الحركات الجهادية القادمة من أوروبا.. وليدة العولمة!

يلاحظ المراقبون انضواء الغربيين سريعا في الإسلام "المتطرف"، إسلام "داعش" والقاعدة. فما هو السرّ؟ ويلتزم الإسلامويون الشباب بشكل يفوق تدّين آبائهم، ليس حبّا بالتدّين او التاريخ الاسلامي الباسل، إنما تمثّلا بالإرهاب الذي دخل العولمة من بابه الواسع.

يُنسب كل من تنظيميّ «القاعدة» و«داعش» إلى الإسلام السياسي او الاسلاموية، وهما لا يمتا للـ”الإخوان المسلمين” بصلة. فالإسلاميين السنّة كانوا قد أسسوا حركاتهم السياسية منذ ثلاثينيات القرن الماضي في مصر باسم جمعية “الإخوان المسلمين” على يد حسن البنا.

إقرأ أيضا: صعود السلفيات الجهادية.. تكرار لصعود حزب الله؟

أما الاسلاميين الشيعة، فقد تأثروا كثيرا بالإخوان المسلمين مما دفع كل من السيد محمد باقر الصدر في العراق الى تأسيس حزب الدعوة، والامام الخميني في إيران الى ثورة أدت مع نهاية الثمانينيات الى إقامة الجمهورية الاسلامية في ايران، وصعود نجم الدين أربكان في تركيا، اضافة الى حركة «النهضة» التونسية.

وتميزت هذه الحركات عن “الإسلاموية” بحملها لواء الاحتجاج ضد الغرب، ومناهضة الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط في الوقت عينه.
ومن المعروف ان حركات الإسلام السياسي تجمع ما بين العمل السياسي، والتوجه الديني أو الدعوي، وتشترط على أعضائها التزام الفرائض والإيمان، واعتقادها بمرجعية الكتاب والشريعة انطلاقا من مقولة «القرآن هو دستورنا»، و«دولة إسلامية» و«الديموقراطية هي الشورى»، هذه الشعارات الراسخة في عقيدة الاسلاميين. بحسب الباحث الفرنسي أوليفييه روا.
ونتيجة أزمة الإسلاميين مع الانظمة والمجتمعات المسلمة، ولدت “أصولية جديدة”، سُميت “سلفية مقاتلة” او سلفية جهادية، استعملها الإعلام كدليل على التطرف والغلو في الاسلام.

وبعد ان هادنت بعض الحركات الاسلامية النظام، وانخرطت في العمل السياسي، وانتهت إلى التعايش، كما حصل مع «النهضة» التونسية، و«العدالة والتنمية» التركي، و«حماس» الفلسطينية. نجد انه ثمة فرق اسلامية وصلت الى الحكم الثيوقراطي كما حصل مع الشيعة في ايران ولم تتوصل الى اي وسطية.

وربما يعود ذلك الى قرب كل من تونس وتركيا من الشاطىء المتوسطية الاوروبية، حيث تحولت كل من “النهضة” التونسية، و”العدالة والتنمية” التركية، الى حركات اسلامية هي الاكثر قبولا بالديموقراطية الغربية.
ويعتبر التطرف الايراني بداية انطلاقة التطرف الجهادي السلفي الذي يرفض الآخر ويصنع لنفسه عالمه الذاتي المقونن بحسب ما تشتهي عقيدته ورؤيته للعالم.

وفي اطار آخر، يحذر أوليفييه روا، الخبير بالشؤون الاسلامية من التسرُّع في الربط بين الإسلام والإرهاب، فالتطرف الإسلامي هو نتيجة لفشل الاندماج. فالمشكلة ليست في عدم الاندماج الثقافي. ويبقى الجهاديون الأوروبيون مرتبطين بالنموذج الغربي. فلا علاقة بين التطرُّف الإسلاموي بالسياسة الخارجية للانظمة ولا بالجرائم الاستعمارية. وما يلفت ان الاسلاميين يعيشون قطيعة تامة مع تاريخهم الوطني. وبسبب تطرُّفهم فهم ينظرون إلى أنفسهم على ان إسلامهم أفضل من إسلام آبائهم.

فتنظيم القاعدة والإسلام السياسي لا يعبِّران، بحسب موقع “القنطرة”، عن الشيء نفسه. ولا يعتبر كلّ الأصوليين متطرِّفين سياسيًا، كما أن هناك في الحقيقة قدرا قليلا من التدين يكمن في تنظيم القاعدة.

فالأصولية تصل دائمًا إلى بعض الأشخاص، ويعتقد الغرب أن الإسلام يشكل جذور التطرف، فأسامة بن لادن يُعتبر رائدا في العالم الإسلامي بالنسبة للغربيين. لذا يجب محاربته باعتباره إرهابيًا وليس لكونه مسلما.

إقرأ أيضا: بعض التأمُّل في أُبُوّة «داعش»

وكما هو معروف، لا يتحوّل المسلم إلى إرهابي لأنَّه يقرأ القرآن ويذهب إلى المسجد. بل بفعل الإرهاب. فالدين فلا يلعب أيّ دور خاص في عملية التطرّف الشخصي.

لذا، وعند المطالبة بتكفير الإرهابيين ونبذهم يجب التوقف عن الحديث عن الدين والثقافة، وما يجب القيام به هو التحدث عنهم من ناحية ارتباطهم بالسياسة والتطرّف.

السابق
فساد معمل الموت في عين دارة.. يضرب ستيفن حداد!
التالي
عن الأسرى الفلسطينيين المنسيين في السجون الإسرائيلية