اسرائيل الجالسة على ضفة النهر..هل تبدأ الحرب على لبنان؟

في سنوات سابقة كان حزب الله بل إيران إذا أرادت أن توجه رسالة ما إلى واشنطن أو تل أبيب تعمد إلى القيام بعمل عسكري ملتبس على الحدود الجنوبية للبنان مع اسرائيل، كإطلاق صواريخ مجهولة المصدر، أو القيام بعمل ما أمني أو عسكري في مزارع شبعا، مستوى الرسائل تراجع أخيراً.

من الثوابت الواضحة للإستراتيجية الروسية في سوريا، تقديم كل ما يلزم من ضمانات لإسرائيل بعدم استهدافها من قبل حلفاء الروس أي قوى الممانعة والمقاومة، وهذا ما يفسر الغارات الجوية الإسرائيلية على مواقع تفترض اسرائيل أنّها تشكل خطراً على أمنها، وهي أهداف في غالب الأحيان تابعة لحزب الله. فيما يحرص الطرفان أي حزب الله واسرائيل على عدم الإعلان عن توجيه مثل هذه الضربات، فيما حزب الله انكفأ إلى حدّ عدم التحذير والتهديد بالرد، كما كان الحال ولو اعلامياً قبل دخول القوة العسكرية الروسية في صيف 2015.

يد اسرائيل مطلقة على ما يبدو في توجيه الضربات العسكرية لحزب الله، فيما يد حزب الله وإيران مغلولة من قبل روسيا في الرد على أيّ عدوان اسرائيلي عليهما داخل الأراضي السورية. فيما يبقى التساؤل إن كان حزب الله يمتنع تلقائياً عن عدم الرد عبر الأراضي اللبنانية على قوات العدو الإسرائيلية أم نتيجة تعليمات روسية؟ بينما يبقى التساؤل حول أسباب تكتم حزب الله على الغارات الجوية الاسرائيلية التي تستهدفه علماً أنّ اسرائيل اعتمدت في بعض الضربات التي قامت بها على الصحافة الإسرائيلية للتسريب من دون أن تتبنى أي مسؤولية رسمية عنها.

السقف الروسي الدولي الذي يظلل إيران وحزب الله في سوريا، لا يطال الضربات الإسرائيلية، علماً أنّ شعار الحرب السورية في خطاب حزب الله هو محاربة اسرائيل وأميركا في سوريا. يمكن لإيران وحزب الله أن يفعلوا أيّ شيء ضد سوريين ولن يواجهوا أيّ رد اسرائيلي ولا أميركي، لكن مجرد اشتباه اسرائيلي بخطر عليها من قبل حزب الله فلها أن تضرب وتقتل من دون أن يصدر أيّ اعتراض لا من إيران ولا حزب الله ولا الأسد بطبيعة الحال ولا روسيا التي بالتأكيد يجري التنسيق مع قواتها منعا لحصول أخطاء غير محسوبة في الأجواء السورية.

كل الحديث عن الخبرات التي صار عليها حزب الله بسبب قتاله المديد في سوريا، والذي تتحدث عنه الصحافة الاسرائيلية بطريقة خبيثة، لايزال يلقى الترحيب من قبل اسرائيل، على الأقل لجهة عدم التعرض الاسرائيلي “لعمليات التدريب” التي يقوم بها حزب الله عبر قتاله خصومه السوريين على امتداد الأراضي السورية، فكلما حقق حزب الله انتصاراً عسكرياً جزئياً ضد المعارضة السورية في بلدة أو في ريف من الارياف، تتمنى اسرائيل له المزيد من مثل هذه الانتصارات، التي تزيد من حصاره ومن تحوّله إلى قوة حائرة في تحديد خارطة أعدائها فلا تعلم من هو الصديق ومن هو العدو، اللهم إلاّ بشار الأسد وهذا للمفارقة ما يزيد من حالة الحصار والاستنزاف لديه (ما نفع أن تكسب فرداً أو نظاماً متداع وتخسر تعاطف شعب). لكن كي لا ننسى مرفقاً بخبرات عسكرية باتت الانجاز الوهمي الوحيد له في سوريا. ما تحامي عنه اسرائيل في سوريا هو ما تعتبره ضماناً لأمنها، لذا منعت تواجد أيّ عنصر لحزب الله في المنطقة الممتدة من جنوب دمشق إلى حدود الجولان، ولم تعترض على التمدد الإيراني وحزب الله إلى المناطق المحاذية لدرعا والأردن، الخريطة الأمنية الإسرائيلية محددة في سوريا وروسيا تقرّ بها،وتحترمها فيما لا اعتراض إن لم يكن تشجيع اسرائيلي لمزيد من اكتساب حزب الله الكفاءة العسكرية بالميدان السوري وبخسائر السوريين.

إقرأ أيضاً: الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» استوفت شروطها

في سنوات سابقة كان حزب الله بل إيران إذا أرادت أن توجه رسالة ما إلى واشنطن أو تل أبيب تعمد إلى القيام بعمل عسكري ملتبس على الحدود الجنوبية للبنان مع اسرائيل، كإطلاق صواريخ مجهولة المصدر، أو القيام بعمل ما أمني أو عسكري في مزارع شبعا، مستوى الرسائل تراجع أخيراً، جولة للاعلاميين من قبل حزب الله على الحدود، أثارت ردود فعل لبنانية باعتبارها تشكل خرقاً للقرار 1701. وهي بدت رسالة ضعيفة خصوصاً أنّ فكرة الحرب مع اسرائيل لم تعد تحظى بحماسة ولا بتشجيع من قبل أيّ لبناني، باعتبارها خطوة انتحارية لحزب الله فيما لوكان المسبب أو المبادر إليها، وهي موت للبنان الذي يعاني من ظروف سيئة وسياسية واجتماعية ومالية غير مسبوقة في تاريخه. فيما اسرائيل التي تجلس على حافة النهر تراقب بفرح جثثنا التي يجرها نهر الدم العربي، وهذا مشهد وواقع كاف كي لا تعود إلى وحول لبنان التي تعرفها.

إقرأ أيضاً: إسرائيل: لبنان إنخرط بمؤسسة حزب الله العسكرية

لذا اسرائيل لن تبادر إليها كي لا تعكر صفو المشهد الدموي في منطقتنا، فيما حزب الله ومن خلفه إيران يدركان أنّ لعبة الحرب هذه المرة مع اسرائيل ستكون انتحاراً لا نصراً دنيوياً ولا إلهياً بل هزيمة ولا شيء سواها.

السابق
تعليق عضوية في بلدية طرابلس واستقالة حلواني والايوبي: عاجزون….
التالي
Who must we believe?