وتبدأ السهرة «الشقرائية» مع النهايات!

الصحافي الراحل والكاتب المتأدّب رضوان الأمين الذي انتقل الى جوار ربه قبل أربعة شهور، كان قد خطّ قطعة وجدانية لطيفة تصف احدى سهراته "الشقرائية" نسبة الى قريته شقراء، برفقة ثلة من الأصحاب في دارة قريبه السيد زين الأمين.

إلى زين الأمين
قال محدثي: أيها الشقي وأين “شقراء” من أحلامك؟… من عواطفك؟…من حنايا قلبك؟ أوليست مرتع الطفولة قضيت فيها أحلى الأيام والطف الأماسي، لماذا تدير لها ظهرك؟

اقرأ أيضاً: حسين مروة.. اغتيال الفكر قبل السياسة

كان محدثي زين قد أقلني إلى “شقراء بعد طول غياب واحفظ له هذه البادرة لأنها الـ”شقراء” دوماً في القلب. دخلنا “شقراء”، وكان الاتجاه المنزل الذي بدأ بتشييده زين في “سيار النحل”، كنا في السيارة، مروان وصادق وزين وبجانبي، و”أبو اللحم” وضاح، ففي جيبه كبدة الخروف الطازجة، ومعلقة في أذنه الكلوة، وبين فكيه نصف جدي يتحلّى به بين بيروت و”شقراء”!
دخلنا آمنين، “شقراء” تبدلت كثيراً، باتجاهنا نحو بيت زين الجديد تدخل مملكة خضراء، وكأنها محاطة بسور الصين، فالورد على جانبيك والخيمة الخشبية من أمامك، يأسرك المنظر حين تقف على أطراف وادٍ بين “شقراء” ومجدل سلم. والأهم سخاؤه على شجرها ووردها الأخضر حتى العظم.
تدخل “دوّارة” السيد زين في “سيار النحل” ولا تبالي، فهي محروسة من جميع الجهات، فجيشها (الرّمان واللوز والسفرجل وشهيات أخرى).


تعقد الجلسة في الخيمة، وعند الساعة التاسعة مساء يكتمل العدد بوصول مروان ممتشقاً سلاح السهرة الأمضى في يمينه، متلألئة ممشوقة القدّ، يحنو عليها كما يحنو على طفل صغير، ويحمل لك في البداية السلام من خالتك “أم شفيق” ويجلس متخذاً مكانه. بجانب الطاولة يجلس وضّاح كأنه الأمبراطور هيلا سيلاسي، يفرغ جيوبه وأكياسه السوداء المليئة باللحم، ويبدأ بتقطيعها إلى أنواع وضحك ساخراً من ارتفاع الدهن في الدم أو مقلداً فلان وفلان، أو شاكياً زوجته الصابرة، أو محدثاً عن هفوة ارتكبها فلان أو فلان ومروان يضحك ويضحك قبل أن يصادر وضّاح الكلام، وكأن وضّاح عادل إمام أو محمد هنيدي.
قبل بدء العشاء، لا بد من أن ترافق زين في جولة ليلية حول البيت، يتمتم كلمات غير مفهومة كأنه يطرد الشياطين والعفاريت والحساد.
تعود إلى الجلسة، العدد اكتمل بدخول بعض الضيوف راشد وحسين وتمام ومحسن وداني دام ظله. تبدأ الجلسة ويتوافد زوار من نوع آخر، قطيع من القطط ترقص الباليه وتتمايل امام وضاح، معبرة عن سخطها من المجتمع ومن جوعها العتيق، فيروح وضاح يرسل اللحوم إلى راقصات الباليه ويعلو النقاش ومثله الصراخ وتبدأ السهرة… بالانتهاء.
يعلن زين انتهاءها ونبدأ بالتسلّل إلى البيوت بعد سهرة عامرة بما لذّ وطاب. البيت اكتمل والخشب قد وصل، وبدأ المكان يأخذ موقعه (…) مبروك يا زين.

السابق
وفد قيادي قواتي يجول على مؤسسات التحالف المدني الإسلامي
التالي
سامي الجميل: العجز الإقتصادي في أخطر مراحله