أيّ عنف في كنف الحركات الإسلامية الفلسطينية؟

العنف مفردة باتت لصيقة بالاسلاميين، فحركة الاخوان المسلمين سارت بمواجهة الانظمة المستبدة. والجهاد الاسلامي حركة اخوانية العقيدة كيف تنظر الى مفهوم العنف؟ وكيف يقرأ ابو عمر الاشقر مفهوم العنف لدى الجهاد الاسلامي؟

كثيرون كانوا لا يعرفون الإسم الحقيقي للحاج “أبو عماد”، أحد أبرز قادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الى ان تسلّم بطاقة الدعوة لمناقشة كتابه (اشكالية الدولة الاسلامية – تصوّر الحركات الاسلامية المعاصرة).

يتولى معين الرفاعي (أبو عماد)، ممثّل حركة الجهاد في لبنان منذ العام 1995. وهو الذي هجّرت عائلته عام 1948 من صفد شمالي فلسطين المحتلة. وانتمى إلى “الجماعة الإسلامية في لبنان”، التي التزم صفوفها قبل انتقاله إلى حركة الجهاد الإسلامي، والتي يُعد من مؤسسيها ومسؤولا فيها منذ 1995 حيث تسلّم مهامه كممثل لها في لبنان، ولا يزال حتى اليوم. وابرز مبادئه انه يؤمن بضرورة المزاوجة بين التنمية والمقاومة، وضرورة إخراج التنمية من دائرة التبعية الغربية، وفلسطين التي اغتصبت بالقوة لن تسترد الّا بالقوة، وليس بأية وسيلة أخرى.

إقرأ ايضا: استبعاد الإخوان المسلمين عن لائحة الإرهاب الاميركية يثير تساؤلات

فرغم كثرة عدد الحركات الوطنية التي كانت تُنادي بتحرير فلسطين، اضافة الى الحالة التي كانت تعيشها الحركة الإسلاميّة حينها من إهمال للقضية الفلسطينية، ظهرت “حركة الجهاد الإسلامي”، كفكرة وكمشروع فـي ذهن مؤسسها فتحي الشقاقي، حلًا لهذا الاشكال في سبعينيات القرن الماضي، وهي الحركة المتأثرة بالثورة الايرانية رغم انتسابها عقائديا الى حركة الاخوان المسلمين، الا ان سياستها كانت تنتهج الخط الإيراني ولازالت، حيث تؤمن الحركة بممارسة “الجهاد المسلح” ضد المصالح الاسرائيلية.

فهل الجهاد هو العنف؟؟

فقد تميّزت بعض الفصائل الفلسطينية مع وديع حداد وغيره بالعمل الثوريّ والعنف في سبيل التحرير. وهي ميزة سجلت لصالح وديع حداد الا ان الاسلاميين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين لم يكونوا في هذا الجو من الثورية، نظرا لموقف حسن البنا في “رفضه لمنطق الثورة”، بحسب الرفاعي نفسه في كتابه المذكور.

اضافة الى موقف الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه “الحل الاسلامي فريضة وضرورة”، الذي يعتبر “ان الاستبداد لم يكن ولن يكون طريقا للحرية، والقوة العسكرية لن تفرض الحرية، بل غالبا ما تكون هي التي تخنق الحرية”. ورفض محمد بديع، المرشد الحالي للاخوان المسلمين “اللجوء الى العنف كمنهج أصيل”.

إقرأ ايضا: ايران تفتح ابوابها لـ «الجهاد الاسلامي»

لكن بالمقابل، فان حسن البنا “لم يكن يرفض العنف كمبدأ استخدام القوة واللجوء اليها كوسيلة من وسائل التغيير الذي يسعى الاخوان الى إحداثه”. فهل أن إتهام الإخوان المسلمين بالعنف يعود في اساسه الى افكار حسن البنا الذي لم يكن يستبعد خيار العنف في مرحلة ما؟

حيث كان حسن البنا، بحسب “أبو عماد” قد شدد على ان “اقامة دولة الاسلام” هو هدف الاخوان المسلمين، ولكن من هي الدولة المعاصرة التي يمكن القول انها تمثّل دولة الإخوان المسلمين في العصر الحالي؟ علما ان الثورة التونسية لم تدفع بحركة “النهضة” الى السيطرة على الحكم في تونس، بل اثبتت انها اكثر حركة إسلامية ديموقراطية. ولم تستعجل هذه الحركة التغيير العنفيّ على الطريقة الشيعية الايرانية، والتي أوصلتهم نهاية الثمانيينيات الى اعلان الجمهورية الاسلامية الشيعية الاولى في العالم الحديث، وبقي الاخوان المسلمين رغم انتشارهم وعددهم الهائل، مقارنة بالشيعة، لم يتصدّروا أية قيادة سياسية في العالم العربي.

إقرأ أيضا: نساء من أجل فلسطين: مركز إعلامي يشرح معاناة المرأة الفلسطينية

والعنف المسلح كان وجها من وجوه الحركة الإسلامية في أكثر من بلد، نتيجة المواجهة مع الانظمة، كما حصل في الثمانينات في سوريا وفي مصر، ويحصل اليوم.

فهل ان الحركة التي الاسلامية التي تنادي بما يُعرف بـ”المفاصلة”، هي الوجه الآخر لفلسفة التكفير والهجرة التي تقسم المجتمع الى “فسطاطين” مؤمن وكافر؟

أليست هذه “المفاصلة” وهذا الفصل، هو الوجه المدني للعنف الإسلامي؟ اضافة الى ما نشهده من عنف مسلح حاليّا، ومنذ نهاية الثمانينات، وفي مصر بشكل خاص؟

العنف هو أداة الإسلاميين في عدة مراحل، لكن اللافت إتبّاع حركة الجهاد الإسلامي، لسياسة الجمهورية الاسلامية الايرانية في تشددها تجاه اسرائيل عسكريا، ومهادنتها في القضايا الداخلية حيث يُعرف عنها انها الوسيط الخفيّ في المصالحات بين كل من حركتي “فتح” و”حماس”، وبقية الفصائل في غزّة مثلا. وبهذا تكون حركة الجهاد الاسلامي، حركة اخوانية العقيدة، ايرانية السياسة، فلسطينية الهوى.

في اتصال مع المحلل الفلسطيني في الشأن الاسلامي الاخ عامر الأشقر (أبو عمر)، قال لـ”جنوبية” حول فلسفة الجهاد الاسلامي في اللجوء الى العنف “اصول العنف لا ترجع الى حسن البنا، بل الى مؤلفات سيد قطب. عندما عاد من اميركا وشاهد المجتمع الاسلامي الفاسد، نقم عليه، ووضع أفكاره حول العنف، بل صار أعنف. لكن حسن البنا كان يوّجه أفكاره عبر رسائل للجمهور العام. في حين ان سيد قطب ألفّ كتبا، درّسها الاخوان في الحلقات منها كتابه “معالم في الطريق”، مما زرع العنف في داخل الفكر الاسلامي الحديث. وحزب الدعوة العراقي يعتبرون ربائب الاخوان المسلمين. ولا بد من القول ان أيمن الظواهري الذي يدعو الى العنف داخل المجتمع المصري، هو ابن هذه المدرسة، بهدف اثارة المجتمع ضد السلطة”.

إقرأ أيضا: الأسيرة المحررة هناء الشلبي: عاتبة على حكومة غزة

وتابع الاشقر، فيقول “فالدكتور ابو عماد الرفاعي قدّم فكره في اطروحته الجامعية هذه، وهم الذين جاءوا من رحم الاخوان المسلمين، لكن فتحي الشقاقي أخذ مسارا آخرا، ولما نشأت حركة الجهاد لم تكن حركة حماس قد دعت الى الجهاد، ولم تكن تؤمن به أصلا، فالشقاقي كان متأثرا جدا بالامام الخميني”.
وختم الاشقر “تعتبر حركة الجهاد الإسلامي الحركة الوحيدة الفلسطينية الاسلامية التي تؤيد ايران، ولكنها ليست الأكثر تشددا عقائديا، مقارنة بحماس والاخوان، فحماس والجهاد تختلفان في طريقة استعمال العنف، وحول ما اذا كان هذا العنف يطال الجنود الاسرائيليين فقط كما تقول حركة الجهاد، ام الجنود والمدنيين معا، كما تقول حماس”.

السابق
لماذا تجاهل نظام الأسد الغارات الإسرائيلية الداعمة لقصف ترامب؟
التالي
التحالف الدولي يقتل 6 قيادات لداعش في كركوك