سارة سليمان… بموتها المأساوي أنقذت حياة من يئسوا من الحياة

فتح موت سارة سليمان من جديد قضية التبرّع بالأعضاء، فما هي شروطه القانونية؟ وما حكم الدين في عملية التبرع بالأعضاء؟

في أوج الحزن بعد موت ضحية السلاح المتفلت سارة سليمان، لمع امل رافق روحها إلى الثرى، فبموتها منحت سليمان الحياة لآخرين ينتظرون أعجوبة ترأف بهم وبحالتهم. فسارة كانت أقوى من الموت فقالت “امنحوا عيني لمن لم ير في حياته، وهبوا قلبي، وأهدوا كليتي، وخذوا عظامي وابحثوا عن وسيلة تجعل طفلاً مشلولاً يمشي ويسير”، هي عبارات من رسالة كتبتها سارة عبر صفحتها على “فيسبوك” قبل 5 أعوام.

اقرأ أيضاً: صرخة مواطن من برج البراجنة: السلاح يقتلنا ونريد الدولة

وقد فتحت قضية سارة سليمان التي قضت خلال اطلاق نار أمام ملهى ليلي في زحلة، فجر الأحد في 7 أيار،قضية وهب الأعضاء في لبنان بعدما تم تداول وصيتها بوهب أعضائها عند وفاتها تزامناً مع اصدارها بطاقة توثق هذا الطلب من خلال اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء. وكما كان رجاؤها، علم أنه تم وهب الكليتين لشخصٍ من صيدا فيما القلب لشخصٍ من طرابلس.

موت سارة ووصيتها فتح الأبواب أمام التشجيع على وهب الأعضاء بعد الموت، فيما لا تزال ثقافة التبرّع بالأعضاء في لبنان فقيرة، ولا تحظى بالوعي المطلوب لتطبيقها، بالرغم من القضاء على “السوق السوداء” المختص بالإتجار بالأعضاء وبالرغم من موافقة وتشجيع الدولة اللبنانية ورجال الدين على وهب الأعضاء.
ووهب الأعضاء، هو عبارة عن علاج يهدف الى تبديل الأعضاء او الانسجة المصابة بأخرى سليمة أو أجزاء منها.

هذه العملية معقدة وصعبة، ولكنها تعتبر افضل طريقة لعلاج الفشل الوظيفي لعضو معيّن ويسمح للمريض أن يبقى على قيد الحياة كما يحسّن من جودة حياته.
ولا يكفي في عملية تسهيل وهب الأعضاء الموافقة القانونية والشرعية فقط بل هناك عدّة إجراءات لتنظيم عملية الوهب ومن الشروط أن يكون الواهب راشدا أي فوق (21 عاما) يتمتع بصحة جيدة تسمح له الخضوع لهذه العملية دون أي مضاعفات. يستطيع أي شخص يرغب بوهب أعضائه بعد الوفاة أن يوقع البطاقة أو يمكنه ملء البطاقة من خلال الموقع الإلكتروني للجنة الوطنية (www.nodlb.org) أو من خلال بعض المستشفيات خارج بيروت. كما ومن أهم الشروط أن تكون اسرة على علم بخطوة التبرع بأعضائه بعد وفاته، وفي حال رفضت العائلة هذا الأمر لا يتم الأخذ به.

ووفقا للجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة (NOD-Lb) ، “لا تزال نسبة الأعضاء في لبنان منخفضة بسبب تعرض البرنامج الوطني للعديد من العقبات، بما في ذلك عدم وجود قوانين، والدعم المالي الغير المنتظم، وعدم التعاون بشكل كاف بين المستشفيات والعاملين في مجال الصحة، وبين عامي 2010 و 2014، ارتفعت نسبة التبرع من صفر سنة 2009 إلى 12 في عام 2014 “.
وفيما يتعلّق بالقانون، تم إصدار مرسومين ينظمان التبرع بالأعضاء وزرعهما بعد أن شهد لبنان أول عملية زرع للأعضاء في عام 1972. وينص قرار المجلس الأوروبي رقم 29 المؤرخ 11 أيار 1978 على أن يكون الوهب دون مقابل مادي. وقد استحدث المشرع عملية الوهب في القانون اللبناني من خلال المرسوم التشريعي رقم 1442 الصادر في 20 أيار 1984، وتطبيق أحكام المرسوم التشريعي رقم 109 الصادر في 16 سبتمبر 1983 والمتعلق بأخذ الأنسجة والأعضاء البشرية والاحتياجات الطبية والعلمية.

كما فرّق القانون بين وهب المتوفي وهب من لا يزال على قيد الحياة ففي الحالة الأولى يشترط أن يكون المتوفي كتب وصية توثق رغبته بالتبرّع ومن ثم يجب أن يكون هناك موافقة خطية من أهل المتوفي. وفي الحالة الثانية على المتبرع أن يتمتع بحالة صحية جيدة وأن يكون راشد بلغ (18 عاما) ومن أهم الشروط أن يكون التبرّع دون مقابل مادي أو أية شروط.

أما من الناحية الشرع والدين الإسلامي في لبنان، فيحظى التبرع بموافقة وتشجيع من قبل العلماء المسلمين من المذهبين ضمن شروط تتداخل مع الشروط القانونية. والتبرع هو عمل نبيل، وجائز في الاسلام شرط الا يترتب على ذلك ضرر بالغ بالواهب او خطورة على وظائف جسمه الحيوية وعدم المتاجرة بالأعضاء وإنما التبرع بها، ووفق احكام الشريعة الاسلامية ان وهب الاعضاء بعد الوفاة يجوز في حال كان المتوفى اوصى بذلك بموجب وصية خطية او شفهية تسمح باستئصال اعضائه عندما يثبت طبياً حصول الموت الدماغي؛ اذ تصبح حياة الانسان، وعندها لا مانع شرعياً.

اقرأ أيضاً: بالصورة: هذا ما أوصت به فقيدة زحلة!

وعند المسيحيين وهب الاعضاء بالمجمل مقبول، اذا كانت الاخطار الطبيعية والنفسية الحاصلة للمعطي تتناسب والخير المطلوب للمستفيد. والتبرع بالأعضاء يدرج في خانة المحبة والمشاركة والعطاء، الا ان هذه الهبة تكون مرفوضة اخلاقياً ودينياً في حال كان الواهب غير راضٍ، او اذا تسببت بموت او تشويه المتبرع، حتى ولو كان ذلك في سبيل انقاذ حياة شخص آخر شارف الموت.

وبخلاف موقف الاسلام، فان المسيحية تجيز وهب الاعضاء فقط عند حدوث الموت الكلي لا الدماغي، اي عندما يتوقف القلب عن النبض أن انه فارق الحياة فعلاً.

التبرع بالأعضاء أمل جديد في الحياة، تكمن من خلال مساهمتها في رسم بداية جديدة لمرضى فقدوا كل أمل في الحياة.

(س.ج)

السابق
شهيب: اعادة اعمار سوريا ليس على حساب عين دارة او لبنان
التالي
عون: قانون الانتخاب المزمع التوافق حوله هدفه ان يصل الجميع الى حقوقهم