هل من تسوية في تركيا؟

تركيا
51.2% من المقترعين الأتراك قالوا نعم للتعديلات الدستورية التي تمنح صلاحيات أوسع للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتفتح الباب أمام تحول النظام السياسي إلى نظام رئاسي. فيما قال 48.8% من المقترعين لا للتعديلات المقترحة.

يأتي هذا الاستفتاء الذي تم يوم 16 نيسان 2017 كخطوة في مسار الانقلاب الذي يقوده الحزب الحاكم على العلمانية في تركيا. وهذا المسار بدأ منذ وصول الإخوان المسلمين (العدالة والتنمية) إلى الحكم والسير بخطوات بطيئة جعلتهم يقطعون شوطاً كبيراً في مسار الارتداد عن النظام العلماني التركي. لقد حققوا إنجازات هامة في هذا المجال أولها الحصول على أكثرية برلمانية تحاول إنتاج وعي اجتماعي متخلف يعتمد على موروثات تاريخية وثقافة موروثة منذ زمن السلطنة العثمانية.

اقرأ أيضاً: تمزّق الهوية اللبنانية من سنّة «أردوغان» إلى شيعة «خامنئي»

واستطاع الحكم الإسلامي أن يحقق خطوات متدرجة في اجليش التركي من خلال إنشاء مجلس شورى في الجيش وإقالة أعداد كبيرة من الجسم القضائي، وإعادة المدارس الدينية وإخراج الأمن من الأساتذة العلمانيين من مؤسسات التعليم المختلفة.

وقد لعبت البنى الاجتماعية الريفية حاضنة أساسية لهذا المسار وهذا ما أظهرته نتائج الاستفتاء الأخير، إذ جادت نتائج التصويت في المدن الرئيسية مثل اسطنبول، أنقرة، أزمير لغير صالح التعديلات المقترحة في حين أتى التصويت في الريف لصالح التعديلات.

تعكس هذه النتائج حالة من التفاؤل بين الاتجاهين على المستوى الشعبي ويمكن أن يستمر هذا التفاؤل لفترة طويلة، لذا من البديهي أن يراهن مجلس الشورى في الجيش التركي على حصول تغيير ما لصالح حزب العدالة، لكن إذا استمر هذا التعادل فإن تركيا سائرة نحو مجهول يعبّر عنه اليوم هذا الشرخ الكبير في البيئة الشعبية التركية بين قاعدة اجتماعية تشد بتركيا نحو العودة إلى الوراء، والأبرز في هذه العودة إنتاج ما يشبه السلطان، وتتبع هذه القاعدة خطة هجومية مستمرة وبين قاعدة اجتماعية تدافع عن العلمانية الكمالية نحو موقع الدفاع ليس إلا.

اقرأ أيضاً: تركيا وفرنسا وايران: انتخابات على وقع الدماء السورية

يبدو أن هذا التناقض بينهما يستعصي على الحل حالياً فيما يبدو أن أردوغان وحزبه وجمهوره حسموا أمر مواصلة مسيرة الانقلاب المتدرج وصولاً إلى النصر بإعادة تركيا إلى الوراء. ورب قائل أن أصحاب هذه المسيرة قد حققوا انتصارات في مجال الاقتصاء ودفع تركيا إلى مواقع اقتصادية عالمية. لكن هذا التطور الاقتصادي لا يؤشر بالضرورة إلى أن تركيا تتطور في مجال الصعد السياسية، الاجتماعية والثقافية، ففي التجارب التاريخية أمثلة على تطور بل ما اقتصادياً في حين يبقى متخلفاً في مجالات أخرى. يبدو أن نصف المجتمع في حالة هجوم والنصف الآخر في حالة دفاع، إنه صراع طويل الأمد، والخوف هو على تركيا البلد من أن تتحول إلى ميدان حروب أهلية وهي البلد المتنوع قضائياً وقومياً، وخصوصاً أن مشروع تسوية بين الطرفين لا يبدو في المستقبل المنظور.

السابق
تركيا وفرنسا وإيران: انتخابات على وقع الدماء السورية
التالي
عقوبات أميركا ستطال وسائل إعلام حزب الله