بشرى الخليل: ترشحت 4 مرات واقصينا بقوة السلاح

يسلط هذا الملف الضوء على موضوع الانتخابات والتحديات التي يتعرض لها الناخبين والمنتخبين، لما لهذا الموضوع من أهمية في الأونة الأخيرة، خصوصا أن موعد الانتخابات النيابية الدورية في أيار 2017 بعد تمديد إستمر 4 سنوات.

إنها بشرى الخليل المحامية التي لها عداوة حقيقية مع النظام السياسي الفاسد المتمثل برموز وشخصيات كبيرة. وهي من بلدة جويا جنوب لبنان، تخرجت من الجامعة اللبنانية في العام 1979 من كلية الحقوق، وبالإضافة إلى عملها في المحاماة ترشحت الخليل مرارا لدخول الندوة البرلمانية من دون أن يحالفها الحظ. في هذه المقابلة تروي الخليل قصة ترشحها اربع مرات منها مرتين على لائحة الرئيس الراحل كامل الاسعد حيث نالت نصيبها من المضايقات و”الكمائن المسلحة” وتعرضت لـ”محدلة” الثنائي الشيعي.

اقرأ أيضاً: علي الأمين: على السلطات المعنية حماية المرشحين في مواجهة «الثنائي الشيعي»

* ما هي الضغوطات التي تعرضت لها بشرى الخليل خلال ترشحها لاربع دورات في انتخابات الجنوب؟
تقول: ترشحت اربع مرات على الانتخابات النيابية، سنة 1992، 1996، 2000، و2005. في الدورة الاولى عام 1992 كان الجنوب دائرة واحدة اما في الدورات التالية كانت محافظة الجنوب تضم منطقة صيدا وصور وبنت جبيل أما جزين النبطية ومرجعيون كانت تابعة لمحافظة النبطية.
وفي الدورات الاربع لم يحالفني الحظ وهذا أمر طبيعي. ومن الدورة الاولى أدركت أن هناك استحالة في النجاح علما انني كنت مترشحة مع دولة الرئيس الراحل كامل الاسعد في الدورتين الاولى والثانية. حيث تعرضنا في الدورة الاولى للكثير من الضغوطات المسلحة والعسكرية، وكمائن مسلحة نصبت لنا ولقد واجهناها بأكثر من مكان، في الزرارية وقانا وجويا والجميجمة. كانت الشراسة واضحة من الفريق الاخر الذي سميت حينها بالمحدلة أو اللائحة التوافقية للجنوب.
في ليلة الانتخابات من العام 1992 وبعد جولتي في بلدة قانا، وصلت الى كفرتبنيت، وقابلت الرئيس كامل الاسعد وقلت له” يا دولة الرئيس عندما نكون غير قادرين على تعليق يافطة، وغير قادرين على رفع صورة أو تحريك سيارة فكيف يمكن للناس أن تجرأ على انتخابنا؟ وأقترحت عليه بعد أن انتهينا من حملاتنا الانتخابية، وبعدما تعرضنا لما تعرضنا له من ترهيب وضغط، أن تقوم اللائحة بعقد مؤتمر صحافي نعلن فيه انسحابنا بسبب استحالة اجراء انتخابات حرة ونزيهة. لكنه استنكر ورفض رفضا قاطعا. مع العلم انني كنت متأكدة أن لائحتنا لن تنجح لأن الصورة كانت واضحة بالنسبة لي. كان هناك قرار بمنع وصول لائحة كامل الاسعد الى المجلس النيابي.

وتضيف: أنا شكلت خطرا على الخصم وظهرت تحديات متعددة في أكثر من قضية، مثلا تم تركيب ملفات قضائية لبعض رموز لائحتنا مثل ملف مختار الجميجمة. العوائق في الاساس كانت امنية ولكني تجاوزتها الا ان الناخبين هم الذين تأثروا. باتت الانتخابات في اول دورتين التي ترشحت فيها مثل قصة الامام الحسين قلوب الناس معنا أما سيوفهم فعلينا. أما في الدورات اللاحقة عندما أصبح خصمنا أي حركة أمل واقعاً راسخاً في المجتمع الجنوبي لم يعد الناخب في حاجة الى ضغط أو إيعاز كي ينتخب لائحة بري وحزب الله.
* وماذا عن الدورات الاخرى؟
توضح الخليل: الدورة الثانية كانت أشبه بالدورة الاولى رغم أنني في الاربع سنين التي تلت الدورة الاولى اي ما بين العام 1992 والعام 1996 أنخرطت أكثر في العمل الشعبي وبنيت شبكة علاقات واسعة مع الاهالي في المنطقة. ومع ذلك الامور لم تكن لصالحنا بل كان الوضع يتراجع، لأن لائحة حركة امل لم تكن عام 1992 لائحة دولة. كان نبيه بري في وقتها وزير عدل ولم يكن بيده القرار الرسمي في الدولة. لكن خلال الاربع سنوات تلك التي فصلت بين الدورة الاولى والدورة الثانية اصبحت حركة امل هي الدولة، وبالتالي اصبحت معركتنا اصعب حتى لو كنا على الارض اقوى.
وعن ترشحها أربع مرات تجيب الخليل: بالنسبة لي لو لم اكن امرأة لما أقدمت على ترشيح نفسي لأن النتيجة معروفة. ترشحي كان نوعاً من اثبات الذات والوجود. احببت أن أبرهن للعالم أن هناك امرأة جنوبية لديها كل المواصفات المطلوبة للنيابة. خصوصا أنه في السنوات التي ترشحت فيها برزت نساء في البرلمان من كل الطوائف الا من الطائفة الشيعية، لذلك لم يرق لي هذا الامر مما دفعني الى الترشح لاعطي صورة عن المجتمع الجنوبي. وخاصة أن الدول الاجنبية والدول العربية في تلك الفترة كانت متابعة للشأن اللبناني.
أما في الدورة الرابعة عام 2005، التي ترشحت فيها بلائحة مستقلة كانت اهميتها في الاعلام الغربي الذي كان مسلطاً الضوء على المعركة الانتخابية في الجنوب. السفارات الغربية حينها كانت مهتمة بالانتخابات ودورة العام 2005 كانت اكثر الدورات التي لفت الانتباه فيها خصوصاً انني معروفة بانتمائي الى عائلة دينية عريقة، أبي سيد واخوالي أكبر علماء دين في الطائفة الشيعية. وشكلي ايضا يلفت الانتباه كونه مظهراً عصرياً. فالإعلام لم يعط فكرة حقيقية عن المجتمع الجنوبي إذ ان الكاميرات القت الضوء اكثر على الطبقة الفقيرة والبسيطة.

البرنامج الانتخابي
وعن شعارات البرنامج الانتخابي لحملتها تشرح الخليل قائلة: واحد من شعاراتي كان موضوع التشريع. لأنه مرت فترة طويلة لا يوجد فيها مشرعون في المجلس النيابي وأنا كوني محامية انضممت الى المعركة الانتخابية على اعتبار انه من المفترض ان يكون في المجلس التشريعي شخصيات متخصصة بالتشريع.

شؤون جنوبية

ثقافة الدمار والإعمار
وتضيف: في الدورة الأولى التي ترشحت فيها كنا خارجين من فترة حرب، والذين استلموا البلد عند تعيين النواب وإنشاء أول مجلس بالتعيين كانوا امراء الحرب، أي رموز العمل الميلشياوي والمسلح. يعني الذين امتلكوا ثقافة الدمار خلال الحرب اللبنانية. نحن أردنا أن نعيد بناء البلد بعد حرب أليمة دامت سنوات طويلة فأمراء الحرب لا يمكنهم أن يكونوا امراء السلم. ولا يمكن لمن يملك ثقافة الدمار أن يملك ثقافة الإعمار. في حين انني أرى نفسي من الذين يملكون ثقافة الإعمار.

أسماء المعارك
وتشرح الخليل: في لبنان هناك ثقافة دمار ويمكنك ملاحظة ذلك من اسماء المعارك التي خاضوها كلا الطرفين، اليمين واليسار. مثلا معركة الاسواق، التي دمرت دور لبنان كسوق تجاري للمشرق العربي. ومعركة المصارف، التي ضربت الحركة المصرفية في لبنان والتي كانت مشهورة. ومعركة الفنادق التي كانت ضرباً للحركة السياحية. كل الذين شاركوا في المعارك لم يكونوا حريصين على اعادة احياء لبنان بدليل أن الذين استلموا والذين ادعوا انهم حاربوا التقسيم والتوطين، يقومون بتقسيم البلد اليوم، أليس القانون الاردثودكسي تقسيم؟ ماذا يعني أن تنتخب كل طائفة نوابها؟ وأن يكون لكل طائفة مدرستها وموظفوها الخاصون. ماذا يعني وجود كوتا في القضاء؟

إعادة تأهيل مجلس النواب وتفعيل دوره
وتضيف: زيادة على التراجع الاداري الذي طال المؤسسة اللبنانية، انا اؤمن مع احترامي لشخص الرئيس نبيه بري لكنه بنظري هو أفشل رئيس مجلس نواب مر في تاريخ الجمهورية اللبنانية. لان مجلس النواب له دوران، دور المشرع ودور المراقب. وهذان الدوران خلال السنوات العشرين الماضية كانا غائبين وعن
سبق قرار. صحيح أن رئيس المجلس دوره هو ادارة المجلس، لكن بري يعتبر رئيس اكبر كتلة نواب في البرلمان. من خلال كتلته كان باستطاعته أن يلعب دوراً مهماً. من ناحية انه رئيس المجلس ومن ناحية أخرى انه يملك كتلة كبيرة ومهمة وفاعلة ونافذة. لذا كان من المفترض ان يلعب دوره التشريعي والمراقب للسلطة التنفذية على اكمل وجه. فالمجلس التشريعي تقريباً لم يعد يوجد فيه مشرعون. ابتداءاً من قانون الانتخابات وتطبيق الطائف وقانون الايجارات، أين التشريعات؟ البرلمان فقد دوره التشريعي ودوره الاهم الذي يتمثل بالمراقب لاعمال السلطة التنفذية.
من كان يراقب عندما كان الحريري الاب يقوم بتخريب الاقتصاد؟ وعندما طرح موضوع الخصخصة الذي يعتبر اخطر مشروع على دول العالم الثالث؟ أين كان المراقب عندما وجهوا ضربات للاقتصاد وعاثوا فسادا في كل القطاعات وحمّلوا المواطن اللبناني ديناً عاماً تبلغ قيمته ثمانين مليار دولار والمتوقع ان يصل الى مئة مليار؟ لو أن مجلس النواب قام بدوره كمراقب لأعمال السلطة التنفذية لأوقف الفساد عند حده وحاسب المسؤولين. من هنا فأنه من ضمن مشروعنا الانتخابي كان اعادة تأهيل المجلس النيابي ليعود له دوره من جديد.

اقرأ أيضاً: «الثنائي الشيعي» تفنن في الالغاء والمصادرة

تجربة الطعون
وعن طعنها بالنتائج، توضح: لا شك أننا قمنا بتقييم ذاتي لانتخابات العام1992 وكان من نتائج التقييم ضرورة تقديم طعن لانه تم تزوير الانتخابات على نطاق واسع، لكن كامل الاسعد تراجع عن قرار الطعن ولاشك اننا كنا سننجح لو لم يتم الضغط والتزوير.
وعن المستقبل، تختم الخليل: اليوم لا أترشح إلا إذا ضمنت النجاح وبرأيي من المفروض ان تكون حقبة الحكم القادمة على تاريخ لبنان مليئة بشخصيات مستقلة ذات مواقع قيمية واخلاقية في المجتمع اللبناني. انا اترشح فقط على ضمانة واذا تبنى ترشيحي حزب الله وانا سأسعى كي يسميني حزب الله لانني اعتبر أن بيني وبين الحزب قواسم مشتركة على الاقل بمفهوم المقاومة وسيكون لي الشرف اذا نجحت في اقناع حزب الله في تسمية بشرى الخليل للانتخابات البرلمانية.

(هذه مادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” – العدد 163 – ربيع 2017)

السابق
ذكرى يوم النكبة: فلسطين هي الأصل…
التالي
تركيا المئوية الثانية جمهورية أردوغان