مهزلة مطالبة عودة الدولة الى بعلبك

لم يعد اهالي بعلبك وجوارها يحتملون الفلتان الامني في منطقتهم، التي باتت شريعة الغاب تسود فيها، وأصبحت ملجأً لكل العصابات والمطلوبين والخارجين عن القانون.

بالأمس، نظّم أهالي بعلبك ومحيطها تجمعات احتجاجية، واعتصموا أمام سيار الدرك، مطالبين القوى الامنية الرسمية بوضع حدّ لما يحصل من تعديات وانتهاكات وجرائم قتل وسرقة وسلب وخطف واتجار بالمخدرات. والتزمت المدينة والبلدات المجاورة إضراباً عاماً، مناشدةً الدولة ضبط الوضع الأمني لأنها مسؤوليتها دون أي أحد سواها.

إن هذه الصرخة البعلبكية المدويّة يجب ألا تمرّ مرور الكرام، بل ينبغي التوقف عندها طويلاً، والإستناد عليها للعمل فورا على تعزيز سلطة الدولة في هذه المنطقة. فالناس يحتاجون إلى دولة تطمئنهم، وتحميهم، وتطبق القانون، وهم لا يأمنون إلا للدولة، ويدركون أن غيابها جعل منطقتهم مرتعاً لكل أنواع الجريمة.

اقرأ أيضاً : ياغي لـ«جنوبية»: الدولة وحزب الله يتحملان مسؤولية الفلتان الأمني في بعلبك

غير إن المضحك المبكي أن حزب الله، وهو الآمر الناهي في المنطقة، وصاحب سلطة الأمر الواقع فيها، وصاحب السلاح والقرار العسكري والأمني، يلوم الدولة على تقصيرها في القيام بدورها في المجال، لا بل يتهمها بأنها تترك بعض العصابات والمجرمين يسرحون ويمرحون، ويقول بكل وقاحة إن الحفاظ على الأمن هو مسؤولية القوى الأمنية والدولة وحدها!

لسنا هنا في وارد الدفاع عن الدولة، ولكن الواقع هو أن حزب الله يتصرف وكأن الدولة غير موجودة، ثم يدعوها إلى القيام بدورها!

لا يمكن للدولة أن تقوم بواجبها على أكمل وجه إذا كان ثمة سلطة آخرى غيرها، تحمل هي أيضاً السلاح.

لا يمكن للدولة أن تقوم بدورها إذا كان لحزب الله في المنطقة وغيرها وجود عسكري وأمني موازٍ لها.

في مثل هذا المناخ الذي ينتشر فيه السلاح، ويحتمي فيه المجرمون بسلطة الأمر الواقع، لا يمكن أن تلام الدولة أو تتهم بالتقصير.

أحمد الأسعد

 

من غير المنطقي أن تدعى الدولة إلى القبض على سارق السيارات فيما سارقو سلطتها وسيادتها يسرحون ويمرحون في المنطقة.

اقرأ أيضاً : علماء الشيعة في بعلبك – الهرمل يناشدون نصر الله و بري: لماذا تتجاهلوننا و تظلموننا؟

لا يمكن للدولة أن توقف المطلوبين فيما المقاتلون يذهبون إلى سوريا ويعودون منها تحت أنظار الدولة نفسها.

صرخة الأهالي محقّة، لكنها يجب أن تكون موجهة إلى من يحول دون قيام الدولة بواجبها.

غضب الأهالي محقّ، لكنّه ينبغي أن يوّجه إلى من بنى دولة موازية، ووفر البيئة الحاضنة للمجرمين، قبل أن يقرر التنصل منهم.

عودة الدولة إلى بعلبك وجوارها يستلزم أولاً انهاء الدويلة، وعندها ينكفىء معظم المجرمين من تلقائهم، لأنهم يصبحون بلا غطاء.

السابق
ملف النفط اللبناني محاط بالسرية التي تثير الأسئلة
التالي
عن ذكريات الأمير طلال بن عبد العزيز اللبنانية: شعب لبنان في قلبي وعقلي