نقدُ الفقهِ ضرورةٌ إصلاحية

مطالبون اليوم باعادة صياغة الفقه الذي بات خارج الزمن!!

بعضُ الفقهِ الإسلاميِّ الموروثِ الذي كان نتاجَ مرحلةٍ وبيئةٍ سياسيةٍ واجتهادٍ وصناعةٍ بشرية لم يَعُدْ قائماً، ممَّا يدعونا إلى نقده وإعادةِ صياغتِه لِيَتَمَاهَى وحداثةَ العصرِ ليتفاعلَ مع الواقع والمتغيِّرات والطوارئ، إنه فقهٌ بعضُهُ خارجُ الزمانِ والمكانِ، فأصابَ منا مقتلةً وجموداً وعُطالةً فكريةً، فجعلنا غرباءَ عن مسرح القرن الواحد والعشرين بثقافته وحقائقه العلمية.

إقرأ ايضا: الضرائبُ المجحفةُ والرواتبُ الظالمة

فما من دولةٍ إلا وهي عضوٌ في هيئة الأمم المتحدة، ولها معاهداتٌ اقتصادية ودبلوماسية وسياسية وأمنية وثقافية، الأمرُ الذي الحديث عن دار الحرب ودار السلام ودار الكفر ودار الإيمان تشمئزُّ منه الطبائع السليمة ومثير للسخرية، فنحن لسنا في مجتمعٍ واحدٍ دين أوْحَد، فالعالم مجتمعات متعدد الثقافات والأديان في فضاءٍ يتَّسِعُ لكل الأيديولوجيات، فيحرم على أي نظامٍ فرضَ عقادَ على مواطِني شعبه، لا يمكن في ظل المستجدات تحكيم فقهاء السلف في علاقتنا مع محيطنا ولا القبول بوصايتهم على عقولنا، فالتحرير من أسر الماضي له ضوابطه وقاعده.

فالنازحون من الخريف والخراف العربي يقصدونَ البلادَ والأممَ التي صنَّفَها لهم التراثُ الفقهيُّ بأنها أممُ الكفْرِ وديارُ الحرب، فيما الواقع يشهد بأنَّ النازحين يفضِّلونَ طلبَ الأمن والإستقرار في بلاد الغرب والتمتُّع بنعيم قوانينها وخيراتها وتحفيزاتها والإطمئنان إلى عدل قضائها. ونأسف أن تكون بعض المؤسسات الدينية الفقهية تعيد إنتاج تلك الأفكار وتقوم بترويجها وهذا يدل على الحالة الإنفصالية التي تُسيء إلى حضارة وقيم الإسلام.

وإنَّ القولَ بأنَّ المسلمين فقط سيدخلون الجنة، بينما بقيةُ الأديانِ كافرةٌ وفاسدة ٌومنحرفةٌ ومصيرُ معتنقِيها إلى نار جهنم، فهذه نظرية مضطربة نفسياً وانفصامية،فالجنة أيها الناسُ ليست مخصصة لفئة دون أخرى فرحمة الله وَسِعَتْ كلَّ شيءٍ ورحمتُه سبقَت غضبَه، بل الجنةُ لكلَّ مَن وحَّدَ الله مهما كان دينُه كما بيَّنَ القرآنُ الكريمُ في سورة البقرة {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وأختم بتصريحٍ صريحٍ أخجلني للمستشارة الألمانية: سنخبر أطفالنا بأن لاجئي سوريا لجئوا لبلادنا وكانت مكةُ أقربَ إليهم.

السابق
اجراءات سير بسبب شركة تعهدات على طريق المطار القديم
التالي
فنيانوس اليوم من مجلس الوزراء: أتينا لننعي المختلط