مجلس واحد لا يكفي… مجلسان للفساد

الصيت لجبران باسيل والفعل لنبيه بري.

..كل ابداعات باسيل في مشاريع القوانين الانتخابية هي مجرد تنويعات على ابداعات بري الذي كان اول من طرح المختلط ثم التأهيلي ثم يطرح الْيَوْمَ انشاء مجلس شيوخ الى جانب مجلس النواب مع الاحتفاظ بطائفية مجلس النواب ومذهبية ابشع في مجلس الشيوخ. كأن مجلس طائفي واحد لا يكفي فيحضر مجلس آخر لدعم الطائفية والمذهبية في مناخ حروب المنطقة وتحضيرات لحرب جديدة في لبنان.

اقرأ أيضاً: الحريري يُقلِق جنبلاط وبرّي: رئاسة مجلس الشيوخ للدروز…

يجب التذكير هنا ان اتفاق الطائف يرتكز على فكرة اصلاحية أساسية هي الوصول الى المساواة في المواطنية اَي الخروج من القواعد الطائفية والمذهبية بشكل متدرج وفق خطة مرحلية وقد نص الطائف كما الدستور على انه بعد انتخاب اول مجلس نيابي على قواعد وطنية ودون اَي قيد طائفي ينشأ مجلس شيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية. والطائف كما الدستور لم يعتبر ان مجلس الشيوخ سيكون مقتصراً على “تمثيل الطوائف” كما يحاول الكثيرون الْيَوْمَ الإيحاء ولَم يقصد أبداً ان يكون الانتخاب مقتصراً على أساس طائفي أو مذهبي بل ان دور مجلس الشيوخ هو تطمين “العائلات الروحية” الخائفة من قيام دولة المواطن وحقوق المواطن. وهذه المهمة ليست حكراً على الطائفيين والمتعصبين والمتلاعبين بغرائز الطوائف إنما تتطلب ان يكون مجلس الشيوخ مجمعاً للعقلاء واصحاب الخبرات في تعميق النسيج الاجتماعي وفِي صياغة العيش المشترك وضماناته.
نرى ان اقتراح بري مخالف للدستور والطائف والعيش المشترك والطريف في الامر ان كل الطبقة السياسية تقسم على تطبيق الطائف وهي تمعن في تخريبه خدمةً لمصالحها وارتباطاتها ولوضع يدها على الدولة ومواردها.

مجلس النواب
نحن نعرف ان الفساد في البلد محمي من “زعماء الطوائف” ومن التجارة بالطائفية وحقوق الطوائف بالاضافة الى الوصاية وسلاح الميليشيات وطبعاً الغطاء القانوني للفساد هو الطائفية في مجلس النواب واليوم تطلع علينا الطبقة السياسية بإبداع مجلس آخر لحماية الفساد وتوسيع مجالاته وآفاقه اَي ان هؤلاء يحصّنون أنفسهم بمجلس جديد.
ولكن لماذا كل هذا التخريب لمستقبل البلد؟ الواضح ان ما نعيشه الْيَوْمَ هو صراع الشهيّات: شهية حزب الله وبري مفتوحة للهيمنة على مجلس النواب تحسباً للتطورات الإقليمية التي ليست لصالح الوصاية الإيرانية وشهية الثنائية العونية – القواتية التي تريد على الأقل الثلث المعطل في الانتخابات الرئاسية المقبلة اَي تريد وراثة عون عبر الامساك بحجم نيابي يفوق بكثير حجمها السياسي والشعبي. صراع الشهيات هو ما يعطل انتاج قانون جديد للانتخابات. جاء بري بالحل: مجلس النواب لنا ومجلس شيوخ لكم هذا ما تفتقت عنه عبقرية بري. ضرب في الصميم للطائف اشباعاً للشهيات والأفواه المفتوحة.
لكن نسي بري ان شهية جنبلاط أيضاً مفتوحة وهو يحلم منذ الطائف بأن يقال في الاعلام اجتمع وتداول وقرر الرؤساء الأربعة بدلاً من ثلاثة وهذا الموضوع سيفجر المزيد من المناحرات الطائفية. وحده الحريري الْيَوْمَ بلا شهية ويتفرج على نحر الطائف وهو المؤتمن عليه مبدئياً.

اقرأ أيضاً: بين الرئاسة الدرزية أوالمسيحية: الافراج عن مجلس الشيوخ في عهدة برّي

جنبلاط مفتون برئاسة مجلس الشيوخ لكن عون ضمها الى “حقوق المسيحيين” وهذه بذور حرب لا يحتاجها البلد.
الشغل الشاغل لهذه الطبقة السياسية هو التهام المزيد من المقاعد النيابية والوزارية والتحضير لتوريث البناء والزوجات والأصهار بينما اجيال الشباب والكفاءات تغرق في اليأس أو تبحث عن اي طريق للهجرة والتحرر من النفايات السياسية.
في ماراتون الطائفية لن يتفوق باسيل على بري لكن المؤسسات الدستورية صارت مهازل ومسارح للتهريج وشرشحة البلد.

السابق
النظام الانتخابي الأفضل للولايات اللبنانية المتّحدة
التالي
الشيوعي يحذر من استهدافه ومن استقواء السلطة على مناصريه