هل فشلت الجماعة الإسلامية في إعلان «رؤية وطن»؟

اعلنت الجماعة الإسلامية فرع لبنان، نهار أمس الأحد، وثيقتها التاريخية المعنونة "رؤية وطن" في البيال. فهل كانت موفقة في عرضها؟

فاجأت الجماعة الاسلامية الجمهور اللبناني بالاعلان عن وثيقتها بُعيد اعلان حركة “حماس” الفلسطينية عن وثيقتها التاريخية منذ ايام قليلة، والتي بدلت فيها بعض المبادئ الاساسية كونهما ينتميان إلى مدرسة الإخوان المسلمين.

إقرأ ايضا: هل تسير الجماعة الإسلامية في لبنان في وثيقتها على خطى «حماس»؟

وبالعودة الى ظروف تأسيس الجماعة الاسلامية في لبنان، كان لجوء مصطفى السباعي، المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، إلى لبنان عام 1952 حيث استطاع زرع بذرة الاخوان في “جماعة عباد الرحمن”التي كانت قائمة في بيروت  على يد محمد الداعوق عام 1950، ومجموعة شباب طرابلسيين أبرزهم الراحل فتحي يكن.

ففي عام 1956 بدأت الجماعة الاسلامية في بيروت تنشر فكرها، وسعت الى تكريس دورها الاجتماعي أكثر فأكثر، الى ان تشكلت سياسيا على يد كل من فتحي يكن، وفيصل مولوي، وابراهيم المصري، ومحمد علي الضناوي، حيث أُعلن رسميّا عن انطلاقتها عام 1964 بموجب علم وخبر رقم 224.

وفي اطلالة على الوثيقة الجديدة التي حملت اسم “رؤية وطن”، يقول النائب عماد الحوت، عضو المكتب السياسي في الجماعة الاسلامية، ان “الوثيقة تؤكد على مرحلة جديدة من العمل المشترك مع كل المكونات اللبنانية”. و”رؤية وطن” كانت خلاصة التركيز على الواقع اللبناني وانعكاساته على الواقع الاقليمي.

و”قدمت الجماعة فيها رؤيتها حول كيف يجب ان يكون لبنان، وكيف بنيت المؤسسات. وأُطلقت الوثيقة لتكون بين أيدي القيادات السياسية حيث ستوزع على جميع القوى السياسية في لبنان”.

وردا على سؤال ما اذا كان ما ورد في الوثيقة هو نفسه ما تناوله الأمين العام عزام الايوبي في خطابه أمس؟ أكد الحوت ان الأمين العام للجماعة الاسلامية في لبنان في خطابه شدد على الانفتاح على الجميع، وعلى كل من هو مقتنع بدولة المؤسسات بعيدا عن المحاصصات”.

و”كلام الأيوبي جاء واضحا لجهة ما يتعلق بالقضايا الاساسية المتفق عليها في لبنان كاتفاق الطائف، والديموقراطية، والشفافية، ومحاربة الفساد، والواقع القيمي، ودور المرأة، وقضايا المجتمع،….”.

“كما ركز الايوبي في خطابه أمس على رؤية الجماعة للمشاركة في تنفيذ الرؤية  من خلال الدور الريادي للجماعة الاسلامية.

ولكن هل انطلق الايوبي من الواقع اللبناني؟ يؤكد الحوت “ان لبنان أصيب بالطائفية لكنه لا يتحمل هذا النوع من الاداء السياسي، كما لفت “الى ملف المساجين الاسلاميين مؤكدا انه ملف سياسي”. وشدد على “ان لبنان ليس عبارة عن تحالف اقليات”. ورفض هذا المنطق الذي ادى الى رفض المنطق وطالب بالتساوي بالحقوق والمواطنية.

واقعيا لبنان مجموعة أقليات من كل طائفة ولا احد يفكر  بالسيطرة، ولكن في الاداء السياسي  لا يجب ان ننطلق من منطق الاقليات ودعا الى تحييد لبنان عما يحصل حوله اي ان لا يتدخل في حروب الاخرين ولا نسمح بجر البلد الى الحرب.وبالتالي تدخل حزب الله في سوريا مرفوض. اضافة الى الخطاب الطائفي المرفوض.

ولكن القضية الفلسطينية قضية عربية، فماذا تقول عن التناقض في تأييد للقضية الفلسطيينة ورفض التدخل في سوريا قال “انا اعتقد ان كل اللبنانيين يؤيدون القضية الفلسطينية، ولكن هذا لا يعني اننا نتدخل بالقضة الفلسطينية، ولكننا مع تحييد لبنان. ونحن متعاطفون مع القضية الفلسطينية ولكننا لم  نتدخل في سوريا”.

وتعليقا على انسحاب حزب الله من السلسلة الشرقية على الحدود اللبنانية السورية، قال النائب الحوت “اذا كان هذا الانسحاب يأتي في سياق الانسحاب الكامل من سوريا فهو أمر مرحّب به بحق نفسه وبحق الواقع اللبناني، اما اذا كان انسحابا تكتيكيا، فهذا يعني انه مصرّ على الخطأ، وبالتالي موقفنا من هذا على حاله”.

في المقابل، رأى محلّل متابع لمؤتمر الجماعة الاسلامية وخبير بالشأن الاسلامي رفض ان يذكر اسمه، “ان المؤتمر كان ناجحا، لكن ثمة ثغرة فيه، وهي موضوع الاعلام الذي لم يكن بالمستوى المطلوب، حيث كان المؤتمر يحتاج الى تغطية اعلامية اوسع”.

فاضافة الى “ضعف الوسائل الإعلامية شهد المؤتمر غياب الحضور الشيعي، فلم يحضر من الشخصيات الشيعية سوى السيد حسين الحسيني، في ظل غياب ممثل عن حركة أمل وممثل عن حزب الله، اضافة الى غياب الاحزاب الوطنية، اضافة الى حضور دبلوماسي قليل، اقتصر على بعض الدول كقطر وتركيا والسعودية والسودان”.

لكن “مع حضور رسمي للرؤساء السابقين، واعضاء من الجمعيات البيروتية، وممثل عن البطريرك بشارة الراعي، وممثل عن تيار المستقبل، وممثل القوات الوزير السابق جو سركيس.

ويرى المراقب الاعلامي، الذي رفض الكشف عن اسمه، ان هذا الحضور المتفاوت يعطي صورة عن حجم العلاقات التي كونتها الجماعة في لبنان. والحضور، برأيه، هو خلاصة علاقات الجماعة، ووضعها قبل االمؤتمر، خاصة في ظل غياب الاوروبيين، لكن هذا لا ينفي أهمية المؤتمر في الشكل والمضمون”.

واضاف “على الصعيد الفلسطيني، شاركت حركة حماس، مع غياب لحركة الجهاد الاسلامي وبقية الفصائل الفلسطينية.

“والحضور الوارد ذكره، بحسب المحلل السياسي، مرتبط بالإشكاليات التي تقول بها الجماعة، وبحجم العلاقات التي نسجتها طيلة الفترة الماضية”.

إقرأ ايضا: هل شاخت «الجماعة الإسلامية» في لبنان؟

ويختم الخبير الاسلامي “ان الحدث كان مهما، وهو جزء من خيار قديم، وعبارة عن تنسيق مع الإخوان المسلمين العالمية، ولتظهير قطريتهم، ووطنيتهم، كما سارت “حماس” و”النهضة”. ويبقى التحدي الآخر هو كيفية تسييرها والانفتاح على الاخرين”.

السابق
البخاري يقدم درع وزارة الخارجية السعودية لحاصباني
التالي
نضال الأحمدية: لا أسمح لأحلام بتقبيل أقدامي وأقدام أفراد عائلتي