ذكرى يوم النكبة: فلسطين هي الأصل…

النكبة
مقتطف: اليوم 15 أيار، ذكرى النكبة التي يحييها الفلسطينيون سنوياً منذ 69 عاماً، ذكرى اقتلاعهم من أراضيهم وطرد نصف الشعب الفلسطيني إلى الكيانات المحيطة بفلسطين.

اليوم 15 أيار، يحتفل الإسرائيليون بالذكرى 69 لتأسيس دولة إسرائيل على أرض ينظر إليها الغلاة منهم على أنها أرض الميعاد الأيديولوجية.

بعد احتلال دام أكثر من قرن، اضطر البريطانيون للانسحاب من أراض احتلوها وأطلقوا عليها اسم درة التاج البريطاني وهي الهند التي نالت استقلالها، كذلك فعل الفرنسيون وانسحبوا من الجزائر أيضاً بعد احتلال دام نحو 130 عاماً. لكن هنا أصبحت فلسطين هي إسرائيل، وإسرائيل هي فلسطين، المأساة أكبر بكثير.

اقرأ أيضاً: سوريا والعراق.. مأساتان تطغيان على النكبة الفلسطينية

الأوروبيون حاولوا حل المشكلة اليهودية والاضطهاد الذي تعرض له اليهود في أوروبا على حساب شعب آخر غير أوروبي بالطبع. العصابات الإسرائيلية احتلت أراضٍ فلسطينية بدعم غربي واسع وأقامت دولتها عام 1948، واستمرت بسياستها العنصرية والمندفعة نحو بناء دولة يهودية صافية، وأمس الأحد طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيامين نتنياهو من رئيس الائتلاف الحكومي دافيد بينات الإسراع في تشريع قانون القومية الذي صادق عليه الكنيست بالقراءة التمهيدية، قانون ينص على أن دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي. إنه مشروع قانون يمنح الشرعية للتفرقة العنصرية في مجالات الحياة كافة، ويؤسس لنوعين من المواطنة واحدة لليهود وأخرى للعرب الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين.

إسرائيل دولة تسير عكس المسار الطبيعي للبشرية، ولكن من قال أن هناك حتمية تاريخية؟ أعتقد أن الحرية موجودة حتى في حركة التاريخ. إسرائيل تسير ضد كل الخيارات الممكنة التي قد تفتح الباب أمام تسوية تاريخية.
أوروبا لم تكن وحدها وراء وجود إسرائيل.

في مطلع الألفية الثالثة سألت أحد الفلسطينيين الذي كان لاجئاً في العراق، كيف وصلتم إلى هناك؟ أجابني: كنت طفلاً صغيراً عندما حضرت شاحنات عسكرية من الجيش العراقي، تحمل عائلات علمت لاحقاً أنها عائلات عراقية يهودية. أنزلتها الشاحنات في وسط قريتي وعادت إلى العراق تحمل عائلات القرية الفلسطينية، أيضاً الأنظمة العربية ساهمت في تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتهجير اليهود العرب من أراضيهم أيضاً.


عام 1965، أطلقت حركة فتح رؤيتها للوصول إلى تسوية من خلال بناء دولة ديموقراطية علمانية على أرض فلسطين التاريخية يعيش عليها الجميع. هذا الخيار رفضته إسرائيل بتاتاً.

بعد أيام تحتفل إسرائيل باليوبيل الذهبي لاحتلالها عام 1967 ما تبقى من أراض فلسطينية والذي سمح لها بالسيطرة ليس على الأرض فحسب بل على ما تبقى من شعب فلسطيني أيضاً. وفي عام 1988 أعلن المجلس الوطني الفلسطيني دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية احتلتها إسرائيل عام 1967، لكن إسرائيل لم تكترث وكان أمامها خياران لا ثالث لهما، الخيار الأول ضم الأراضي الفلسطينية إليها لتتحول إلى دولة ثنائية القومية، وهذا خيار رفضته خوفاً من الديموغرافيا. أما الخيار الثاني هو الانسحاب من الأراضي المحتلة، وهذا ما رفضته أيضاً تحت شعار لا شريك في التسوية، وفتحت الباب أمام الاستيطان غير القانوني متحدية العالم بأجمعه.

عام 1993 وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية مبادئ أوسلو، لكن كل طرف كان له هدف مختلف. رأت إسرائيل أن ما أعطته للفلسطينيين هو أقصى ما يمكن التنازل عنه برأيها، في حين رأت منظمة التحرير أن ما حصلت عليه يومها هو مقدمة لبناء الدولة المستقلة، لكن إسرائيل داست على الاتفاق وتصرفت تصرف المحتل.

إنه الاحتلال الوحيد الذي ما زال قائماً، وإسرائيل ترفض الانسحاب. خطة شارون عام 2002 ما زالت قائمة، قطاع غزة محاصر بشكل محكم، ثلاثة كانتونات في الضفة الغربية تحيط بها مستعمرات استيطانية ويشرف عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، الحل الوحيد الذي تقدمه إسرائيل هو تهجير ما تبقى من الشعب الفلسطيني. “هناك دولتهم شرقي النهر، ولا مكان لهم بيننا”.

اقرأ أيضاً: متى تصبح النكبة مجرد ذكرى ؟

هكذا يقول الإسرائيليون، كأنهم لا يقرأون ما حصل في جنوب إفريقيا، أو أنهم يتحدون الطبيعة، وإذا كان للطبيعة قوانين، فإن قوانينها بحاجة إلى أدوات تنفيذية. والسؤال يطرح أمام الفلسطينيين: ما العمل الآن؟ سؤال يتردد منذ عام 2002، ولا أحد يقدم على الأقل جواباً مبدئياً. لكن تبقى فلسطين هي الأصل

السابق
إضراب السجناء في رومية والقبة يتواصل ومئات السجناء يواجهون بالتصعيد
التالي
بشرى الخليل: ترشحت 4 مرات واقصينا بقوة السلاح