مرشحو صور يروون تجربتهم: انتهاكات وقمع واتهامات بالعمالة وتفجير فان

عضو الهيئة التنفيذية للحزب الديموقراطي الاشتراكي علي عيد يتحدث لـ" شؤون جنوبية": هذه هي الأحداث الأمنية التي استهدفتنا انتخابياً.

لا تكتمل صورة العملية الانتخابية بالنقاش على مستوى المرشحين فحسب وما واجهوه من معوقات وتحديات، بل أن الممارسات الميدانية تبقى الشاهد الأساس عما يحصل خلال العملية الانتخابية نفسها.
وعلي عيد أستاذ ثانوي من بلدة معركة قضاء صور كان عضواً في الهيئة التنفيذية في الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي كان برئاسه الرئيس المرحوم كامل الأسعد، وعيد ما زال ناشطاً في التيار نفسه وفي العملية الانتخابية النيابية وكما يقول: “لتفعيل الحالة والاستنهاض بوضع الجمهور، وتجربة 1992 كانت أشبه بانقلاب أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، وشهدت خلالها تحريضاً وقمعاً وتعرضاً للكرامات وحوادث أمنية خلال فترة التحضير للانتخابات نفسها”.

اقرأ أيضاً: بشرى الخليل: ترشحت 4 مرات واقصينا بقوة السلاح

حوادث بالجملة
يضيف عيد: من أين أبدأ؟ حسناً من الزرارية، كنا في جولة انتخابية في موكب سيارات ضم النائبين آنذاك أنور صباح ومنيف الخطيب، عندما تصدى لنا مسلحون قرب مخفر الدرك ومنعونا من إكمال الجولة، وصارت مكبرات الصوت تتهمنا بالعمالة لإسرائيل، تدخلت قوى الأمن لتأمين خروج سيارات النواب فحسب، فيما بقينا محتجزين في السيارات نحو أربع ساعات، وبعدها خرجنا من البلدة.

حادثة قانا
يضحك عيد قليلاً قبل أن يستطرد قائلاً: بعد أسبوع من هذه الحادثة كنت مع نفس النواب بالإضافة إلى أمين عام الحزب أحمد بيضون والمرشحة بشرى الخليل في بلدة الأخيرة جويا في جولة انتخابية باتجاه زبقين وعند مدخل قانا أوقف مسلحون الموكب وعرقلوا السير، كان برفقتنا مسلحون، لكن الرئيس كامل الأسعد طلب منهم أن يحمونا شرط عدم إطلاق النار والاشتباك مع الآخرين. أطلقت علينا قذائف B7 مع زخات من
الرصاص، كنا أكثر من 8 سيارات قرب موقع الارتباط. تدخلت قوى الأمن لحماية النواب وجرى إخراجهم من البلدة فيما بقينا محجوزين حتى الساعة الثانية ليلاً، التجأت بعدها إلى مركز الجيش بعد إصابتي إصابة طفيفة، بالركبة.

وفي الشعيتية
يعود عيد ليتذكر ما حصل معه في الشعيتية، ويروي: كنا في زيارة انتخابية عند شخص من آل بنحك وكان الموكب يضم 25 سيارة ومعنا الأمين العام للحزب أحمد بيضون والنائب منيف الخطيب، تعرض الموكب إلى إطلاق نار كثيف وبدأت مكبرات الصوت تطلب منا مغادرة البلدة. اتصل يومها الرئيس الأسعد بالرئيس الياس الهراوي الذي تعهد بعدم تكرار ما حصل وخرجنا من البلدة لنعود إليها بعد فترة لم يطلق علينا الرصاص ولكن كان مكبر الصوت يطلب من الناس عدم مغادرة منازلهم. ومع ذلك أتت نتائج الانتخابات في هذه البلدة كما يلي، حازت لائحة الأسعد على 865 صوتاً في حين نالت لائحة كتلة التنمية والتحرير 1300 صوتاً.
وأذكر أنه في أحد مراكز الاقتراع وجدت أن مقترعاً صورة إخراج قيد، فطلبتُ من رئيس المركز منعه من الاقتراع لكن مندوب حركة أمل قال: غصباً عنك بدو ينتخب” وهذا ما حصل.
حادثة أخرى لا تغيب عن بالي، كنت في سويسرا مع أحد الأصدقاء الذي رفض الحضور للمشاركة في الانتخابات لكني فوجئت بوصول شخص آخر يحمل إخراج قيد مزور بإسم صديقي الموجود في سويسرا، ويريد الانتخاب بإسمه.

شؤون جنوبية

تجاوزات أخرى
وعن التجاوزات الأخرى يروي عيد الذي يحمل في جعبته الكثير من الذكريات عن الحرية والديمقراطية في الانتخابات النيابية، يخبرنا قائلاً: في بلدة زبقين كان رئيس القلم والكاتب من معركة ومن حركة أمل بالذات وهذا مخالف للقانون، إذ يجب أن يكون المشرفون على قلم الاقتراع من خارج المنطقة. ومع ذلك أخبرني أحد المسؤولين أن 365 شخصاً أعطوا أصواتهم للائحة الأسعد في حين نالت اللائحة الأخرى 83 صوتاً.
ويتذكر عيد حادثة طريفة، إذ يقول: في بلدة بافليه كان مندوبنا عاطف ظطام الذي انتخب في أحد مراكز الاقتراع وعند إعلان النتيجة، نالت لائحة الأسعد صفراً. فتساءل ظطام: أين ذهب صوتي، الذي وضعته بيدي في صندوقة الاقتراع؟ ربما كانت أشعة الشمس يومها حامية وتبخّر معها.

التعدّي على القلم أيضاً
ولا ينسى عيد ما حصل خلال التوجه إلى مهرجان كفرتبنيت عام 1992: كنا في موكب سيارات متجه من طريق برج رحال حين أوقفنا مسلحون وأعادوا الموكب من حيث أتى. كنا نحمل العلم اللبناني فقط وقد أقدم أحدهم على إهانته وتمزيقه.

الانتخابات البلدية

العلاقة مع حزب الله
وينتقل عيد إلى تجربة عام 1996 ليقول: أن الانتهاكات كانت أخف من الدورة الأولى لأن الضغوطات صارت تطال الناس من خلال رشاوى رسمية ومن خلال مواقع السلطة نفسها. لكن لائحتنا التي أعلنت تركت مقاعد شاغرة لحزب الله في محاولة لتبادل الأصوات. وإذا كانت حركة أمل أقدمت على شطب مرشحي حزب الله من لائحتها، فإن عناصر حزب الله لم تصوت للائحتنا على الرغم من أننا أعطينا حزب الله أصواتنا.
وفي تجربة 2000 كان النفوذ الأسعدي قد تدهور وباتت السلطة بامتيازاتها كافة ملك طرفي الثنائي الشيعي.
وفي عام 2005 كانت الانتخابات الأكثر عنفاً وبدأ الضغط يتحول من حركة أمل إلى حزب الله، وفي الطيبة طوّق مسلحون قصر آل الأسعد قمنا باتصالات شملت مقامات عالية وكان الجواب أننا عاجزون عن حمايتكم، كان هناك وفوداً من بليدا – حولا – تولين – عديسة – صور – جويا – قانا – زبقين. يومها سقط جرحى، وفي الطيبة نفسها كانت مكبرات الصوت تنادي: جاء عملاء إسرائيل، هبوا لتحرير الطيبة. بقينا محتجزين ما بين الساعة الثالثة إلى الثامنة مساءً، والجيش غير قادر على إخراجنا، بعدها خرجنا عبر طريق ترابية ما بين الطيبة ورب ثلاثين يحيط بنا مسلحون من حزب الله. والآن هناك سيطرة قمعية كاملة يتولاها حزب الله والاتهامات جاهزة، عميل، مهرّب مخدرات أو تكفيري.

اقرأ أيضاً: هكذا حاربت الثنائية الشيعية المرشحين المستقلين في انتخابات 2005

ويختم عيد روايته للأحداث بحدث لن ينساه طوال حياته ويقول: بعد نتائج الانتخابات عام 1992 جرى تفجير سيارة عبد الله عيد (مدير مدرسة معركة) وأتت اليونيفيل وأكد خبراؤها أن التفجير تم لاسلكياً. وطلب مني أحدهم من معركة وهو في حركة أمل، أنه في حال قدوم الإعلام إن اوجه الاتهام لجماعة الخليل.
وبعدها جرى تفجير سيارة خاصة بي من خلال متفجرة كادت تودي بحياتي وحياة والدتي التي بقيت سنتين أعالجها. وتعود وتسألني عن الحرية والديمقراطية في انتخابات الجنوب؟

(هذه مادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” – العدد 163 – ربيع 2017)

السابق
الجراح: بالوزارة لا في لحمة ولا عظمة لنرميها للبعض
التالي
عون يتفهّم ويوافق على تمثيل الحريري للبنان في قمّة الرياض