ثلاثة عقود من «تدجين الجنوب» انتخابيا «الثنائي الشيعي» جنوباً… الى الحائط در!

ينهمك ممثلو معظم الكتل النيابية في جدل بيزنطي حول النظام الانتخابي الذي يجب اعتماده في الدورة الانتخابية القادمة. كل طرف من الأطراف مصر على نظام يؤمن له مزيداً من المقاعد الانتخابية أو يحافظ على وضعه الراهن.

تصورات الكتل
الكتل النيابية تعبير عن تجمع طائفي معين. “التيار الوطني الحر” يبذل جهداً مضاعفاً لتبني نظاماً انتخابياً يؤمن له ولحليفه حزب “القوات اللبنانية” الغالبية المطلقة من المقاعد التي يشغلها مسيحيون، ويخوض معركته تحت شعار استعادة “حقوق المسيحيين”.

اقرأ أيضاً: «قانون الانتخاب أي تعديلات واجبة» في ندوة شؤون جنوبية وتجمع لبنان المدني

أما “تيار المستقبل” وهو الأقوى حالياً في الوسط السنّي، فيُصّر على النظام الأكثري الذي يؤمن له أكثرية مطلقة في المقاعد المعدة للطائفة السنية، في حين تطالب التيارات السنية الأخرى بالنسبية طريقاً لها للوصول إلى “قالب الجبنة”.

شؤون جنوبية
ويبدو تيار الحزب “التقدمي الاشتراكي” في أزمة، فهو لا يستطيع بأي حال القبول بالنسبية، إذ تعني فعلياً شراكة بين وليد جنبلاط والآخرين من طائفة الموحدين الدروز، الذين يخالفون جنبلاط “الرأي والرواية”. وهو الذي ينظر إلى أبعد من المجلس النيابي، ويرى أن المعركة هي معركة وجود الطائفة ومصيرها ما بين السويداء والمختارة مروراً بحاصبيا.
وفي الموقع الشيعي، فإن الثنائي مطمئن إلى وضعه ويمكن أن يوافق على أي نظام يطرح، إذ أن الثنائي وبما يملك من وسائل تمنع الآخرين من مجرد التفكير بالمواجهة ويستطيع استخدام وسائل مختلفة من خطاب الخوف على الطائفة إلى التعصب المذهبي وصولاً للتهديد بالسلاح اللاشرعي والمستخدم في غير مكانه.
حتى اللحظة، لا اتفاق بين الكتل، فعلياً غير مهتمين بالاتفاق، يمكنهم التمديد سنة أخرى تحت شعار الاتفاق على نظام انتخابي جديد وهذا ما لم يتوصلوا إليه خلال السنوات الثمانية الماضية.

ندوة لشؤون جنوبية عن الانتخابات

القيد الطائفي
في مشاريعهم المعلنة، لا أحد منهم يطرح نظاماً انتخابياً أكثرياً كان أو نسبياً أو حتى مختلطاً خارج القيد الطائفي. الجميع متفق على إبقاء القيد الطائفي ليبقى سيفاً مسلطاً على كل من يفكر بمساحة مشتركة بين المجموعات المكونة في لبنان.
جميع الكتل لا تفكر بتطوير النظام السياسي اللبناني، وكلها تعمل لإنجاز خارطة طريق تسمح لها بمزيد من الإمساك بمواقع سلطوية تؤمن لها نهباً أكبر للمال العام.
المعارضة لها غائبة أو مغيبة، لا أحد يستطيع الوقوف بوجهها، البعض يتلمس طريقاً عله يصل إلى لائحة ما تسمح له بالحصول على مقعد نيابي ولو بالواسطة.

اقرأ أيضاً: د. أنطوان حدّاد في ندوة «شؤون جنوبية» يحدد الاعطال في النظام اللبناني

استخدام الموقع
مواقعهم السلطوية تسمح لهم باستخدام كل أجهزة السلطة ليبقوا ممسكين بالحكم. الإمساك الكامل بالموقع التشريعي، تقاسم الموقع التنفيذي، إمساك بالموقع القضائي، إمساك بالسلطات المحلية (البلديات) كمفتاح لإعادة إنتاج علاقات سياسية بين السلطة والمواطنين وتربطهم من خلال الفتات بالزعماء.
يلهون الناس بالطروحات حول النظام الانتخابي وهم يمارسون التدخل في الانتخابات من تحديد رؤساء الأقلام إلى تفاصيل العملية الانتخابية وصولاً إلى الإشراف على الفرز والتلاعب بالصناديق.
الانتخابات النيابية في لبنان كذبة كبيرة. لا مواجهة لها سوى بتراكم النضالات الشعبية الجزئية وصولاً إلى حركة شعبية واحدة وموحَّدة تؤمن المصالح المشتركة والمساحات المشتركة للبنانيين وتدمج المكونات ليتحولوا إلى شعب بديل عن رعايا الطوائف وعندها يصبح النقاش حول الأنظمة الانتخابية مجدياً.

(هذه مادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” – العدد 163 – ربيع 2017)

السابق
تركيا تبني قرية لأيتام الحرب السورية
التالي
حماس تلقي القبض على قاتل مازن فقها