أزمة «عمّال» أم أزمة وجود؟

تحتفل البقية الباقية من الطبقة العاملة اللبنانية اليوم، الأول من أيار، بيوم العمال العالمي وسط أزمة لم يشهد الكيان اللبناني لها مثيلا منذ تأسيسه عام 1920. أزمة لا تطال جوانب الحياة كافة فحسب، بل تصل إلى مستوى الوجود اللبناني نفسه. أزمة لا تعيشها هذه البقية الباقية وحدها بل تعيشها مختلف الفئات الاجتماعية.

إذا كانت الطبقة العاملة اللبنانية وحركتها النقابية استطاعت تحقيق عدد من الإنجازات التاريخية بدءاً من قانون العمل إلى قوانين الضمان الاجتماعي وعقود جماعية مختلفة، فإننا نشهد اليوم انهياراً على كل المستويات.

قوانين عمالية متخلفة، حركة نقابية باتت تمثل أحزاب السلطة بكل ألوان الطيف السياسي المكون لها، ضمان اجتماعي يسرعون في انهياره. استخدام أطراف السلطة لتحركات الأجراء، في صراعاتها من أجل تحسين مواقعها في المحاصصة. غياب المساحات المشتركة التي يبني عليها العمال مصالحهم بغض النظر عن الانتماءات الطائفية المناطقية.
كاسترو عبدالله لـ «جنوبية»: السياسة تضع «العامل السوري» مقابل اللبناني

هل الصورة سوداوية إلى هذا المستوى؟ نعم وأكثر من ذلك، لكن ذلك لا يعني أن نهاية النفق مسدود، لا بد أن نلحظ نوراً بعيداً نصله ولو بعد حين.

في هذه المناسبة، المدخل يكون في إعادة معرفة الواقع العمالي، ماذا بقي من الطبقة العاملة اللبنانية؟ وفي المؤسسات العاملة ماذا تبقّى من لبنانيين يعملون في الإنتاج؟ هل من مواقع إنتاجية ملحوظة في ظل سياسة سلطة المحاصصة التي ترعى الاقتصاد المصرفي والريعي وتدير الظهر لقطاعي الزراعة والصناعة؟ هل هناك سياسة لإعادة الاعتبار لهذين القطاعين الوحيدين القادرين على إنتاج مواطنة لبنانية ومواطنية لبنانية؟

كيف يمكن أن نعيد بناء حركة نقابية عمالية تعبر فعلياً من مصالح العمال والفقراء في لبنان؟

يتوجّب وجود شرطين أساسيين متلازمين للبدء في هذه المحاولة. الشرط الأول، وضع خطة عمالية نقابية مستقلة عن الأطراف السلطوية والطوائفية، والشرط الثاني، إيجاد إطار تنظيمي مستقل وديموقراطي لإعادة البناء.

وإعادة البناء هذه تبدأ بنقد التجربة السابقة التي خاضتها أطراف عمالية عدة أهمها نقاش الديموقراطية داخل النقابات، وعلاقة النقابة بالحزب وعلاقة العمال بالنقابة.

إذا استطاعت قوة ما البدء من هذه الموقع، ربما تفتح الباب أمام لبنان ليعود وطناً لكل أبنائه. وعندها نقول: كل عام وأنتم بخير!

السابق
هذه هي هوية ملتقط صور نادين الراسي!
التالي
«حتى حماتي تدخلت في سوريا»