تفادياً لعقوبات أميركية: حركة أمل تفتح النار على حزب الله.. وتغازل السعودية

قرّرت حركة أمل أن "تفتح النار" شعبيا وفي الإعلام وعلى الأرض، وليس سياسيا أو عسكرياً، على حزب الله، ردّا على التسريبات التي تقول إنّ العقوبات الأميركية الجديدة ستشمل مقربين من حزب الله وشخصيات بعضها في حركة أمل.

فقد برز مؤشران لافتان في الأيام الأخيرة واحد سياسي وآخر أمني ويكتسبان أهمية لكونهما صادران من قبل حركة أمل برئاسة الرئيس نبيه بري. وذلك بعدما نقلت “جريدة النهار” قبل أيام مضمون ورقة تقول إنّها ستصدر عن الخزينة الأميركية، ويجري تداولها لدى أوساط مصرفية وسياسية لبنانية، وتتضمن عقوبات على جهات متعاونة مع حزب الله وأشارت إلى وجود أفراد ستصدر بحقهم عقوبات ينتمون إلى حركة أمل.

وخلال الأسبوع المنصرم نقلت وكالات صحفية خبراً مفاده أنّ هناك تنسيقاً أميركياً خليجياً لجهة إصدار دول الخليج، ولا سيما المملكة العربية السعودية، لائحة سوداء جديدة ضد حزب الله من دون أن توضح إذا كانت هذه اللائحة ستطال أشخاصاً ينتمون أو قريبون من أحزاب لبنانية حليفة لحزب الله، قد تكون حركة أمل واحدة منها.

وفي هذا السياق يجدر الانتباه إلى أنّ بعض المتابعين يربطون بين عملية اعتقال رجل الأعمال قاسم تاج الدين الشهر المنصرم في المغرب من قبل الإنتربول، وتسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبين تسريب مضمون قرارات عقابية تطال أفراداً أو مؤسساتٍ تابعة أو قريبة من حركة أمل, خصوصاً أنّ تاج الدين، وهو رجل أعمال شيعي يعمل في أفريقيا وله مشاريع في لبنان، هو من بلدة حناوية في قضاء صور، وله علاقات ككثير مع رجال أعمال شيعة في حركة أمل، وبالرئيس نبيه بري، فضلاً عن علاقته بحزب الله.

 

وإذا صحت المعلومات التي أشارت إليها وسائل الإعلام عن ملامسة العقوبات الأميركية حركة أمل، فلا بد من الإشارة إلى أنّ الحركة لم تكن لتتوقع مثل هذه الخطوة، وهي لذلك أقل قدرة من حزب الله على تحمل تبعات مثل هذه الإجراءات، لا سيما أنّها تستند في مواردها المالية على نفوذها في السلطة من خلال الرئيس نبيه بري، وعلى مساعدات مالية تصلها من رجال أعمال لبنانيين في لبنان وخارجه، من ضمن شبكة مصالح متبادلة وامتيازات توفرها حركة أمل لهم بسبب نفوذها على الأجهزة الرسمية. كما أنّ الرئيس نبيه بري، بالنسبة إلى عدد كبير من رجال الأعمال المذكورين، هو الاحتياط الذي يمكن أن يشكل لهم الحماية فيما لو تفاقمت العقوبات المالية على حزب الله.

إقرأ أيضاً: أميركا تبدأ بحصار نفوذ إيران في سوريا والهدف: حزب الله!

في خضم هذه الأجواء والأسئلة الدائرة حول طبيعة العقوبات التي يمكن أن تلامس حركة أمل أو تطالها، كان لافتاً خلال الأيام الأربعة الماضية مؤشران، الأول: يتمثل في الإشكالات التي حصلت بين عناصر من أمل وحزب الله  في ثلاث بلدات محاذية للحدود مع اسرائيل في قضاء مرجعيون. البلدات هي ميس الجبل، التي شهدت إطلاق نار الأسبوع الماضي من قبل أحد مسؤولي حزب الله وعضو البلدية، باتجاه نجل رئيس البلدية على خلفية اتهامات بالفساد والهدر في البلدية. ثم وقع اشتباك بالسلاح الأبيض ليل الأحد الماضي، بين مجموعتين واحدة من حركة أمل وأخرى من حزب الله في بلدة رب ثلاثين، سقط خلالها ستة جرحى من حزب الله قبل أن يتدخل الجيش اللبناني. وفي بلدة مركبا أيضا وقعت مواجهة قبل أيام في النادي الحسيني، خلال إحياء مناسبة مشتركة لفقيدين واحد ينتمي إلى أمل والآخر لحزب الله.

أما المعطى الثاني فهو مشاركة حركة أمل وممثل عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في احتفال أقامته السفارة السعودية داخل منزل السفير، ضمن ندوة عن الإمام موسى الصدر، وبالتنسيق مع مؤسسات الامام الصدر، التي ترأسها السيدة رباب الصدر. كان النائب والقيادي في أمل أيوب حميد ممثلاً الرئيس نبيه بري، فيما مثل المجلس الشيعي مدير الأوقاف الشيخ حسن شريفة. علما أنّ المجلس الشيعي كان امتنع، من دون اعتذار، عن المشاركة في حفل أقامه السفير في المكان نفسه قبل نحو شهرين، وبدعوة من السفارة السعودية/ جمع رؤساء الطوائف في لبنان.

إقرأ أيضاً: البروفسور عجاقة: العقوبات على حزب الله تطال مسيحيين وتجدد لـ«رياض سلامة»!

بين الإشكالات مع حزب الله في القرى الحدودية ومشاركتها في احتفال السفارة السعودية، تحاول حركة أمل أن توصل رسالة واضحة إلى الغرب وللولايات المتحدة الأميركية وإلى الخليج، وهي أنّها “ليست حزب الله”، وأنّها معه على خلاف عقائدي وسياسي واجتماعي وأمني وعسكري وشعبي… الأرجح أنّ الهدف القصير المدى هو أن تتفادى العقوبات، لكنّ الهدف الأبعد هو الإعلان رسميا أنّ مرحلة ما بعد بشار الأسد يمكن أن تشهد “حليفاً” شيعيا للغرب والعرب في لبنان وداخل الطائفة الشيعية، هي حركة أمل. وما الاشتباكات المتقطعة في بلدات على الحدود مع اسرائيل، وليس في البقاع أو الضاحية مثلاً، وما التجاوب مع الدعوة السعودية رغم المواجهة الشرسة للاخيرة مع إيران وامتداداتها لا سيما حزب الله، إلا إعلاناً صريحاً في هذا الاتجاه.

السابق
بالفيديو: إستياء أوروبي من إجتياح الإسلام المتطرف لبلدانهم
التالي
نوفل ضو: العونيون يهتمون بالمحاصصة لا بحقوق المسيحيين