حوارات إسلاميّة حول آفاق التعاون: هل يشهد لبنان انقلابات في التحالفات السياسيّة؟

يمرّ الوضع السياسي في لبنان حالياً في مرحلة انتقالية مفتوحة على كل الاحتمالات. فبانتظار حسم الملف الانتخابي قانوناً أو تمديداً أو فراغاً، بدأت تبرز بقوة التباينات والخلافات في المواقف بين القوى السياسية والحزبية، ولا سيما التي كانت تلتقي ضمن إطار واحد، سواء على صعيد قوى 8 آذار أو قوى 14 آذار.

اقرأ أيضاً: هل الارهاب من الاسلام؟

فالخلاف حول مشروع قانون الانتخابات وحول أداء الحكومة ومستقبل الوضع السياسي في لبنان أدى إلى التباين في مواقف العديد من الأحزاب السياسية. كذلك كشفت الانتخابات التي جرت في نقابتي المهندسين في الشمال وبيروت عن عدم وجود تحالفات انتخابية ثابتة وعن قدرة بعض القوى المدنية والأحزاب السياسية على اسقاط مرشح معظم أحزاب السلطة في نقابة بيروت، ما يعني أن الخريطة السياسية تشهد المزيد من التغييرات يوماً بعد يوم.

وفي موازاة ذلك، تسعى بعض القوى الإسلامية إلى إعادة ترتيب أوضاعها ومواقفها من خلال اجراء حوارات غير معلنة في ما بينها للبحث في كيفية التوافق في التعاطي مع المرحلة المقبلة، سواء حصلت الانتخابات أو لم تحصل.

فما هي أبرز التباينات والخلافات في مواقف الأطراف السياسية والحزبية؟ وهل سنشهد انقلابات كبيرة في التحالفات السياسية المقبلة؟ وأين تقف القوى والحركات الإسلامية مما يجري من تطورات على صعيد الوضع السياسي في لبنان؟

انقلاب في التحالفات السياسية؟

بداية ما هي حقيقة الخلافات في المواقف بين الأطراف السياسية التي كانت تلتقي ضمن لقاء قوى 14 آذار أو محور 8 آذار؟ وهل سنشهد انقلابات في التحالفات السياسية في المرحلة المقبلة؟

تقول مصادر سياسية مطلعة: إنّ هناك تباينات وخلافات بارزة بين القوى التي كان يضمها كل من فريقي 8 و14 آذار، وإنّ هذه القوى لم تعد متفقة على رؤية موحدة تجاه الملفات الساخنة، ما قد يؤدي إلى حصول ما يمكن تسميته «انقلابات في التحالفات السياسية».

فالعلاقة داخل ما كان يسمى «قوى 8 آذار» تشهد تباينات عديدة، ولا سيما حول مشروع قانون الانتخابات، فحركة أمل وحزب الله وتيار المردة لديهم ملاحظات أساسية وجذرية على كل المشاريع التي قدَّمها رئيس حزب التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، وقد برزت تباينات واضحة في المواقف بين حزب الله والتيار الوطني الحر. فحزب الله يُصر على النسبية الكاملة، في حين أن باسيل يعمل لإقرار قانون مختلط يعزز تحالفه مع «القوات اللبنانية»، ويُسهم في حصولهما على أكبر عدد من النواب المسيحيين في الانتخابات المقبلة.

وأما على صعيد ما كان يسمى «قوى 14 آذار»، فالخلافات اشتدت في خلال الأسابيع الماضية، إن على صعيد قانون الانتخابات أو حول أداء الحكومة، وقد برز ذلك في خلال مساءلة الحكومة في المجلس النيابي، وكذلك على صعيد معركة نقيب المهندسين في بيروت التي أدت إلى سقوط مرشح أحزاب السلطة الأساسية وفوز المرشح المدعوم من الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب والجماعة الإسلامية والحزب الشيوعي وقوى المجتمع المدني.

وتتحدث بعض الأوساط السياسية عن عودة الحرارة إلى ما يسمى «التحالف الرباعي»، أي تيار المستقبل وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله، وان هذه القوى تشعر بأن تحالف «القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر» في الانتخابات المقبلة قد يؤدي الى تقليص مواقعها، ولذلك يشتد التنسيق والتعاون بين هذه القوى، إن لجهة الملف الانتخابي أو مواجهة احتمال حصول فراغ في المجلس النيابي إذا لم يجرِ الاتفاق على قانون للانتخابات، وكذلك هناك تعاون وتنسيق في بعض الملفات الداخلية.

وفي ضوء هذه الأجواء تعتبر هذه المصادر أن المرحلة المقبلة قد تشهد متغيرات أساسية في التحالفات السياسية والحزبية وأن حسم الملف الانتخابي سيوضح مسار الأوضاع في المستقبل.

موقع القوى الإسلامية

لكن أين تقف القوى الإسلامية من التطورات السياسية الداخلية؟ وهل سيظل الخلاف في ما بينها بشأن الأزمة السورية مانعاً من التعاون في المرحلة المقبلة؟

مصادر إسلامية مطلعة تقول إن الحوارات والنقاشات بين القوى والحركات الإسلامية في لبنان، ولا سيما بين الجماعة الإسلامية وحزب الله، لا تزال مستمرة ولو بشكل غير علني، وان هناك لقاءات وحوارات قائمة، إن من خلال بعض الأطر الثابتة أو عبر لقاءات ثنائية، وذلك للبحث في أسباب الخلافات السياسية وفي كيفية تجاوز المرحلة السابقة والبحث في امكانية التعاون في المستقبل.

كما أن بقية القوى الإسلامية من تيارات متنوعة تمر حالياً في مرحلة اعادة ترتيب أوضاعها الداخلية والتنظيمية، فهيئة علماء المسلمين على أبواب عقد مؤتمرها الداخلي لانتخاب شورى جديدة، والجماعة الإسلامية تستعد لعقد مؤتمرها السياسي العام في شهر أيار المقبل، والتيارات السلفية في حالة مراجعة لدورها ومواقفها من مختلف التطورات، وهناك تحضير لعقد «مؤتمر موسع حول الإرهاب» من قبل اللقاء الإسلامي التشاوري، أما حزب التحرير فهو مصر على مواقفه النقدية للحكم اللبناني ويبتعد عن أية لقاءات وحوارات ثنائية، ولا سيما مع حزب الله، بسبب الخلاف حول الوضع في سوريا.

وتقول المصادر الإسلامية: «ان اقرار قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية سيشكل دافعاً للقوى والتيارات الإسلامية في لبنان لإعادة بحث اشكال التعاون في ما بينها وكيفية مقاربة هذا الملف في المرحلة المقبلة، وأما في حال تقرر التمديد للمجلس النيابي الحالي، فإن ذلك سيعطي هذه القوى فرصة جديدة لاستكمال الحوار في ما بينها والبحث في كيفية وضع رؤية جديدة للمرحلة المقبلة بغض النظر عن الخلافات حول الأزمة السورية والتطورات في المنطقة».

في الخلاصة، يبدو أن الوضع اللبناني سيواجه في المرحلة المقبلة تغيرات عديدة، ما سيفرض على جميع القوى السياسية والحزبية، ومن ضمنها القوى والحركات الإسلامية، تقديم مقاربات جديدة للتطورات المختلفة، كذلك فإننا قد نشهد المزيد من التغيرات في التحالفات السياسية.

وبانتظار تبلور صورة الأوضاع المقبلة، فالخلافات والتباينات بين القوى السياسية الداخلية ستزداد وكل الاحتمالات واردة على صعيد تشكيل تحالفات جديدة.}

السابق
لافروف للمعلم: اتفقت مع واشنطن على عدم تكرار الضربة
التالي
بثينة شعبان لمقتدى الصدر: إعرف حجمك عندما تتكلم عن الكبار