صراعات الثنائيّة الشيعيّة.. واجِهَتها البلدية في ميس الجبل

ميس الجبل من اكبر القرى الجنوبية والتي لها تاريخ عريق على الصعيد الديني والسياسي، اضافة الى انها بلدة عدد من الشخصيات المعروفة. ودوما كان الصراع  بين طرفي الثنائية الشيعية على تسلّم ادارة بلديتها متوفرا حتى خلال أرقى أشكال التوافق الشيعي - الشيعي داخلها..

في الانتخابات البلدية التي حصلت عام 2003 استمات فريقي النزاع في التحالف الشيعي على الفوز بالبلدية لما في الامر من تأكيد سلطة وادارة اموال. مع العلم ان الانتخابات البلدية في لبنان تجري كل ست سنوات، ويطغى عليها في المدن الكبيرة نفوذ الأحزاب وزعماء الطوائف. أما في البلدات والقرى الصغيرة، يتداخل هذا النفوذ مع الصراعات العائلية. من هنا يمنع التوافق العام والتحالفات السياسية الكبرى على صعيد لبنان حصول اشكالات قد تصل الى ظهور مسلح وسقوط ضحايا.

إقرأ أيضا: ميس الجبل.. عراقة دينية وثقافية

فقد وقع إشكال مسلح في بلدة ميس الجبل  قضاء مرجعيون في الجنوب بين حزب الله وحركة امل على خلفية اتهام أحمد شقير من حزب الله لعبد المنعم شقير من حركة أمل وهو رئيس بلدية ميس الجبل في الجنوب بملف هدر وسرقة في البلدية. وقد تخلل الإشكال اشتباك مسلح  واطلاق نار واستنفار. وقد أعلن بعد هذا الاشكال عن فقدان نجل رئيس البلدية، الذي من المرجح أن يكون شبان من حزب الله اقتادوه الى جهة مجهولة.

جراء ذلك سادت حالة من الاحتقان الشديد في بلدة ميس الجبل بين حركة أمل وحزب الله على إثر الإشكال الذي حصل فيما اطلقت دعوات لتدخل المسؤولين في حركة امل وحزب الله لحل الخلافات قبل فلتان الامور. خاصة ان صندوق البلدية يحوي مبالغ طائلة، نظرا لكون البلدة كبيرة جدا وتحوي عددا كبيرا من المحال التجارية والمؤسسات.

وقد وزع في البلدة بيان جاء فيه: “بيان هام وعاجل: الى كل شرفاء ميس الجبل.. الى كبارها و صغارها ورجالها.. ما حدث اليوم في ميس الجبل لا يمكن السكوت عنه.. ولا يمكن المرور عليه مرور الكرام.. ان التعرض لرئيس بلدية ميس الجبل الحاج عبد المنعم شقير هو كالتعرّض على كل ميس الجبل.. لن نسكت عن ذلك بعد اليوم.. مجموعة مسلحة ومغطاة حزبياً تتعرض باطلاق النار على سيارة رئيس بلدية ميس الجبل الحاج عبدالمنعم شقير.. وتتهجم بالاعتداء على رئيس البلدية ومحاولة قتل نجله.. لن نسكت بعد اليوم”.

ورغم الحادث غير الجديد نوعا، فلطالما وصلت الخلافات بين الطرفين الى حافة الهاوية الا ان اهالي البلدة رفضوا التحدث بالامر خوفا من عواقب حديثهم.

ورغم مرور وقت طويل على الانتخابات البلدية الا ان الخلافات كالنار تحت الجمر في عدد من القرى والبلدات الجنوبية، نظرا للضغوطات التي يتعرّض لها الطرفين حتى لا تتفلت الامور من بين يديّ الثنائي الشيعي، سيما ان اسرائيل على مسافة رميّ حجر. وهذه البلدة الكبيرة والتاريخية قدّمت العدد الكبير من الشهداء والاسرى!

وميس الجبل، هي ثاني أكبر بلدة في قضاء مرجعيون بعد الخيام لجهة عدد السكان والمساحة، وهي بلدة العلماء والشهداء، واشتهرت قديما بشجر “الميس” المميّز، ومنها انطلق التعايش الاسلامي – المسيحي في الجنوب، حيث كانت تسكنها عائلات مسيحية حتى مطلع القرن العشرين.

قبلان قبلان

ففي عام 1450 خرجت مدرستها الدينية 500 عالم وفقيه، بعد انهيار مدرسة جزين العلمية. واراضيها واسعة ومترامية في كل الاتجاهات، وتبلغ مساحتها نحو 78 ألف دونم.

تحدها حولا من الشمال، وبليدا من الجنوب، وشقرا من الغرب، وفلسطين المحتلة من الشرق، ويبلغ عدد سكانها زهاء 21 ألف نسمة.

وهي ترتفع عن سطح البحر 650 مترا، وتبعد عن بيروت 114 كيلومترا، وعن مرجعيون 29 كيلومترا، وعن النبطية 49 كيلومترا، تتألف من اربع حارات، وفيها مساجد تراثية قديمة، اضافة الى مزارات وضرائح، ولعل ابرز معلم ديني وأثري فيها هو جامع ابي ذر الغفاري.

ويحكى ان الغفاري استقر في ميس الجبل مدة طويلة، ثم انتقل الى الصرفند، وقد بُني في البلدتين مساجد لا تزال قائمة حتى يومنا هذا تحمل اسمه، وفيها بركة معروفة جدا وقد تم تجديدها بعد تموز 2006.

وتشتهر بمحالها ومؤسساتها التجارية التي تصدر لكل لبنان المفروشات المنزلية والسجاد، ويُعتبر ابناؤها رواد في التجارة، ويملكون فروعا لمحالهم في كل انحاء لبنان، اما باقي ابناء البلدة فيعتاشون على الزراعة لا سيما التبغ. وقد لمعت اسماء كثيرة من ميس الجبل لعبت دورا بارزا في الحياة العامة اللبنانية.

إقرأ أيضا: اقفال مستشفى ميس الجبل

وكانت تأسست بلدية ميس الجبل عام 1960 حيث تولى رئاستها بالتزكية المرحوم الشيخ محسن قبلان حتى عام 1995 وفي العام 1996 تسلّم موسى خليل حمدان رئاسة المجلس البلدي حتى العام 2001، وفي ايار 2001 وبعد معركة انتخابية بين لائحتين فازت اللائحة المدعومة من حركة أمل وحزب الله بـ16 عضوا خرقها عضوان من اللائحة المنافسة المكونة من العائلات تم على اثرها انتخاب مجلس بلدي جديد، تولى رئاسته محمد صدرالدين حجازي واستمر حتى ايار 2004، وعام 2004 اجريت انتخابات قاسية بين لائحتين واحدة مدعومة من حركة امل وأخرى من حزب الله وبعد فوز لائحة حركة أمل بـ17 عضوا وخرق عضو من حزب الله، انتخب نعيم رزق رئيسا للمجلس البلدي وعبد المنعم جعفر شقير نائبا له لمدة ثلاث سنوات بحسب اتفاق بين اعضاء المجلس البلدي. تسلم بموجبه عرفات اسماعيل رئاسة البلدية عام 2007 وبقي عبد المنعم شقير نائبا له حتى أيار 2010.

المفتي أحمد قبلان

قبل 23 أيار 2010 توافقت القوى السياسية على انتاج مجلس بلدي يفوز بالتزكية وفقا لتركيبة معينة بين الأحزاب المتمثلة فأنتخب مرتضى محمود قبلان رئيسا للبلدية وعلي طه نائبا له.

إقرأ أيضا: مناشير في ميس الجبل تشير الى أسماء الذين اعتدوا على مشاعات البلدة

والخلاف البلدي في ميس الجبل ليس جديدا، وهو مستمر بأشكال متنوعة، وصلت أمس الى حد اطلاق الرصاص والخطف! وكانت البلدية هي الواجهة للخلافات والصراعات بين كل من أمل وحزب الله حيث تعتبر حركة أمل ان البلدة بلدتها، وتسعى الى وضع اليد عليها، وفرض سيطرتها كليا، في حين ان حزب الله يرى ان له فيها مؤيدين كثر خاصة اذا أحصيّ عدد الشهداء. وبحسب احدى السيدات من البلدة، فان الاهالي يخافون من تسلّم حزب الله للبلدية فتتوقف الخدمات التي يحصلون عليها عبر ابناء البلدة النافذين  في الدولة اللبنانية والمنتمين الى حركة أمل.

السابق
حزب الله ينشر بياناً لروسيا وإيران يتوعدان به إدارة ترامب بالرد!
التالي
فقدان البصر لم يمنع موهبته: كفيف أبكى لجنة التحكيم وحصل على الباز الذهبي