قواعد الصراع مع ايران واسباب المواجهة مع حزب الله

حزب الله ايران
ايران بمعتدليها ومتشدديها دولة اقليمية تريد نفوذا ومجالها الحيوي هو العالم العربي، مما يجعل الاتجاهين معا يوافقان على سياسة تمدد النفوذ الايراني في الدول العربية. فكيف يمكن بناء تكافؤ مع ايران في مشروع عربي؟

قد يتراءى للمرء لوهلة أولى أن معركة الحرية واسقاط الاستبداد أصبحت وراءنا وأن المشهد الجديد قد استتب على خيارين:
الأول: مواجهة سياسة الهيمنة الايرانية والاندماج في عداد الأكثرية العربية من اهل السنة بزعامة دول الخليج والسعودية.
أما الثاني: فهو الانخراط في محور طهران- دمشق والاندماج بالأقليات الشيعية المرتبطة بايران بدعوى مواجهة الارهاب التكفيري.
لكن تبصرا عميقا في نتائج الانزلاق لواحد من الخيارين سيظهر فداحة النتائج الكارثية لتفجر صراع قد لا ينتهي، ولمدى الدمار الذي سيطال مجتمعاتنا، ولعبثية نهايته المفجعة كخسارة مضاعفة على ضفتي الخصومة. يتبدى بسبب فداحة المواجهة
خيار ثالث، هو تأجيل المواجهة بافتراض تغيير في السلوك الايراني ناتج عن انقلاب موازين القوى لصالح الاصلاحيين على حساب الحرس الثوري، غير أن ذلك ليس الا سرابا خادعا، فالاتفاق في ايران بين جناحيها المعتدلين والمتشددين لا يعني اتفاقا مع العرب.

اقرأ أيضاً: نقدُ الفقهِ ضرورةٌ إصلاحية

هذه معركة على العرب خوضها ليس بهدف العداوة مع ايران بل لاقامة علاقة متكافئة معها تمنعها من التغلغل وزعزعة الاستقرار في المجتمعات العربية من خلال تجييش الشيعة العرب في مخططاتها. الخطر الايراني الذي علينا مواجهته لا يكون بمواجهة سنية – شيعية، بل بمشروع عربي يكون هدفه الابعد بناء دولة حديثة:

مشروع سياسي اصلاحي يوسع قاعدة السلطات في بلادنا عبر توسيع المشاركة الشعبية وتحسين حياة شعوبنا ودولنا، ويبعد عن مجتمعاتنا تجاوزات اجهزة الامن وسياسات القمع. لديه وجه ثقافي غير اقصائي، فيه تراكم من التسامح والانفتاح بحيث يحقق مشاركة المراة والشباب، ولا يهمش احدا.
مشروع يعنى بادماج الشيعة العرب وبقية الاقليات بما يمنع ايران من اللعب في النزعات الاقلية والانفصالية، ويشدد على شراكة الشيعة العرب في مشاريع الاكثرية السنية التي تصيغ مشروعها السياسي في افق رحب ويوجه طاقات الامة نحو خيرها. ويوضح لبعض السلفيين والجهاديين الذين يقومون بشتم الشيعة وتكفيرهم بان ما يفعلونه يساعد ايران على ان تجد انصارا لها.
مشروع يستند الى بنية اجتماعية تتبنى سياسة تعاون اقتصادي وانماء يمنع استغلال الفئات المهمشة للقيام باعمال عنف تصل الى حدود التماهي مع المنظمات الارهابية.


اقامة محور عربي حقيقي أساسه السعودية ودول الخليج العربي من جهة ومصر من جهة أخرى، وتحقيق مصالحات حقيقية في الساحة الفلسطينية والاهتمام بشعب العراق وازماته، واتباع سياسة تضامن عربي فاعلة، وتفعيل الدور المصري وتذكيره بما عليه من واجبات في مواجهة سياسة التمدد الايراني.
تنسيق لا بأس به مع تركيا. وتفعيل سياسات منظمة المؤتمر الاسلامي والتمسك بموجبات القانون الدولي واحترام سيادة الدول في العلاقات الخارجية.

اما في لبنان فان”حزب الله” لم يسيطر على قرار الشيعة بالاقناع، فعلى مدى 30 سنة تُرك الشيعة الديموقراطيين لمصيرهم يخوضون مواجهة داخلية ضد المخابرات السورية والإيرانية و”حزب الدعوة” العراقي وقضى منهم في هذه المواجهة 5 آلاف ناشط مدني وكادر ديموقراطي، وهذا خطأ استراتيجي.
المواجهة المباشرة بدأت منذ 25 أو 35 سنة بنى الحزب خلالها مشروعه بطريقة تراكمية وبمنهج القضم وباجندات سياسية مركبة، وصولا الى الامساك بمفاصل اساسية في الدولة وتعطيل المواقع الاخرى التي لم تصل يده اليها، فيما كانت الدول العربية تتلهى بممارسة المياومة السياسية وتتقلب مواقفها، جزء من المسؤولية فيما وصلنا إليه اليوم كان نتيجة إسناد الملف اللبناني لإدارة النظام السوري، وجزء منه أيضاً التحالف القطري الإيراني، وجزء آخر سياسة الـ”س – س” ، وتمكين الرئيس السوري بشار الأسد من زيارة بيروت بعد أن طرد منها. فيما كانت ايران تساعد حزب الله بالسلاح والمال وفي تجنيد المشايخ وبناء المساجد والحسينيات وتجنيد الآف المقاتلين وتأسيس عشرات مراكز البحوث وهناك اليوم ماكينة إعلامية من 200 وسيلة اعلامية وتلفزيونية تمولها إيران.

اقرأ أيضاً: بين الشيطان الاميركي والشيطان الروسي

نقطة البداية في لبنان هي تعديل ميزان القوى في البلد عموماً وفي الطائفة الشيعية خصوصاً من خلال تأسيس تحالف سياسي عريض يضع حداً لتمدد الحزب داخل الدولة في لبنان ويستند الى إستراتيجية عربية شاملة.
لكن التغيير الجذري مشروط بالتغيير في سوريا لأن إزاحة نظام الأسد هناك سيكون لها انعكاس أكيد وتلقائي على “حزب الله” في لبنان.

السابق
عون يتنقد التمديد: لن يكون في مصلحة لبنان
التالي
اللينو: كل ما يشاع عن وقف لاطلاق النار هو غير صحيح