الدبلوماسية السعودية والسفراء الشباب

قبل أسابيع وخلال الاجتماع العام لرؤساء البعثات في الخارج، وبحضور كل رؤساء البعثات والمندوبين الدائمين للمملكة في المنظمات الإقليمية والدولية، انتقد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي بعض الدبلوماسيين السعوديين قائلا: «إنه من غير المقبول ألا يكون لدينا زخم في القدرات الدبلوماسية الفاعلة».

جاء الرد المباشر وغير المباشر من وزير الخارجية وعدد من السفراء ومن غالب الدبلوماسيين الشباب، ويُعاني كثير منهم من مركزية وبيرقراطية بعض السفراء كبار السن القادمين من خارج السلك الدبلوماسي التقليدي، ومن خلفيات غير دبلوماسية ولم يمروا بتجربة الدبلوماسي المحترف الذي يبدأ من ملحق دبلوماسي. ويمضى الدبلوماسي السعودي ربع قرن كمعدل متوسط من ملحق دبلوماسي حتى يصل لمرتبة سفير، يعاني خلالها الدبلوماسي السعودي شخصيا وعائليا ويدفع أثمانا عديدة مستندا إلى دبلوماسية الصبر قبل أن يصل للاحترافية الدبلوماسية.

من أهم القرارات التي مست الدبلوماسية السعودية، التغييرات الشاملة في وزارة الخارجية، والتي دعمها ولي ولي العهد في 7 مايو 2016، وتم من خلالها تجديد الدماء الإدارية والدبلوماسية، وطي مرحلة تاريخية صاحبتها إنجازات وبعض الأخطاء المتراكمة التي عالجتها وزارة الخارجية ببدء مرحلة تغييرات كبيرة عبر تفعيل برنامج التطوير والتحول الإستراتيجي، وهو ما أثمر عملية إعادة هيكلة بالوزارة وعملية مراجعة لأساليب العمل بها؛ بغية الارتقاء بالعمل المؤسسي للدبلوماسية السعودية. مع الإيمان بأن أي عملية تطوير مؤسسي تعتمد أساسا على رأس المال البشري، فالدبلوماسية في نهاية المطاف هي نتاج مجموع جهة أفرادها، ومدخلات الإنتاج فيها هي الإضافة الفكرية لدبلوماسييها وهناء جاء التركيز على الاستثمار في الدبلوماسيين الشباب ضمن «رؤية 2030».

إقرأ أيضاً: مجلس الشورى السعودي ضد المرأة

أحد نماذج الدبلوماسية الشابة والمحترفة والمشرفة القائم بالأعمال السعودي في لبنان أ. وليد بخاري، هذا الشاب والذي جاء إلى لبنان في ظروف إقليمية مضطربة جدا، توقع الكثير أن لا يبرح مكتبه وعلى خطى الكثير من الدبلوماسيين الذي يقضون غالب وقتهم ما بين مكاتبهم أو منازلهم، لكن الدبلوماسي الشاب وليد بخاري فعل المستحيل وأثبت العكس رغم حساسية الوضع اللبناني وخطورة التحرك على شخص يمثل الدبلوماسية السعودية، إذ فاجأ لبنان والإقليم بزياراته الإنسانية من صيدا جنوبا إلى طرابلس شمالا ومن المدارس إلى المستشفيات، وزاد من ذلك تفعيله للدبلوماسية الثقافية، وبدء الحراك الثقافي من داخل مبنى السفارة السعودية، وبشهادة الجميع، فما أحدثه من نشاط ربما لم يصل له أي سفير أو قائم بالأعمال قبله في لبنان رغم ضخامة الإمكانيات المالية والحجم السياسي للمملكة.

إقرأ أيضاً: الغرب ينتقد تمثيل السعودية للمرأة في الأمم المتحدة

سياسيا وعلى مستوى العلاقات الدولية، يعتبر كثير من خبراء السياسة أن تعيين الأمير الشاب خالد بن سلمان بن عبدالعزيز سفيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، هو تدعيم للدبلوماسية الشابة، ومن أهم القرارات السيادية التي صدرت مع حزمة الأوامر الملكية الأخيرة، وذلك نظرا لخصوصية وأهمية ملف العلاقات السعودية الأمريكية، وضخامة وزنها الاقتصادي والسياسي والعسكري، وأهمية ومصيرية الدور الأمريكي المستقبلي في المنطقة، وهو ما يمثل تحديا وفرصة أمام الطيار الشاب الذي خضع لتدريب سياسي وعسكري مكثف يؤهله لخوض تجربة دبلوماسية ليست سهلة وهو يستحضر تجارب دبلوماسية سعودية واعدة أثبتت أن الدبلوماسيين الشباب أكثر جرأة ونشاطا ومرونة وشجاعة في اتخاذ القرارات المصيرية خدمة للمصالح الوطنية.

السابق
مزايدات شيعية على عائلة الصدر بالتشيع
التالي
حكومة روحاني تطالب بوضع حد للإتجار بالإيرانيات وتهريبهن إلى خارج البلاد بهدف الدعارة