ترامب يأكل الشوكولاتة ويقصف «الحيوان»

وحده الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمكنه أن يقول دون تردد في مقابلة تلفزيونية إنه كان يستمتع بقطعة شهية من كعكة الشوكولاتة وهو يتناول العشاء مع ضيفه الرئيس الصيني حين أتاه نبأ إطلاق صواريخ التوماهوك باتجاه قاعدة جوية تابعة للنظام السوري. يكمل ترامب حديثه بوصف حجم الحلوى التي كان يلتهمها.

ووحده ترامب يمكنه أن يستفيض في مقابلة سابقة عن التعبير عن صدمته من مشاهد القصف بالغاز السام على المدنيين السوريين وقتل الأبرياء وكأنما يرى ذلك للمرة الأولى خلال السنوات الست الماضية لينهي كلامه بوصف بشار الأسد بـ”الحيوان” وذلك بعد أيام فقط من رفض إدارته التدخل في الشأن السوري رغم أن الأسد كان سبق وأن قتل الآلاف من السوريين بوسائل قتل لا حصر لها.

وشخصية متقلبة كحال ترامب لا غرابة في أن ينفض الرئيس الأميركي عن حلف مفترض مع موسكو وأن ينقلب على اعجاب سابق ببشار الأسد وأن يعيد الاعتبار لحلف الناتو بعد أن انتقد “عجزه”.

لا شيء ثابت أو نهائياً مع الرئيس الأميركي والضربات الأخيرة على أهميتها وعلى رغم جرعات الارتياح الذي بثته لدى جموع سورية واسعة إلا أن هذه الضربات لا تزال خطوة صغيرة لن تنقذ السوريين إذا ما توقفت عند حدود تلك الصورايخ دونما التطور نحو استراتيجية إنقاذ واضحة لسوريا تبدأ أولا بالإطاحة ببشار الأسد.

ليس خافياً أن هناك حالة إعجاب عربية بترامب بحيث بات يطلق عليه تحبباً “أبو عمر ترامب” لكن هذا لا يعني أن ترامب تحول من شخص يميني عنصري إلى شخص ذي آفاق واسعة ولم تحوله من شخص سيئ إلى قائد همام. مثل هذا التحول يتطلب ما هو أبعد بكثير من حفنة صواريخ يطلقها وهو يتلذذ بأكل كعكة الشوكولاتة.

قد تكون هذه الصواريخ قد انجزت هدفاً هو وقف القتل الكيماوي أو على الأقل تحويل ذلك الى قضية على عكس ما حصل في الهجمات السابقة، لكن هذا إن بات حقيقة يبقى إنجازا متواضعا في حال لم يتطور ليوقف كافة وسائل القتل سواء بالبراميل المتفجرة آو بالأسلحة البيضاء أو عبر التجويع والتعذيب.

إقرأ أيضاً: أنغام ترامب تقيّد الرقص الروسي على طبول الحرب السورية
مجدداً، لا أوهام هنا بشأن تغيير ناجز في سوريا بعد وليس محسوما أن هناك انقلاباً كبيراً في الرأي العام الغربي بحيث يمكن التعويل على انحياز لقوى خير مفترضة مع حق الشعب السوري.

ما حصل الاسبوع الماضي دليل على ارتباك وفوضى كبرى استفاد منها السوريين بعض الشيئ دون أن يدفعنا ذلك نحو المراهنة الكاملة على تغيرات هائلة خصوصا أن مسار العلاقة الأميركية الروسية لا يزال غير واضح بعد اتساع الفجوة بين موسكو وواشنطن.

إقرأ أيضاً: عن «الحيوان» الذي فجّر القافلة
نعم، هناك اهتزازة في تماسك القوى المنحازة للأسد، فكيف سيتصرف دونالد ترامب وكيف سيرد فلاديمير بوتين وأي جرعات قوة ستضخ في حلف الناتو وهل سترضخ إيران وروسيا لخيار إقصاء الأسد. هذه أسئلة يصعب التكهن بإجاباتها الآن لكن إن كانت أول بشائر الانقلابات السياسية العالمية وقف قتل السوريين بالغاز فذاك أمر يستحق التوقف عنده حتى ولو كان قرارا اتخذ على عجل في عشاء انتهى بحلوى لذيذة وبصواريخ..

السابق
إطلاق نار على حسين الحجيري في عرسال
التالي
الممانعة.. والإنسانية «المنفصمة»