بطالة شباب لبنان تشعل الغضب ضدّ العمالة والنزوح السوري

تقول الدراسات ان نسبة البطالة بين الشباب اللبناني كانت 11 % عام 2012، قبل النزوح السوري لتصعد بعد الحرب الى 25 %عام 2016، ولتشتد حمى منافسة العمالة السورية الرخيصة للعمالة اللبنانية العالية الاجر.

وأمام هذا الواقع تصاعدت وتيرة التوتّر بين المواطن اللبناني واللاجئ السوري في الآونة الأخيرة، فلم يعد الوجود السوري في لبنان مجرّد إشكالية تترجم بشكل فردي فقط. إنّما تحول النزاع حول وجوده إلى ظاهرة تضع السلم الأهلي في خطر وتهدد بانفجار التعايش بين الشعبين الشقيقين ما يستدعي دق ناقوس الخطر.

اقرأ أيضاً: لتحويل أزمة اللاجئين السوريين من نقمة الى نعمة اقتصادية

فإمتعاض معظم الشعب اللبناني من مزاحمة اللاجئ السوري في سوق العمل وقوته اليومي تحوّل إلى ظاهرة، وفظهرت مطالب شعبية حقيقية وحملات واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي التي أصبحت تدعو الناس الى مقاطعة كل المحلات والمطاعم السورية خصوصا التي تطرد اللبناني وتوظف اجانب”، حيث طالت هذه الحملة مقاطعة سلسلة مطاعم “دجاج وثوم” التي اتهم أصحابها بخرق قانون العمل من حيث توظيف العمال السوريين بدلا من اللبنانيين، إضافة إلى دعوة مقاطعة أفران “شمسين” التي تعود ملكيتها لسوري الجنسية متهمين إياه بتوظيفه لأكثر من 2000 عامل سوري بكل فروعه في حين لا يقبل بتوظيف أي عامل لبناني وكانت الدعوة بالمقاطعة حتّى إفلاسه، وغيرها من الدعوات.

وعلى صعيد مناطقي ومحلي اتخذت عدة بلديات في مختلف المناطق اللبنانية إجراءات حاسمة تجاه السوريين ومنها بلدية الحدث التي بدأت باتخاذ إجراءات لمنع المؤسسات من إستخدام العمال السوريين وألزمت المؤسسات بإستبدالهم بآخرين لبنانيين تحت عنوان حماية لقمة عيش اللبناني ووجوده وتنفيذا للقانون.

هذا عدا عن إجراءات بلدية كفررمان – النبطية حيث أصدر رئيس بلديتها قبل أيام بيان يؤكد فيه الإلتزام بقانون وزير العمل السابق سجعان قزي رقم 218/1 القاضي بإقفال جميع المحال التجارية التي يديرها سوريون ضمن حملة مكافحة العمالة الاجنبية غير القانونية للقضاء على المنافسة غير الشرعية لليد العاملة اللبنانية.

إلى ذلك، قام مجموعة من الشباب اللبنانيين أمس بإعتراض سيارات من نوع “بيك أب” يقودها سوريون في عكار، وذلك احتجاجاً على إستخدام السوريين بدل من اللبنانيين لقيادة الشاحنات من قبل أصحابها. ويشهد جنوب لبنان مؤخرا عددا من الاستنكارات والاعتصامات ضد منافسة العمالة السورية.

وهو ما يظهر أن الاعتراضات على العمالة السورية عمت جميع المناطق اللبنانية من أقصى الشمال إلى اقصى الجنوب. وهو ما يدفعنا للتساؤل إلى اي مدى ستصل هذه الاعتراضات والإجراءات الناتجة عنها؟

وفي هذا السياق، تحدثت “جنوبية” مع معالي وزير العمل السابق سجعان قزي الذي أخذ هذا الملف حيزا كبيرا في عمله في حكومة تمام سلام السابقة. فأكّد أن “واقع النزوح السوري في لبنان وصل اليوم إلى مرحلة خطيرة على السلام الداخلي اللبناني”. مشيرا إلى أنه “عندما كان يحذر من إكتظاظ النازحين السوريين كان البعض يظن أن وراء هذه المواقف أهدافا سياسية، في حين انها تنطلق حرصا على مصلحة اللبنانيين دون إستثناء”.

ورأى أن اللافت “بموجة الاعتراضات والإحتجاجات الأخيرة على الوجود السوري تطلق من المجتمعات المسلمة المضيفة لهم اكثر من البيئة المسيحية. وهو ما يشير أن المسألة ليست ذات طابع طائفي”.

كما اكّد قزّي أنه “يفترض بالحكومة عوضا من طلب المساعدات من المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة للاّجئين السوريين، أن تضع خطة مع برنامج زمني محدد تهدف لإعادة النازحين إلى بلادهم نحو مناطق آمنة أو مناطق التي لا يوجدفيها معارك”. مشيرا إلى أن “الوضع في سوريا عام 2017 يختلف عن الوضع السوري في السنوات القتال الأولي حيث أصبح هناك مناطق آمنة تحت كنف الدولة أو مناطق تحت سيطرة المعارضة السورية المعتدلة خارج نطاق تنظيمي النصرة وداعش”.
وشدّد على أن “منافسة النازحين السوريين اللبنانيين على المسكن والمأكل والعمل امر غير مقبول”.

وفي سؤالنا عن دور الدولة في تنظيم الوجود والعمالة السورية في لبنان قال قزّي إن “الدولة لا تستطيع تنظيم العمالة السورية خصوصا ان قدرات الدولة الأمنية أو الإدارية لا تسمح بمعالجة وجود مليون ونصف نازح سوري واستيعابهم، فهذه ليست حلولا، الحل الوحيد هو بعودة النازحين إلى بلادهم”. وشدّد على أن “الدولة مسؤولة عن تنظيم العمالة اللبنانية وإيجاد فرص عمل لهت وليس من مسؤوليتها العمالة السورية”.

وخلص الوزير السابق قزي إلى التأكيد أن “مسألة العمالة السورية هي أهم من قانون الانتخاب والنفط. فماذا ينفع لبنان إذا اصبح فيه نفط وغاز وماء وانتخابات، وشعبه تشرّد في بقاع الأرض”.

بدورها أكدت الصحافية فاطمة عثمان المهتمة بالشأن السوري في لبنان لـ “جنوبية” أن “الوجود والعمالة السورية في لبنان سيف ذو حدين، فالسوري قدم إلى لبنان مجبرا تحت ظرف الحرب والتاجر اللبناني وجد أن في اليد العاملة السورية مكسبا حيث يعمل السوري ساعات أكثر مقابل أجر أقل من اللبناني، وهو ما ينعكس سلبا على الأخير”. وتابعت “لذا لا يجدر بنا تحميل المسؤولية للاجئ السوري إنما هذه المسألة من مسؤولية وزارة العمل التي يجدر بها وضع قوانين تنظم هذه العمالة التي تضمن عدم إلحاق الظلم والأذى باللبناني من جهة والسوري من حهة ثانية”.

اقرأ أيضاً: خرائط توزيعات اللاجئين: لبنان مخيّم كبير

كما رأت عثمان أن “ما يتضح من دعوات المقاطعة أن معارضة الوجود السوري اصبحت ظاهرة تتضاعف خطورتها حيث بدأنا اليوم نشهد حملات ودعوات شعبية موجهة ضد اللاجئ السوري وهو ما يحتّم على الدولة اللبنانية تدارك الأمر”.

وخلصت إلى أن “العامل السوري لم يأتَِ إلى لبنان للنقاهة، لذا على اللبناني ان يتحلى بالحس الإنساني. فكما من حق اللبناني العمل والاسترزاق يحق للسوري أن يعمل ويؤمن قوته اليومي”.

السابق
روسيا تتهم أميركا بعرقلة مكافحة الإرهاب في سوريا
التالي
الحظر الأميركي: واجهة أمنية واستهداف اقتصادي لروسيا والصين