الحرية بين العطاء الإلهي، والإستهتار البشري

العقل
هناك ثمة التباس يصيب الكثيرين من الناس في تفسير وفهم الحرية أكانت هذه الحرية شخصية ام تتعداها للجماعة ..

ومصطلح يكاد يختصر كل مساحة العقل والفعل بحيثياته ومنطق وجوده وطبيعة توظيفه.. ولكن علينا ان نتفق أوﻻً ماذا تعني الحرية أو بالأحرى ما هي الحرية وما تعريفها وكيف يتحدد موقعها في المجتمع الصغير أو الكبير بين فرد ومجموعة.. اهي مفهوم ام مطلب ..ام انها طريق يسعى اﻻنسان للسير فيه، ام ذهنية متطورة تخضع لقوانيين اﻻدراك العلمي واﻻجتماعي والسياسي واﻻقتصادي…
هل هذه الحرية تبدأ معنا كأفراد ام انها سلوك مكتسب بالطموح والحاجة..
هل لها علاقة بالبناء الحياتي والشكل المدني الذي اصبحت عليه الحياة ام انها محكومة بمجموعة من الضوابط واﻻحكام الملزمة تحاشيا لخروجها عن مضمونها القيمي.

اقرأ أيضاً: يا رجال الدين.. لوذوا بالصمت

طرحت هذه الأسئلة لأقول انه ﻻ حرية مجردة او معزولة عن محيطها التفاعلي. ﻻنه ﻻ يمكن ﻻي حرية ان تغرد في فضاء ددون الأخذ ببقية المساحات من هذا الفضاء اﻻنساني حتى ﻻ تصبح أغنية او قصيدة نتغنى بها ليس أكثر أو نتقيد في إطار التسمية دون إدراك الفحوى…
ان النظم المتعددة في علاقاتنا اﻻنسانية والوظيفية في الحياة بفعلها وتفاعلها وانفعالها تحكمُ التداخل الحياتي اﻻنساني الكبير.
ومن هنا يبدأ الخلط السلوكي لهذه الحرية تبعا لحجم المدرك العقلي لكل انسان، فكثيرا ما نسمع (هذه حريتي وانا حرٌ).. صحيح ان لكل انسان منا حريته المكتسبة وﻻ احد ينازعه عليها ولكن اذا اتينا الى الواقع فكيف تبدو لنا هذه الحرية.
الحرية مصطلح فضفاض يحاول كل فرد ان يلبسه ويضعه على حجم مآربه وغاياته انطﻻقا من منظوره المسطح ليتمسك به كمستند تبريري لافعاله بغض النظر عن السلبيات أو اﻻيجابيات..

العقل النقدي
نعم: ليس كل حر متفلت أو متهور أو متعري من قيم الحياة، كما انه ليس كل متفلت ومتهور ومتماد في حريته هو حرٌ أو طليق الفكر والسلوك.. فغالبا ما تأسر الحرية صاحبها لتضعه في مصاف العبيد والعاجزين عن تدوير الحرية بالمكان والزمان المناسبين.. الحرية ليست حاجة بقدر ما هي جوهر وكنه الوجود.
ففهم الحرية باسم الحرية وتجاوز ضوابطها هو بحد ذاته استعباد بامتياز للغريزة والنزعة والميول.. والحرية إرث إلهي يتعدى الشكل والطريقة.. ومن هنا يختلط على الكثيرين فهم هذا الإرث والحفاظ عليه وحمايته من السقوط أو التساقط المنحدر، فكم من اشخاص افرغوا هذا المفهوم من مضمونه وشوهوا معناه بطريقةِ تلقفهم له وعاثوا تعسفاً وتسفيهاً لأهم قيم الوجود من خلال جهلهم لهذه الحرية.

اقرأ أيضاً: سيطرة أمل على الوظائف… يفجرها مع حزب الله!

الخلاصة: اذا كانت الحرية شعلة وجودنا الموقودة نورا لمستقبلنا وحاضرنا. هذا ﻻ يعني ان تختبئ خلفها ونفعل الأفاعيل باسمها كمن يدين لله باسم دينه ويبرر لنفسه فعل أي شي وباسم الدين نفسه.. لنجعل من الحرية قيماً تتعدى حسابات العقل الضيق أو الفكر العقيم لنبقى في منزلة ما خلقنا الله عليه من عزة ورفعة وانسانية…
اللهم ثبتنا على حرية فيها خير امتنا وابعدنا عن تحررً يُفضي بنا الى معصيتك وشر مجتمعنا.

السابق
باسيل قدّم اعتراضه على طرح بري الانتخابي عبر «الواتساب»
التالي
برّي ممتعض ويغيّب ممثله عن اجتماع الخارجية: «لم يعد لديّ شيئ»