الحريري يستعجل الرد على حزب الله: الجنوب ليس ميدان حرب لصالح إيران

قالت مصادر سياسية لبنانية إن زيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري للجنوب كانت رسالة ذات بعدين. يتمثّل الأوّل في التأكيد للمجتمع الدولي على وعي لبنان بمدى خطورة أيّ خرق للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صيف العام 2006، والآخر إفهام حزب الله ومن خلفه إيران أن السلطة في لبنان ليست في وارد السماح باستخدام جنوب لبنان مرّة أخرى كورقة في أيّ مواجهة أميركية-إيرانية.

وأشارت إلى أنّ زيارة الحريري للجنوب التي جاءت بعد يوم من تنظيم حزب الله لجولة إعلامية في المنطقة أظهر من خلالها وجوده المسلّح فيها، تكشف أن لبنان يأخذ على محمل الجدّ التحذيرات التي وجهت إليه من النتائج التي ستترتب على أيّ خرق للقرار 1701.

ويتضمن القرار بنودا تؤكد صراحة أن جنوب لبنان “منطقة عمليات” للقوات الدولية المرابطة في الجنوب ولا مكان في هذه المنطقة لأيّ وجود مسلّح آخر غير الجيش اللبناني.

وكان لبنان تلقّى في الأشهر الأخيرة تحذيرين مباشرين من ردّ فعل إسرائيلي كبير و”مدمّر” في حال المس بالقرار 1701. كان الأوّل من سيغريد كاغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان والآخر من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

وعرض العاهل الأردني على خريطة في أثناء زيارة قام بها رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون لعمّان في مارس الماضي ما الذي يمكن أن يحصل في حال المسّ بالقرار 1701.

وجاء رد رئيس الحكومة اللبنانية على استعراض حزب الله الإعلامي على الحدود اللبنانية الجنوبية سريعا، حيث قرر زيارة هذه المنطقة برفقة قائد الجيش العماد جوزيف عون، ووزير الدفاع يعقوب الصراف، واستهل زيارته بلقاء قائد قوات اليونيفيل مايكل بيري.

وأطلق الحريري بعد لقائه قائد قوات اليونيفيل العاملة في لبنان مواقف بارزة أكّد فيها أن لا سلطة تعلو على سلطة الدولة، وشدد على أن زيارته تأتي للتأكيد على موقف لبنان الملتزم بتطبيق القرار 1701.

وأشار الحريري إلى أن الجيش يدافع عن لبنان خارج أيّ فئوية أو مناطقية.

وعبّر الحريري عن رفضه لاستعراض حزب الله على الحدود قائلا ”نحن كحكومة غير معنيين بالعراضة الإعلامية التي قام بها حزب الله، ولا نوافق عليها بكل صراحة”.

ودعا رئيس الحكومة اللبنانية الأمم المتحدة إلى مساعدة لبنان وإسرائيل في المضي قدما نحو وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء ما وصفها “بالانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة” للأراضي اللبنانية.

وقال الحريري “أدعو الأمين العام للأمم المتحدة لدعم الجهود للتوصل إلى حالة وقف دائم لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن. لقد تأخر ذلك طويلا وحكومتي ملتزمة بدفع هذا التوجه قدما”.

وشدد النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت على أن حزب الله “استهدف الدولة اللبنانية حين قرر منفردا دعوة الإعلاميين إلى زيارة المناطق الحدودية دون أن ينسّق مع الدولة اللبنانية، وتاليا إذا كان هناك حديث عن اشتباك فإن الأمر يجب أن يتناول سلوك حزب الله وليس ما يقوم به رئيس الحكومة اللبنانية”.

إقرأ أيضاً: ما الغاية من إصطحاب الحريري الصّراف وعون الى الجنوب؟
وأكد النائب عن كتلة المستقبل أمين وهبي من جهته أن الرئيس الحريري “قرر الرد على مواقف حزب الله، والتأكيد على التمسك بالقرارات الدولية وعلى أن سلوكات حزب الله لا تمثل الدولة اللبنانية”.

وأشار وهبي إلى أن الرسالة التي حرص رئيس الحكومة على إيصالها من خلال اصطحاب قائد الجيش ووزير الدفاع جلية للغاية “فهو يريد أن يؤكد من خلالها على وجود الجيش في المناطق الحدودية وجاهزيته الدفاعية”.

ويصف النائب عن حزب القوات اللبنانية جوزيف معلوف زيارة الحريري بـ”محاولة لتصحيح الخلل الذي تسببت به زيارة حزب الله التي كانت تعبيرا عن قرار بفتح اشتباك مع الدولة والشرعية والقرارات الدولية”.

وأضاف “أثبت الحريري أنه حريص على الشراكة في حين كرّس حزب الله منطق الخروج عليها”.

إقرأ أيضاً: حزب الله يستفز والحريري يرد

وكان الحريري قد رفض مؤخرا تعيين ضابط تابع لحزب الله في مركز أمني حساس في المطار في إجراء أثار حفيظة حزب الله. وينسجم موقف رئيس الحكومة مع التحذيرات الأميركية من تحول مطار بيروت إلى مركز لتهريب الأموال والسلاح.

وتعتبر بعض المصادر أن الإدارة الأميركية انتبهت إلى هشاشة الوضع الأمني اللبناني وخطورته وعمق السيطرة الإيرانية على مفاصله الأساسية من خلال حزب الله ما يعني أن مشروع تقليص نفوذ إيران لا بد أن يشمل لبنان.

وبعد أن كانت الولايات المتحدة تمارس تجاه لبنان سياسة اللامبالاة شهدت الفترة الأخيرة تركيزا دبلوماسيا وأمنيا أميركيا على لبنان يؤكد مطلعون على أنه يصبّ في خانة الاستعداد لفتح مواجهة على أكثر من جبهة مع إيران.

السابق
الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» استوفت شروطها
التالي
حرب «اللمسات الحاسمة» للشرق الأوسط الجديد في لبنان؟