حماس والجهاد… من رحم الإخوان المسلمين الى ايران

حماس ستعلن انفصالها في وثيقتها عن حركة الاخوان العالميّة. وكانت سبقتها حركة الجهاد الاسلامي التي انفصلت عمليّا عن الإخوان، وانتسبت الى ايران فعليّا منذ عهد فتحي الشقاقي.

تأسست حركة الجهاد الاسلامي بُعيد انطلاق الثورة الاسلامية في ايران 1979، في حين اعلنت حماس عن نفسها في العام1987. على يد فتحي الشقاقي -المتأثر بالثورة الاسلامية في إيران- رغم ان بناءها العقيدي انطلق متأثرا بفكر الإخوان المسلمين القائم على المذهب السنيّ. وهذه هي المفارقة الاولى.

واللافت ان المبادئ الدينية للحركتين هي أفكار وكتب وتعليمات كل من حسن البنا وسيد قطب، اضافة الى ابن تيمية من الاسلاميين الاوائل.

وتُعد حركة الجهاد في عهد الدكتور رمضان شلّح، حركة هادئة سياسيّا- وان حافظت على عملها العسكري في الداخل الفلسطيني- مقارنة بحركة حماس التي لا تنفك تتحرك اعلاميّا وسياسيّا بنسبة اكبر بكثير، خاصة في ظل تصريحات مسؤوليها وتعدداهم. وهي(أي حماس) الحركة الفلسطينية التي اعتقدت أنه بسقوط بشار الاسد القريب فسارعت الى انتقال سياسيّ ومكانيّ لها، لكنها اليوم وبعد اكثر من ست سنوات على ثبات الاسد واكثر من ثلاثة عقود على انطلاقتها تحاول ان تكون أكثر “براغماتية”.

إقرأ ايضا: أيّ عنف في كنف الحركات الإسلامية الفلسطينية؟

هذه “البراغماتية” تتعلق بوثيقتها التي ضجّ الاعلام بها دون ان يُفرج عنها حتى الان ولكن تم تسريب مضمونها الى عدد من الوسائل الاعلامية العربية، والتي تتضمن اهم التغييرات، منها: الاعتراف بحدود 1967، والقبول بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير، ونبذ العمل المسلح، اضافة الى خروجها من تحت عباءة الاخوان المسلمين. فعلاقة حماس بالإخوان باتت علاقة فكرية وليست تنظيمية أو إدارية.

علما ان تنظيم الاخوان  المسلمين العالمي يقوم على نظام عنقودي، شللّي، حيث لكل جماعة رأسها وادراتها. وهذا ما يبرر قوتها وانتشارها عالميّا. وهذا التغيير يؤكد ان حركة حماس باتت أقرب إلى حركة مقاومة وطنية في مواجهة اسرائيل، منها إلى حركة حماس العقائدية الجهادية.

اما حركة الجهاد الاسلامي، فهي حركة مقاومة نادرا ما دخلت في العمل السياسي العام، بل كانت على الدوام منضبطة ضمن الخط السياسي الايرانيالدقيق، ولم تنفصل او تنفك عنه ابدا، حيث عاش الشقاقي متنقلا في سبيل القضية الأم ولم يكن من هواة المؤتمرات الصحفية والاطلالات الاعلامية كما تعاطى زميله الدكتور خالد مشعل في قطر مثلا.

وقد نقل أحد المحللين الاعلاميين ان ربما يكون الشقاقي قد خرج من الإخوان ومن التسنن نحو التشيع ليس فقط السياسي، بل الديني أيضا. والمعروف عن حركة الجهاد هو تنزّهها عن الدخول في الزواريب الداخلية للبلاد التي اقاموا فيها. ففي لبنان لا يكاد يذكر اسم ممثلها الا في المناسبات الفلسطينية كما هو حال ممثل حماس ايضا.

الاعلامي الخبير بالحركات الاسلامية، عماد العيسى، يشرح لـ”جنوبية” الفروقات بين كل من حركتي حماس والجهاد، بالقول “الفرق بين الجهاد وحماس فروقات نوعا ما غير عقائدية، يل سياسية. وبهذا تتمايز الحركتين عن بعضها البعض”.

وبحسب، عماد العيسى، اضافة الى بعض القضايا الإشكالية بين حماس والجهاد، ان “الخلاف ايضا هو بالتبعية للاخوان المسلمين، فحماس تتلقى الفتاوى من حركة الإخوان العالميّة، اما حركة الجهاد فلا يتلقون فتاواهم منها، رغم ان بعض قياداتها خرج من رحم الجماعة الاسلامية المعروفة الانتماء ايضا”.

في حين يرى آخرون في حركة الجهاد انها ترجع بخصوص الفتاوى السياسية الى الثورة الاسلامية الإيرانية.

وبحسب العيسى فانهم “يرجعون الى سيد قطب في كثير من القضايا، علما انه هماك قطيعة مع الفكر الجهادي التكفيري الحالي”.

ويشرح العيسى، بالقول “والنسبة للفتاوى المتعلقة بفكر القاعدة والعنف فلا يقبلونها في حركة الجهاد، ولا يأخذون بها في سياستهم”.

والمميز في حماس بحسب العيسى هو “براغماتيها وخروجها على الماضي خاصة الماضي الجهادي، فالوثيقة تعترف بفلسطين وطنا، وتعترف بأوسلو، وحدود67، وثمة تغيير كليّ، يتبدل بحسب الظروف”.

وفي لقاء سابق لـ”جنوبية” مع عامر الاشقر، المحلل السياسي، حول حماس والجهاد، قال “جاءت الجهاد من رحم الاخوان المسلمين، لكن فتحي الشقاقي أخذ مسارا آخرا، ولما نشأت حركة الجهاد لم تكن حركة حماس قد دعت الى الجهاد حينها، ولم تكن تؤمن به أصلا، اما الشقاقي فقد كان متأثرا جدا بالامام الخميني وافكاره الثورية”.

إقرأ ايضا: استبعاد الإخوان المسلمين عن لائحة الإرهاب الاميركية يثير تساؤلات

ولفت الاشقر الى ان “حركة الجهاد الإسلامي هي الحركة الفلسطينية الاسلامية الوحيدة التي تؤيد ايران، ولكنها ليست الأكثر تشددا على الصعيد العقائدي، مقارنة بحماس والإخوان”.

ويختم الاشقر “حماس والجهاد تختلفان في طريقة استعمال العنف، وحول ما اذا كان هذا العنف يطال الجنود الاسرائيليين فقط كما تقول حركة الجهاد، او الجنود والمدنيين معا، كما تقول حماس”.

السابق
أبو عرب: بلال بدر انتهى وهناك من بات يخوض المواجهة عنه
التالي
اتفاق على وقف اطلاق النار في عين الحلوة وخروج بلال بدر من حي الطريري