«العنف الأسري/ رجال يتكلّمون» لـ عزّة بيضون…

ماذا يقول الرجال الذين يعنفون زوجاتهم؟

في سياق استكمال مشروعها الخاص والمتصف، بالاهتمام الجدي والموضوعي، بتحرير المرأة عندنا، من العنف الجندري خصوصاً والعنف عموماً، هذا الاهتمام الذي أظهرته في مواقفها الاجتماعية ونشاطاتها الثقافية، ووثّقته في مؤلَّفاتها العديدة والقيِّمة، تُواصل الباحثة اللبنانية والمستشارة في شؤون المرأة والجندر، الكاتبة الدكتورة عزّة شرارة بيضون، إطلاق مواقفها التحرّرية، في كتابها الجديد والموسوم بـ”العنف الأسري/ رجال يتكلّمون”، وهذا الكتاب هو دراسة صادرة في بيروت وفي طبعة أولى (أواخر عام 2016)، وفي إصدار مشترك فيما بين “منظمة أبعاد” (فرن الشباك)، و”منظمة دياكونيا” (بدارو، شارع العلام)، و”مؤسسة سويدن” (المؤسسة السويدية للتعاون الدولي من اجل التنمية).

اقرأ أيضاً: دلال البزري تكشف عن تجربتها الحزبية في «سنوات السعادة الثورية»

هذا، ومن جملة المسائل والقضايا التي تُعرَّف هذه الدراسة قارئها عليها، مسألة “ماذا يقول الرجال إذا سئلوا عن سبب تعنيفهم لزوجاتهم”؟ (كما يقول عنوانها الفرعي) ذلك أن هذه الدراسة هي بحث ميداني لدراسة أحوال الرجال، ممارسي العنف، من منظورهم الذّاتيّ….

العنف الأسري

وتوضح الكاتبة في مقدمة الدراسة قائلة: إن نظرة إجمالية على الدراسات الميدانية التي نُفذت في العقدين السابقين في لبنان تشير إلى عناية غير قليلة أولاها منفذوها للمعنفات/ الناجيات/ المستفيدات من خدمات المنظمات غير الحكومية المعنية بالعنف ضد النساء عندنا. وفي أكثر هذه الدراسات نجد تفصيلاً لسمات ممارس العنف الشخصية والديموغرافية والأسرية، وأيضاً لاتجاهاته وتفاصيل سلوكه العنفي وقيمه الحاملة لذلك العنف إلخ… وكلها من وجهة نظر النساء المعنفات ووفق اختباراتهن للعيش معه، وفي إطار انتظاراتهن وتوقعاتهن لطبيعة العلاقة بينهن وبين ممارسي العنف عليهن. لكننا لسنا على علم بوجود أبحاث ميدانية عندنا حاولت دراسة أحوال الرجال، ممارسي العنف، من منظورهم الذاتي؛ فبخلاف ما جاء على لسان النساء العمنفات، فإننا نجهل روايات الرجال الشخصية عن ممارساتهم العنفية. أي، إننا لا نملك إجابات الرجال، ممارسي العنف أنفسهم، عن الأسئلة المرتبطة بالمواضيع ذات الصلة. هذه المواضيع هي التالية: تعريفهم عن أنفسهم وتصوراتهم بشأن مسارات حيواتهم وأحوالهم الشخصية والأسرية والعلائقية، رواياتهم الخاصة للعنف الذي يمارسونه في إطار أسرهم، اتجاهاتهم نحو المرأة ونحو العنف، تصوراتهم واتجاهاتهم نحو الحلول القائمة والمتصورة لأحوالهم، موقفهم من تدخّل الدولة في المجال الأسري، وغير ذلك من مواضيع تفيد دراستها في توفير صورة أكثر اكتمالاً لموضوع العنف ضد النساء في أسرهن، ولسُبُل الحدّ منه، من تلك التي حصلنا عليها حتى حينه، عبر مسألة الضحايا/ الناجيات في أبحاثنا. إن اكتمال الصورة المطلوبة باشتمال الرجل في الأبحاث حول الموضوع ليس ترفاً فكرياً بل ضرورة يمليها تطبيق القانون المذكور بطريقة تخفف إلى الحد الأدني من عثرات مرتقبة بفعل تدخل القضاء المدني للمرة الأولى في مجال الحياة الأسرية من بابه الواسع.

اقرأ أيضاً: «ما خَلْفَ الفكرة»… عن سرّ الإبتكار للكاتبة السعودية راما الحجّي

هذه الدراسة تطمح للإسهام في الإضافة إلى المخزون المعرفي للمعنيين بموضوع العنف ضد النساء في أسرهن: هؤلاء هم الجسم الحقوقي (المشرع والقضاة والمحامون)، المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية المعنية بموضوع العنف ضد النساء، المعالجون النفسيون والمرشدون النفسانيون إلخ، (بل والدينيون ممن يرغبون في ذلك) إضافة إلى الباحثين الاجتماعيين؛ أي، كل مَنْ مِنْ شأنه أن يجعل قرارات الأشخاص، ذات الصلة بالعنف ضد النساء، قائمة على المعرفة الموضوعية/ الميدانية، لا على المعتقدات والقيم والاتجاهات والاستدلال المنطقي، حصراً.

السابق
دوام موظفي المؤسسات الرسمية خلال شهر رمضان
التالي
السرطان البيئي يطال عين دارة أيضاً