كيف نفذ «داعش» عملية هروب البغدادي من الموصل؟

كيف هرّب البغدادي من الموصل، مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية في الشرق الأوسط باتريك كوكبيرن يسلط الضوء على هروب زعيم تنظيم الدولة الإسلامية.

بعدما تمكن مقاتلو داعش من إعادة فتح الطريق الغربي المحاصر في الموصل منذ شهرين إثر هجوم شرس ، صرّح أحد المسؤولين الأكراد بأنّ قائد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام أبو بكر البغدادي قد تمكن من الهروب من الموصل.

وقال فؤاد حسين رئيس طاقم حاكم كردستان مسعود البارزاني في مقابلة مع صحيفة “ذا إنديبندنت” أنّ داعش استخدمت 17 سيارة مفخخة في الموصل وبعض وحداتها من سوريا لفتح الطريق المؤدي إلى خارج الموصل لبضع ساعات”. ويظن هو وغيره من القادة الأكراد بأنّ داعش لا تقوم بعملية من هذا النوع، حيث تعرضوا فيها لخسائر فادحة، إلاّ اذا تعلق الامر بحماية البغدادي.

وقد تمكن البغدادي من الهروب بعد سقوط شرق الموصل وقبل أن تبدأ القوات العراقية في 19 شباط هجومها النهائي على غرب مدينة الموصل الخاضع لسيطرة داعش. ويضيف فؤاد حسين بأنّ المعركة كانت شرسة جدا خاصةً وأنّ داعش استدعت 300 من مقاتليها في سوريا للدعم. وكانت المنطقة الغربية الخاضعة لسيطرة الحشد الشعبي العراقي هي الممر الوحيد أمام داعش للخروج من الموصل، وتمكنت من ذلك بعد سيطرتها الوجيزة على الطريق المؤدية لخارج الموصل وبعد تراجع قوات الحشد الشعبي.

وتوقع فؤاد حسين بأنّ داعش ستستمر حتى بعد سقوط الموصل، حيث لا يزال مقاتلوها يحتلون المدينة القديمة التي يبلغ  عدد سكانها 400 ألف نسمة وفقًا للأمم المتحدة. وأضاف “لكني لا أعتقد أنّهم سيبقون على قيد الحياة ويستمرون كدولة”. ويتوقع أن تعود داعش إلى أن تكون منظمة حرب عصابات تنفذ هجمات إرهابية ولكن دون مواردها السابقة. وعلى الرغم من انهيارها الحالي، فإنّها لا تزال تتمتع بملاذات آمنة في أجزاء مختلفة من العراق وسوريا حيث يمكنها اعادة تكوين نفسها.

وتكمن المشكلة في العراق في غياب خطة سياسية واضحة لتقاسم السلطة وإدارة الأراضي المستعادة بعد سقوط الموصل وهزيمة داعش. وقال فؤاد حسين إنّه من المتوقع أن يجري جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب وكبير مستشاريه، زيارة إلى أربيل يوم الثلاثاء للإطلاع بنفسه على مسار الحملة ضد داعش. وقد وصل كوشنر إلى بغداد يوم الاثنين، ورافقه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، كما التقى برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

سيصطدم كوشنر عندما يصل إلى أربيل، بالوضع السياسي والعسكري المعقد حتى بمعايير السياسة العراقية. عندما بدأ الهجوم ضد داعش في 17 تشرين الأول من العام الماضي، تمّ اتفاق عسكري بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية حيث كانت إحدى بنوده ان البشمركة الكردية لن تلعب إلاّ دوراً عسكرياً محدودا، يقتصر سهل نينوى شرق الموصل. ولكن لم يكن هناك اتفاق سياسي حول كيفية توفير الأمن على المدى الطويل لمختلف الأحزاب والميليشيات والطوائف والجماعات الإثنية التي تعيش في الموصل وحوله.

يضيف حسين بأنّه لم يتم الاتفاق على خطة سياسية واضحة للموصل بعد خروج داعش منها، لأنّ وضع خطة سياسية كان من شأنه أن يثير قضايا مختلف عليها من قبل جميع الأطراف ممّا قد يحول دون شن حملة عسكرية ضد داعش. وليس واضحاً الآن من سيتحكم بالسلطة في الموصل على المدى الطويل كما في ذلك مصير الأكراد والمسيحيين الذين أجبروا على الخروج من المدينة. وأيضًا ليس هنالك اثر للجيش العراقي في الموصل، فمعظم الحواجز تابعة للحشد الشعبي الذي يتبع العديد من عناصره  إلى الأقلية الشيعية الناطقة باللغة الكردية المعروفة باسم الشبك.

إقرأ أيضاً: جنرال عراقي يكشف عن مخبأ البغدادي

وتعرض السنة من أهل الموصل إلى صدمات كثيرة بفعل الحصار المستمر منذ ستة أشهر والذي يدمر جزءًا كبيرًا من المدينة. ويقول حسين بأنّه كان من الخطأ الاعتقاد أثناء التحضير والتعبئة لعملية الموصل بأنّ داعش ستهزم بسرعة أو أنّ سكان المدينة سيثورون ضد الجهاديين. وقال حسين “كان هناك قناعة في بغداد بأنّ انتفاضة كبيرة ستحصل ضد داعش في الموصل”. هذه القناعة الزائدة بحصول انتفاضة والتفاؤل المفرط بسهولة هزيمة داعش دفعت الحكومة العراقية أن تطلب من الناس التزام بيوتهم مما تسبب بخسائر فادحة في صفوف المدنيين.

ولا يشك حسين في أنّ داعش سوف يهزم في نهاية المطاف في الموصل. ولكن، منطق الحرب سيطغى وسيتشبث كل فريق بالأراضي المسيطر عليها حاليًا ما لم يكن هناك اتفاق حول ما يجب القيام به في المرحلة القادمة.

إقرأ أيضاً: البغدادي الى أفغانستان.. فأين ستقع المواجهة القادمة؟

وهناك انعدام أكبر للأمن في السهول المحيطة بالموصل،  حيث لا تزال العديد من البلدات والقرى، التي استعيدت من داعش في العام الماضي، مهجورة. وعلى سبيل المثال، فإنّ مدينة قرقوش المسيحية، التي استعيدت من داعش في العام الماضي، تعاني منذ فترة طويلة من انقطاع تام بالكهرباء والمياه العذبة. ويقول الزعيم المسيحي المحلي يوحنا توايا بأنّ مجتمعه لن يعود ما لم يحصل على ضمانات بالحماية من حكومتي بغداد وإقليم كردستان”، وأضاف أن عائلتين أو ثلاثة من العائلات المسيحية تغادر كل يوم إقليم كردستان ، متجهة إلى لبنان أو أستراليا.

وتبقى الحقيقة بأنّه في كل مكان هناك مليشيات تمولها جهات مختلفة، تدعي أحقيتها في السلطة والمال والأرض، وهو ما يفاقم انعدام الثقة بين مختلف المجتمعات فيما بينها في شمال العراق.

لقراء المقال باللغة الإنكليزية اضغط هنا

السابق
بيان مضاد: آل يعقوب يتضامنون مع حسن يعقوب ويكذبون التبرؤ
التالي
الأطفال النازحون: مواهب مبدعة يرعاها «المركز الكويتي للتعليم النوعي»