرب القرى الفلسطينية التابعة بمعظمها إلى قضاء صفد للحفاظ على العادات والتقاليد وترابط العائلة والعشائر. فالبدو يشتهرون بتربية المواشي من الغنم والبقر والدجاج. فهذه العائلات تختار التجمعات الخاليّة من السكان كمكان لها وللمواشي”.

وقرار الجرف هذا من أجل شق الاوتوستراد، والذي أثار الرعب في قلوب من بقي من العوائل، بعد هجرة معظمهم الى اوروبا، لم يشمل فقط العائلات الفلسطينية التي يبلغ عددها 29 منزلا، وانما ايضا سبعة منازل يسكن فيها إحدى عشرة عائلة لبنانية.

وفي اتصال مع احد المتابعين للملف من بداياته رفض ذكر اسمه قال: “معلوماتنا ان المهندس الذي غيّر سير المشروع من اراضي بعض المتنفذين نحو الشبريحا قد قبض على الخرائط الجديدة 5000 آلاف دولار، لان الاتوستراد كان يمرّ في مكان آخر، وتمّ نقله ليجتاز مخيم الشبريحا كي لا تُستملك اراضي نافذين، رغم ان قرار النقل يحتاج الى مرسوم من مجلس الوزراء، وليس عبر قرار محلي”.

وهذا “التغيير حصل ايام الراحل أبو ظافر، رئيس اتحاد بلديات صور، فقد جاء حينها مسّاحون ووضعت علامات على البيوت وكشفوا على المكان، ونحن كنا اطلعنا على الخرائط في ادارة التنظيم المدني “القديمة والجديدة”، وتبيّن لنا التغيير حصل لحساب مصالح النافذين”.

ويتابع بالقول “المبلغ المرصود لكل وحدة سكنية هو غير المبلغ الذي سيدفع للقاطنين بالشبريحا. فالتعويض يجب ان يكون ثلاثة اضعاف ثمن الوحدة السكنية، فقد دفعوا في الجيّة حين مرّ الاتوستراد في اراضيهم 100 ألف دولارلكل دونم، وذلك ايام الرئيس رفيق الحريري أي منذ حوالي 25 سنة تقريبا!!”

ويتابع المصدر”فبدل ان يعطوا هذه العوائل الفقيرة مبلغا مناسبا لشراء منزل، سيعطونهم 44 مليون ليرة عن كل وحدة سكنية فقط، ولا ننسى الزراعات الموجودة في التجمع والتي يعيش منها الاهالي”.

ويؤكد المصدر ان “السرقات واقعة في هذا الملف، فالتعويضات وهمية وغير حقيقية، وتتم عملية احتساب وحدة سكنية واحدة فقط مهما كان البناء يضم طوابق وتسكنه عائلات، والمهددون بالتشرد الان 77 عائلة يضمهم 50 منزلا، 26 بيتا لبنانيا اغلبهم يمتلكون سندات ملكية، و22 بيتا فلسطينيا نزحوا الى مجمع الشبريحا منذ 50 عاما”.

“وقد زار الاهالي كل من المفتي محمد  قباني، ورئيس مجلس الانماء والاعمار، والوزير وئام وهاب، والسفير الفلسطيني أشرف دبور، اضافة الى اعتصام الفصائل الفلسطينية، وطلبنا عدة مرات موعد من مصيلح الا انهم لم يعطونا أي موعد للقاء الرئيس بري. وتواصلنا مع الوزير ماريو عون، اضافة الى المدعي العام  وجدي رمضان، كما تواصلنا مع الحاج عاطف عون، لكن لا جواب حتى الان”.

وختم المصدر المطلع لـ”جنوبية”، بالقول”يقوم المدعي العام في الجنوب الان باستدعاء الافراد الى المخفر واجبارهم على توقيع  تنازل عن سندات المكية مقابل قبض 44 مليون ليرة للاخلاء”.

السابق
ترامب للسيسي: «أحب حذاءَك»
التالي
سليمان فرنجية يسخر من جبران باسيل!